المجتمع - هو أمرٌ غير عِلْمي.
فيلدرز يتهم مصر والسعودية:
والجدير بالذِّكْر أن في خطاب فيلدرز - المكتوب المعنون بـ" للتحرُّر من قيود الإسلام" - اتَّهامًا باطلاً للمملكة السعودية بالتسبُّب في موت بنات في مدرسة حَرْقًا بالنار؛ خوفًا من أن يؤدِّي إنقاذهنَّ إلى كَشْف حجابهنَّ، وذلك عندما نَشَب حريقٌ في المدرسة، فتلقَّى الْحُرَّاس أوامرَ بغَلْق الأبواب في وجوه البنات، وخلفهنَّ النيران المشتعلة بحجة الحفاظ على حجابهنَّ!
كما اتَّهم مصر بالقَذَارة، وأرجَعَ ذلك كلَّه إلى أن الإسلام هو السبب، ثُمَّ دعانا إلى التخلُّص منه!
رفض بناء مساجد جديدة:
كذلك يحذِّر "فيلدرز" من التعامُل مع الإسلام، كما يتعامل المرءُ مع الأديان الأخرى؛ لأنه ليس مجرَّد دين، بل "أيديولوجية شموليَّة ترتكز على الهيمنة والعنف والقَمْع". وحسب رأْي فيلدرز: لا وجودَ لشيءٍ اسمه "الإسلام المعتدل"، ولحماية هولندا من خَطر "الأسلمة"، يجب اتِّخاذ التالي - وهو من برنامج الحزب -: عدم السماح ببناء مساجد جديدة، وإغلاق جميع المدارس الإسلاميَّة، وحَظْر النقاب، وحظر تداول القرآن.
صعود فيلدرز ودخوله البرلمان، وأخيرًا داعم للحكومة!
لقد دخَلَ فيلدرز أخيرًا البرلمان مع فَيلق عنصري من 24 عضوًا، وقد حاوَل التقرُّب من بعض الأحزاب الكبرى - الحزب الليبرالي، والحزب المسيحي الديمقراطي، حتى إنهم اعتمدوا عليه في تشكيل الحكومة الجديدة التي تلقَّتِ الدعم منه باعتباره القادرَ على دعْم حكومة أقليَّة، ووعده بعدم إسقاطها! وأعلنت الحكومة على لسان "مارك روته" أنها تحترم الإسلام مع احترامها لرأْي فيلدرز فيه!
استطاع فيلدرز وحِزْبه - حزب الحرية الشعبوي المعادي للإسلام - أن يحصل على مقاعد كثيرة في البرلمان الهولندي - 24 مقعدًا - وقد عبَّر لنا عنْ شُعوره الآن بعد تصاعُد تأييده في المجتمع الهولندي ووصوله بفَيْلقه العنصري الذي يتكلَّم بلهجة صليبيَّة، ولا غَرْوَ؛ فقد قال أحد أتْباعه: إن حملته صليبيَّة، ومما يشير إلى تنامي قوة فيلدرز وحِزْبه وشعوره بالثقة، هو قوله: "قبل بضع سنوات كنتُ أجلس وحيدًا في البرلمان، والآن يوقِّع حِزْبُنا على اتفاق حكومي"،وقال قبل دَعْمه للحكومة الجديدة: "ليس لدينا سلطة، ولكنَّنا نملك الكثير من النفوذ، وأصبحنا الآن قوة مُهِمَّة جدًّا لا يُمكن تجاهلُها"، و"أن المؤسسة السياسيَّة الهولنديَّة عتيقة تمامًا، ولا يُمكنها إغلاق تلك النافذة التي تتسرَّب منها رياحُنا الباردة".
نتائج صعود فيلدرز وارتِباك الأحزاب، وتشكيل حكومة وراءها دَعمه!
لقد أربكتْ نتائج الانتخابات الهولندية الأخيرة كافَّة المراقبين والأحزاب، بل وأثَّرتْ تحولاتها على المعارضين لفيلدرز.
فرصة سانحة:
تصدر فيلدرز وحِزْبه المشهد العام، بينما تراجع الحزب الحاكم (سابقًا) وأحزاب أُخَرى كانتْ تتصدَّر الواجهة السياسيَّة، مثل: حزب العمل الذي شارَكَ في الحكومة الفائتة، فتزعْزَعتْ أُسس المجتمع الهولندي تزعزعًا كبيرًا، وأثارتْ نتائج الانتخابات الأخيرة الريبة بين عناصره المتناغمة المتنوعة المتسامحة، وتفاقمت من أزمته الداخليَّة، والسبب صعود فيلدرز وحِزْبه إلى جانب الأحزاب الكبرى.
لقد سَقَط الحزب الحاكم، الحزب المسيحي الديمقراطي، وتَراجَعَ إلى المرتبة الرابعة بعد أن تقدَّم حِزْب فيلدرز المعادي للإسلام إلى المرتبة الثالثة بعد حزب العمل الذي حَازَ على المرتبة الثانية، وكان الحزب الليبرالي - حزب تتلْمَذ عليه فيلدرز قديمًا، وكان عضوًا فيه - بقيادة الشاب "مارك روته" قد حازَ على المرتبة الأولى؛ ليتولَّى القيادة الفنيَّة والسياسيَّة في العمل على تشكيل حكومة مشتركة، وقد حصَلَ فيلدرز وحِزْبه على 24 مقعدًا من 150 مقعدًا في البرلمان؛ ولذلك بدأ الصراع حول مَن سيشكِّل الحكومة الجديدة، وزَادَ الأمر صعوبة واضطرابًا في المشهد السياسي أن تأخَّر الاتِّفاق على حكومةٍ متكامِلة للبلاد من 9 يونيو الماضي إلى بداية الأسبوع الأول من أكتوبر الحالي؛ أي: أربعة أشهر تقريبًا أو بالتحديد 127 يومًا من يوم إعلان نتائج الانتخابات إلى يوم تصديق الملكة على الحكومة.
فيلدرز والملكة:
¥