تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(3) وأخرج الهروي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال (كتب أبي إلى عبيد الله بن يحيي بن خاقان ([246]): لست بصاحب كلام , ولا أرى الكلام في شيء من هذا , إلا ما كان في كتاب الله أو في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محدود) ([247])

(4) واخرج ابن الجوزي عن موسى بن عبدالله الطرسوسي قال (سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا تجالسوا أهل الكلام وإن ذبوا عن السنة) ([248])

(5) وأخرج ابن بطة عن أبي الحارث الصايغ قال (من أحب الكلام لم يخرج من قلبه , ولا ترى صاحب الكلام يفلح) ([249])

(6) وأخرج ابن بطة عن عبيد الله بن حنبل قال (حدثني أبي قال: سمعت أبا عبدالله يقول: عليكم بالسنة والحديث وينفعكم الله به , وإيّاكم والخوض والجدال والمراء فإنه لا يفلح من أحب الكلام , وكل من أحدث كلاماً لم يكن آخر أمره إلا إلى بدعة , لأن الكلام لا يدعو إلى خير , ولا أحب الكلام ولا الخوض ولا الجدال , وعليكم بالسُّنن والآثار والفقه الذي تنتفعون به , ودعوا الجدال وكلام أهل الزيغ والمراء , أدركنا الناس ولا يعرفون هذا , ويجانبون أهل الكلام وعاقبة الكلام لا تؤول إلى خير , أعاننا الله وإياكم من الفتن وسلّمنا وإياكم من كل هلكة) ([250])

(7) أورد ابن بطة في الإبانة عن أحمد قال (إذا رأيت الرجل يحب الكلام فاحذروه) ([251])

فهذه أقواله رحمه الله في مسائل أصول الدين وهذا موقفه من علم الكلام

الخاتمة

ظهر لنا مما تقدم تطابق أقوال الأئمة الأربعة , واتفاقها لأن عقيدتهم واحدة , ما عدا مسألة الإيمان التي انفرد بها الإمام أبوحنيفة. وع ذلك قيل إنه رجع عنها.

فهذه العقيدة هي الجديرة بأن تجمع المسلمين على كلمة سواءٍ وتعصمهم من التفرق في الدين لأنها مستمدة من كتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم , فقليل من الناس من يفقه عقيدة هؤلاء الأئمة ويعرفها حق المعرفة ويفهمها حق الفهم فقد شاع أن هؤلاء الأربعة مفوضون لا يعرفون من النص إلا مجرد قراءته وكأن الله ما أنزل الوحي إلا عبثا.

وقد قال تعالى (كتابٌ أنزلناه مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب) ([252])

وقال تعالى (وإنه لتزيل ربُّ العالمين نزلّ به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذزين بلسان عربي مبين) ([253])

وقال تعالى (إنّا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون) ([254])

فالله تعالى أنزل الكتاب لتدبر آياته والاتعاظ به , وأخبر أنه أنزله بلسان عربي مبين ليعقل الناس معناه ويفهموه , وإذا كان الله نزله لتدبر آياته بلسان عربي مبين فإنه يلزم أن يكون معناه مُيسراً علمه لمن نزل إليهم بمقتضى ذلك اللسان , ثم إنه لو لم يكن معناه يمكن علمه لكان إنزاله عبثاً إذ لا فائدة من كلمات تنزل على قوم هي عندهم بمنزلة الحروف المهملة التي لا معنى لها ,

فهذا القول جناية على عقيدة الصحابة والتابعين والأئمة من بعدهم ورمي بها هم منه براء. فهم يعرفون معاني نصوص الوحي ويفقهونها لقربهم من عهد النبوة , بل هم أحق الناس بذلك وهم يتعبدون لله بعبادات فهموها من دلالة الكتاب والسنة واعتقدوها حقاً وشرعاً من عند الله تعالى , فإذا فهموا الطريق الموصل لمعبودهم فكيف لا يعرفون معبودهم بصفات الكمال ولا يعقلون معاني النصوص التي عرف الله بها عباده بنفسه.

الحاصل أن عقيدة الأئمة الأربعة هي العقيدة الصحيحة التي جاءت في الكتاب والسنة من منبع صافٍ لا تشوبه شائبة التأويل والتعطيل أو التشبيه أو التمثيل , فالمعطل والمشبه لم يفهم من الصفات الإلهية إلا ما لا يليق بالمخلوقين وهذا خلاف ما فطر الله عليه العباد من أنه ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.

والله أسأل أن ينفع بهذه الرسالة المسلمين وأن يجمعهم على عقيدة واحدة وطريقة واحدة , عقيدة الكتاب والسنة وهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسنته , والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وصلى الله علي نبينا محمد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ الحواشي

1) سورة آل عمران 102

[2]) سورة النساء 1

[3]) سورة الأحزاب 70 - 71

[4]) كتاب الإيمان ص350 - 351 دار الطباعةالمحمدية , تعليق الهراس

[5]) منهاج السنة 2/ 106

[6]) مجموع الفتاوى 5/ 256

[7]) قطف الثمر ص47 - 48

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير