تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عمر، ثم أعطته الصحيفة وفيها "طه". فلما قرأ صدرا منها قال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه! فلما سمع خَبّاب قوله طمع فيه فخرج وقرأ عليه السورة، وقال: يا عمر، إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه، فإني سمعته أمس يقول: "اللهم أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك: بعُمَر أو عمرو بن هشام".

قال عمر: فدُلَّني على محمد حتى آتيه فأُسْلِم. فدله عليه، فخرج حتى انتهى إلى دار الأرقم المخزومي فضرب عليهم الباب. فلما سمعوا صوته قال الأرقم: يا رسول الله، هذا عمر بن الخطاب متوشحًا بسيفه. فقال حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه: إن كان يريد خيرا بذلناه له، وإن كان يريد سوى ذلك قتلناه بسيفه، فأْذَنْ له. فدخل ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقيه في الحجرة فأخذ بحُجُزته أو بمجمع ردائه ثم جبذه جبذةً شديدة، وقال: "والله ما أراك تنتهي أو يُنْزِل الله بك قارعة. فقال: جئتك لأومن بالله ورسوله وما جئتَ به من عند الله، فقد سمعتُ قولاً لم أسمع مثله قط. فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت بها أنه قد أسلم، وتفرق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكانهم ذلك، وعَزُّوا بإسلام حمزة وعمر، وعلموا أنهما سيمنعنان رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتصفان له من عدوه. ولما أسلم عمر نزل جبريل فقال: قد استبشرنا بإسلام عمر.

قال الواقدي: فحدثني محمد بن عبد الله عن عمه ابن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب، قال: أسلم عمر بعد أربعين رجلاً وعشر نسوة، فما هو إلا أن أسلم حتى ظهر الإسلام بمكة. حدثني محمد بن سعد: ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق: حدثنا القاسم بن عثمان عن أنس بن مالك، قال: خرج عمر متقلدا السيف، فلقيه رجل من بني زهرة فقال: أين تعمد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمدا. قال: وكيف تأمن بني هاشم وبني زهرة إذا فعلت ذلك؟ فقال له عمر: ما أراك إلا قد صبوت. فقال له: أفلا أدلك على أختك وختنك؟ فقد صبآ وتركا دينك الذي أنت عليه. فمشى عمر متذمرا حتى أتاهما، وعندهما خباب بن الأرت رضي الله عنه. فلما سمع خباب حِسّ عمر توارى في البيت، فدخل عليهما فقال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟ قال: وكانوا يقرأون "طه". فقالا: حديث تحدثناه بيننا. فقال: لعلكما قد صبأتما؟ فقال ختنه: أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ قال: فوثب عليه عمر فوطئه وطئا شديدا، فجاءت أخته فدفعته عن زوجها فنفحها نفحة بيده فدمَّى وجهها، فقالت وهي غضبى: يا عمر، إن الحق لفي غير دينك. اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. فقال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم أقرؤه. وكان عمر يقرأ الكتب، فقالت أخته: إنك نجس، وإنه "لا يمسه إلا المطهرون"، فقم فاغتسل أو توضأ. فقام فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ "طه" حتى انتهى إلى قوله: "إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري فقال: دلوني على محمد. فلما سمع خباب رضي الله عنه قول عمر خرج من البيت فقال: أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الخميس لك، فإنه قال: "اللهم أَعِزَّ الدين بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام". قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار التي في أصل الصفا، فانطلق عمر حتى أتى الدار، وعلى بابها حمزة رضي الله عنه وطلحة وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فلما رَأَوْه وَجِلُوا منه، فقال حمزة رضي الله عنه: هذا عمر. فإن يرد الله به خيرا يسلم، وإن يكن غير ذلك يكن قتله علينا هينا. قال: والنبي صلى الله عليه وسلم حينئذ داخل يُوحَى إليه، فخرج حتى أتى عمر فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل سيفه وقال: ما أراك يا عمر منتهيا حتى ينزل بك من الخزي والنكال كما نزل بالوليد. اللهم هذا عمر بن الخطاب، فأَعِزَّ به الدين. فقال عمر: أشهد أنك رسول الله. وأسلم ثم قال: أخرج يا رسول الله" ... قال الواقدي: هذا أثبت ما سمعنا في عمر ... ".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير