تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا المستعجم لا يستطيع أن يقول مثلا إن للمسيحية ثقلها الكبير على بلاد العرب، بل كل ما يقدر عليه هو أن يقول إنها "تَزِن بوَزْنٍ كبير على المنطقة" (ص162. وقد ورد هذا التعبير أيضا فى الصفحة رقم 96 حيث يقول إن "أوربا، وهى طليعة الإنسانية، طردت كل القوى الخفية التى وزنت بوزن كبير على البشر من آلهة وشياطين وأرواح وملائكة"). ترى ما دور الأعاجم فى معاونة الرجل وتحبير صفحات كتبه؟ لقد رآها عندهم هكذا: " peser lourdement sur…\ to weigh heavily upon…"، فترجمها على معناها المادى الأصلى دون فهم للسياق، وهذا أقصى مداه، فكله عنده صابون. مسكين! وقد سبق أن استعملها فى رأس الصفحة السابعة والعشرين من الجزء الأول، إذ قال: "إن تاريخ الأديان كتاريخ لا يزن بوزن يُذْكَر أمام مجال المعتقد ذاته ثم أعادها على سبل التأكيد فى أسفل الصفحة ذاتها مع بعض التغيير: "هناك وَزْن تاريخٍ طويلٍ جدا ... أتى من الغياهب". ومن تلك الأخطاء المستعجمة قوله عن مفهوم الفارقليط: "إن مفهوم الباراكلبتس كان لا بد من قبل منشغلا فى ذهن النبى ... كما انشغل فى ذهن مانى قديما" (ص166). أرأيتم إلى هذه الدُّرَر؟ إنها المرة الأولى، ولسوف تكون الأخيرة، التى أسمع فيها بفكرة تنشغل فى ذهن صاحبها! إنجليزى ده يا مرسى؟

ومن عجمته أيضا تسميته الإسلام: "دين التوحيدية" (ص202)، وقوله تفسيرا لاعتراض المشركين على اختيار الله سبحانه للرسول بدلا من "رجل من القريتين عظيم" بأنه عليه الصلاة والسلام "لم يكن شيئا اجتماعيا" (ص208)، وكذلك جَمْعه كلمة "نواة" على "نواتات" (ص213)، ثم ذلك التركيب العجيب الذى لا أذكر أننى رأيته عند أحد سوى هشام جعيط: "وإنْ نحن نجدها فى "المزَّمِل" ففى الآية 20 الأخيرة" (225). ترى هل يصعب عليه إلى هذا الحد أن يقول: "وإنْ (نحن) وجدناها ... وقد تكرر هذا التركيب الشاذ مرة أخرى على الأقل فى قوله: "وإن هى (أى آلهة القرشيين) لا تتماهى معها (أى مع الملائكة) فهم يعترفون بوجود الملائكة" (ص280). ومن الأعجميات عنده كذلك التركيب التالى الذى يستعمل فيه "إنما" فى جملة اسمية بدون اسم "إن وهو ما لم أسمع به من قبل فى الفصحى لا عند كاتب محترم أو غير محترم: "وإسلام أهل مكة المزعوم إنما مرتبط بالغرانيق" (ص227)، وقوله عن المطعم بن عدى إنه "لم يُذْكَر إلا بقلّة، والأقرب عن خطإ، فى قوائم أصحاب الجدل والمعاداة" (ص232)، وهو كلام أشبه برُقْيَة النملة. ومنها قوله عن قصة الغرانيق: "ومفادها بكلمة أن الشيطان حسب التقليد ألقى على لسان النبى آيتين فى مدح آلهة قريش ... " (ص272)، والمقصود بـ"التقليد" روايات السيرة والحديث النبوى طبقا لرطانة ذيول الاستشراق، إذ هى ترجمة حرفية قميئة لمصطلح " Tradition"، الذى يستخدمه المستشرقون، بمعنى "السُّنّة" و"التراث" وما أشبه. وهناك كذلك قوله عن تأثر الأسرة، أىّ أسرة، بظهور الرجال العظام فيها أو عدمه: "هل يزن الوسط العائلى بوزنه فى انبثاق شخصية عظماء الرجال أم يزن نقضا؟ " (ص254). وهو كلام ككلام شمهورش غير قابل للفهم. وأما قوله إن القرآن هو "من قلة المصادر الدينية الصحيحة التى صورت واقع النزاع القائم" (ص255) فهو كلام خواجات يُقْصَد به أن القرآن هو من تلك المصادر القليلة. ثم نجىء إلى قوله على طريقة العَوَامّ: "هم فى حالة عداء مستمر بين بعضهم" (ص300)، بدلا من " ... بين بعضهم وبعض" ... إلخ.

وبالنسبة للمنهج الذى يذكر جعيط أنه سيتبعه فى كتابه نراه يقول، فى مفتتح الفصل الأول من الجزء الثانى، عن الروايات المتعلقة بالسيرة النبوية فى كتب التراث إنه "لا بد للمؤرخ من نقدها وفحصها بكل دقة، فلا يمكن تغليب رواية على رواية أخرى حسب الأهواء أو لإثبات فكرة كما فعل كثير من المؤرخين المحدثين، بل يجب على المؤرخ أن يتجنب تصديق المصادر بدون رويّة بقدر ما يتجنب الإجحاف فى النقد والرفض بدون حجج. والمصادر خاضعة بالأساس للمنطق التاريخى".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير