تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومعنى تحقيق المناط في الاصطلاح هو: (إثبات العلة في الفرع) المذكرة ص380 أو هو (إثبات العلة المتفق عليها بنص أو إجماع بالاجتهاد في صورة التراع) البحر (ج5 ص256)، وهو ما عبر عنه الشاطبي بقوله: ومعناه (أن يثبت الحكم بمدركه الشرعي لكن يبقى الحكم في تعيين محله) وذلك أن الشارع إذ قال {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} وثبت عندنا معنى العدالة شرعا افتقرنا إلى تعيين من حصلت فيه هذه الصفة، وليس الناس في وصف العدالة سواء بل إننا إذا تأملنا العدول وجدنا لاتصافهم بها طرفين وواسطة (طرف أعلى) في العدالة لا إشكال فيه كأبي بكر الصديق (وطرف آخر) وهو أول درجة في الخروج عن مقتضى الوصف كالمجاوزة لمرتبة الكفر إلى الحكم بمجرد الإسلام فضلاً عن مرتكبي الكبائر المحدودين فيها، وبينهما مراتب لا تنحصر وهذا الوسط غامض لابد فيه من بلوغ حد الوسع وهو الاجتهاد (الموافقات ج4 ص90).

وقبل تحقيق المناط (إثبات العلة في آحاد صورها بالنظر والاجتهاد في معرفة وجودها في آحاد الصور بعد معرفتها في نفسها) كتحقيق ان النباش سارق، وكتحقيق جهة القبلة التي هي مناط وجوب استقبالها المشار إليه بقوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} والإشهاد المشار إليه بقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} وتحقيق المثل في قوله تعالى: {فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} فجهة القبلة مناط وجوب استقبالها ومعرفتها عند الاشتباه مظنونة، والعدالة مناط قبول الشهادة ومعرفتها في الشخص المعين مظنونة، وكذلك المثل في جزاء الصيد (نشر البنود ج2 ص207 الإبهاج ج3 ص89).

وقيل تحقيق المناط (إثبات الحكم في صورة النزاع) فإن كان بواسطة تطبيق النص العام على أفراده فليس بقياس، وقد سبقت أمثلته من الإشهاد وجزاء المثل، وإن كان بواسطة العلة فهو قياس، وقد سبق التمثيل له بجعل النباش سارقاً، ويمثل له بإثبات الطهارة للفأرة والكلب قياساً على الهرة بعلة التطواف، وإذا علم معنى تحقيق المناط بأمثلته انتقلنا إلى تطبيقه على توسعة المسعى وذلك أن الله عز وجل نص على مناط التطواف (السعي) بينهما ومعرفة أن الزيادة واقعة بين الصفا والمروة مظنونة فنثبت أنها واقعة بينهما بالاجتهاد والنظر والتحري في أدلة ذلك وأماراته، وكما أن جهة القبلة تعرف بأمارات مثل مهب الريح والشمس والقمر والنجوم، والعدالة لها أمارات كذلك، فكذلك كون الزيادة في المسعى داخلة وواقعة بين الصفا والمروة بأدلة وأمارات وهي موضوع النقطة الثانية.

النقطة الثانية: في الاستدلال على أن الزيادة واقعة بين الصفا والمروة بما ورد من كلام العلماء وأهل الخبرة من أهل مكة المكرمة:

1 - شهادة الشهود في المحكمة الشرعية بمكة المكرمة من أهل الخبرة وكبار السن على أنهم عاينوا الصفا والمروة قبل أن يهدما من الجهة الشرقية وقالوا: إن الصفا كان ممتدا إلى جبل أبي قبيس، والمروة ممتدة إلى جبل قعيقعان، وقد ذكر كل من الإمامين ابن جزي والطاهر بن عاشور- رحمهما الله- هذا في تفسير قوله تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ} الآية، وعبارة الطاهر (والصفا والمروة اسمان لجبلين متقابلين، أما الصفا فهو رأس نهاية جبل أبي قيس، وأما المروة فهو رأس منتهى جبل قعيقعان) (التحرير ج2 ص60).

2 - ما ذكره الفقهاء والمؤرخون واللغويون مثل الأزرقي والفكاهي والأزهري والفيومي وابن سيدة والفاسي والقطب الحنفي وابن منظور والفيروز أبادي وغيرهم في التعريف بالصفا والمروة ومعنى تسمية كل منهما جبل ممتد على جميع الجهات مما يدل بوضوح على أن التوسعة واقعة بين الصفا والمروة وبدليل امتدادهما من الناحية الشمالية الشرقية، وهناك من العلماء مثل (العلامة الشيخ محمد سالم بن عبد الودود) من يرى أن التوسعة الجديدة لم تستوعب المسافة العرضية للصفا والمروة (المسعى).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير