وقال تعالى: (فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12) غافر.
وقال تعالى: (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4) الشورى.
وقال تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) الشورى.
وقال تعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الأعلى.
وتأتي صفة العلو في القرآن لتدل على علو المكان أو على المكانة؛
ففي علو المكانة والغلبة؛
قال تعالى: (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68) طه.
وقال تعالى: (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) النمل.
وفي علو المكان والمكانة؛
قال تعالى: (لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) الصافات.
وفي علو المكان؛
قال تعالى: (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) النجم.
فصفة العلو لله ثابتة في القرآن الكريم، وإثباتها في السنة هو إثبات لها بدليل آخر، فلو لم يوجد دليل على هذا الإثبات في السنة، لما نفي عدم وجوده ثبات هذه الصفة في القرآن الكريم.
فلا يحول موضوع سؤال الجارية عن الله إلى موضوع إثبات علو الله بهذه القصة.
ثانيًا: سؤال الجارية سؤال خاص، لوضع خاص، لمن لا يستطيع أن يصرح بإيمانه، والنطق بالشهادتين كما ينبغي أن تقال.
وسواء ما ذكره الإمام البيهقي رحمه الله تعالى أن الإمام مسلما " أخرجه مقطعا من حديث الأوزاعي وحجاج الصواف، عن يحيى بن أبي كثير دون قصة الجارية، وأظنه إنما تركها من الحديث لاختلاف الرواة في لفظه "، أو لم يخرجه مقطعًا، فإن الجارية الأعجمية محتاجة لأسلوب يعرف بها إيمانها لم يقدر عليه صاحبها، فجعل ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام، فعرف هذا الأسلوب من كشف الروايات الأخرى له.
ثالثًا: أننا نرفع أيدينا، ونفتح أكفنا باتجاه السماء، ونتوجه بقلوبنا نحو السماء، لأن السماء هي جهة نزول الرحمة، وهذا ما جعل بعض العلماء يقول أن السماء قبلة الدعاء.
والإقبال قد يكون بالوجه مع بقاء الجسد في مكانه، أو الوجود في نفس المكان؛
قال تعالى: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30) القلم.
وقد يكون الإقبال بالجسد كله إلى شيء أو جهة لا يريد غيرها.
قال تعالى: (يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ (31) القصص.
وقال تعالى: (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94) الصافات.
والإقبال في الصلاة جهة الكعبة لا يقبل إذا كان للوجه فقط، وتوجه باقي الجسد إلى أحد الجانبين.
فالإقبال إلى القبلة يكون بكامل الجسد من أمام.
ففتح اليدين ورفعهما جهة السماء يكون مع إقبال النفس نحوها، وكأن الداعي يرى الله عز وجل؛ إن كان على حال المحسنين، فالجهة التي تناسب عظمة الله وتكون بلا حدود تقف عندها هي الجهة العليا؛ أي جهة السماء. وليس ذلك لأن الله عز وجل في السماء.
وقد يكون في القول بأن السماء قبلة الداعين فيه تجاوز، وأن القبلة تحدد بأمر شرعي قابل للنسخ، كما حصل في تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، وان الدعاء من العبادة، والتوجه فيه إلى القبلة كما في الصلاة أحضر للقلب.
رابعًا: جاء في بعض الأحاديث كأن الله تعالى هو المقصود وحده في السماء؛
: " ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " [أخرجه الترمذي وصححه وأبو دواد وصححه العراقي والذهبي]
: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا " [أخرجه مسلم]
: " ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحًا ومساءً" [أخرجه البخاري]
وحديث آخر تكلم في صحته العلماء ولو حسنه بعضهم؛
: " اللهم إنك واحد في السماء، وأنا في الأرض واحد أعبدك "؟ [أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية وحسنه الذهبي والمناوي وابن حجر.]
¥