بطين، وإليه ذهب الشيخ محمد العثيمين.
القول الثالث: أن المراد أن الشيطان لا يطمع أن يعبده المؤمنون في جزيرة العرب، وهم المصدقون بما جاء به الرسول صل1 من عند ربه، المذعنون له الممتثلون لأوامره؛ إذ أن من كان على هذه الصفة فهو على بصيرة ونور من ربه فلا يطمع الشيطان أن يعبده. ذكر هذا الجواب الألوسي.
القول الرابع: ذكره الألوسي أيضا؛ فقال: (يحتمل أن يراد بالمصلين أناس معلومون، بناءً على أن تكون (ال) للعهد، وأن يراد بهم الكاملون فيها .. وهم خير القرون، يؤيد ذلك قول النبي صل1 في آخر الحديث (ولكن في التحريش بينهم) .. يقول الطيبي: لعل المصطفى صل1 أخبر بما يكون بعده من التحريش الواقع بين صحبه رضوان الله عليهم أجمعين، أي: أيس أن يعبد فيها، ولكن يطمع في التحريش).
القول الخامس: ما ذهب إليه أبو العباس القرطبي؛ من أن المعنى (أن المسلمين في جزيرة العرب ما أقاموا الصلاة فيها وأظهروها لم يظهر فيها طائفة يرتدون عن الإسلام إلى عبادة الطواغيت والأوثان، فإذا تركوا الصلاة وذهب عنهم اسم المصلين فإذ ذلك يكونون شرار الخلق، وهذا إنما يتم إذا قبض الله المؤمنين بالريح الباردة .. وحينئذ تضطرب أليات دوس حول ذي الخلصة وتُعبد اللات والعزى).
القول السادس: أن معنى الحديث أن الشيطان قد أيس أن يعبد هو نفسه كما هو ظاهر الحديث، لا أنه أيس من أن يعبد غيره من المخلوقات كالأنبياء والملائكة والصالحين والأحجار والأشجار، ولم يزعم أحد أن الشيطان قد عبد هو نفسه كفاحا مباشرة، وإنما أُطيع في عبادة بعض المخلوقات وأضيفت العبادة إليه لأنه هو الآمر بها الداعلي إليها ".
ثم قال في الترجيح بينها:
" في الحقيقة أن جميع الأقوال السابقة محتملة، وأقواها القول الثاني ثم الأول، وأضعفها القول الخامس والسادس.
أما القول الخامس فلأن فيه أن عبادة الأصنام والأوثان لا تكون إلا في آخر الزمان عند قبض الله تعالى المؤمنين بالريح الباردة، وهذا يرده الواقع؛ إذ أن عبادة غير الله تعالى من الأصنام والأوثان وُجدت بعد وفاته صل1 ولا تزال موجودة حتى الآن والله المستعان. (ولا يمكن أن يدعي أنه لن يعبد غير الله في بلاد العرب في وقت من الأوقات، فإن هذا باطل بالإجماع والضرورة والنصوص المتواترة، وقد كان في بلاد العرب يهود ونصارى وهم يعبدون غير الله حينما قال الرسول صل1 هذا الحديث) [الصراع بين الإسلام والوثنية 2/ 126 بتصرف يسير].
وأما القول السادس فيشكل عليه أمران:
أحدهما: (أنه لم يعهد أنّ العرب المشركين في جاهليتهم كانوا يعبدون الشيطان نفسه، وإنما عهد أنهم أطاعوه في عبادة الأصنام والأوثان التي عبدوها في الجاهلية وفي دولة الشرك والضلال، والحديث يجب أن يوجه معناه نفياً وإثباتاً إلى ما عهد وعلم، لا إلى ما لم يعهد وما لم يعلم، فيجب أن يقال: إن هذه العبادة التي أيس الشيطان منها هي العبادة التي كان أهل الجاهلية يقدمونها إليه وهي طاعته في عبادة غيره من المخلوقات ناطقها وصامتها) [المرجع السابق 2/ 123].
وقد أجيب على هذا الإشكال - أو الاعتراض - بأنه لا مانع من أن الشيطان كان يسعى جهده لإيقاع المشركين عبدة الأصنام والأوثان في عبادته نفسه، وأنه كان يأمل أن يعبدوه حقيقة مباشرة كما كانوا يعبدون الأحجار والأشجار والإنسان والحيوان وغير ذلك من أصناف المعبودات، وأنه كان عظيم الرجاء في أن يصل إلى هذه الغاية الشيطانية العظيمة، فلما انتشر الإسلام واتسعت رقعته وعلا شأنه وارتفع، انقطع على الشيطان رجاءه هذا وأفسد عليه أمنيته هذه ورأى أنه قد ظن باطلاً ورجا ما لن يكون أبدا، فانقلب ذلك الرجاء يأسا، والأمل قنوطا، والسعي خيبة، فأعلن يأسه وباح بإفلاسه، ونادى بويله وثبوره، فأعلن رسول الله صل1 هذه الحقيقة وقال: (إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب).
فإن توجه هذا الجواب كان الإشكال الثاني قائما وهو:
الأمر الثاني الذي يشكل على هذا القول: أن الحديث قد ورد برواية لا يستقيم معها هذا القول، وهي: (إن إبليس يئس أن تعبد الأصنام بأرض العرب، ولكنه سيرضى بدون ذلك منكم .. ) ".
[د. سليمان الدبيخي: أحاديث العقيدة التي يوهم ظاهرها التعارض في الصحيحين / 234 - 238].
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Nov 2010, 06:51 ص]ـ
كل عبادة لغير الله فهي عبادة للشيطان
لقد كان قوم إبراهيم عليه السلام يعبدون الأصنام وكان أبوه من عباد الأصنام، ونجد أن الله تعالى يقول مخبرا عن إبراهيم:
http://www.elazhar.com/quran/image/19_044.gif مريم
ـ[أحمد الرويثي]ــــــــ[22 Nov 2010, 06:54 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
وقد أجيب على هذا الإشكال - أو الاعتراض - بأنه لا مانع من أن الشيطان كان يسعى جهده لإيقاع المشركين عبدة الأصنام والأوثان في عبادته نفسه، وأنه كان يأمل أن يعبدوه حقيقة مباشرة كما كانوا يعبدون الأحجار والأشجار والإنسان والحيوان وغير ذلك من أصناف المعبودات
من عبد غير الله فقد عبد الشيطان وإن لم يشعر أو يقر بذلك
قال تعالى: (((ألم أعهد إليكم يابني آدم آلا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم)))
وقال تعالى عن إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: (((يا أبت لا تعبد الشيطان))) وكان أبوه وقومه يعبدون أصناماً. فمن عبد غير الله فقد عبد الشيطان لا محالة.
فليس هناك إلا عبادة الله أو عبادة الشيطان بطاعته في عبادة غير الله أياً كان.
وفي حديث عدي رض1 (فتلك عبادتكم إياهم).
ولذا كان القول السادس من أضعف الأقوال.
¥