تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الغرب، ويحترمون التعايُشَ والتعارُفَ مع مواطنيهم.

ففي المحصلة هدفُ هذا الرجل هو اتِّهام المسلمين والتحريض على كراهيتهم والسخرية من نسائهم، وهو ما يُنْتِج صُوَر العُنف التي تظهر بين الفَينة والأخرى ضدَّهم، وضدَّ مساجدهم، وقد أدَّتْ بعضُ عمليَّات العنف ضد المساجد بحزب العمل إلى أن يتقدَّم بطلبٍ؛ لإجراء مناقشة مُلِحَّة مع وزير العدل بهذا الشأن، وقد عنونتْ صحيفة "تراو" الهولنديَّة يوم 19 - 10 - 2010م طلبَ حزب العمل بعنوان: "أوقفوا العنف ضد المساجد".

لَم يكتفِ فيلدرز بهذا كلِّه، ولكنه راحَ يُثير المشكلات حتى داخل النوادي الرياضيَّة، فأخيرًا قام حزبه بالنداء: "أوقفوا تدفُّق الأجانب على النوادي الرياضيَّة"، وتقول صحيفة "فولكس كرانت" يوم 22 أكتوبر 2010م؛ تعليقًا على الإعلان: إن حزب الحريَّة أحدث اضطرابًا في نوادي الهواة الرياضيَّة باقتراحه لهم اعتماد سياسة: "لا للأجانب في النادي"، أما بعد تشكيل الحكومة الجديدة، فقد وصَلَ الأمرُ إلى وضْع الْخُطط لمضايقة المسلمات، ومحاولة إرهابهنَّ - بالقانون -وإن اقترَبْنَ من مؤسَّسات الشرطة والقضاء، فهُنَّ لسْنَ مُرَحَّبًا بهنَّ في تلك الإدارات، وكأنه يُشير إليهن بأصابع الخيانة وعدم الثقة، وأخْذِ الْحَذَر منهنَّ، وعدم قبولِهنَّ بحِجَابهنَّ في تلك الأعمال.

أعنف خطاب لفيلدرز:

كذلك وجَّه فيلدرز خطابًا مكتوبًا للمسلمين - وذلك بعد نجاحه في الانتخابات الأخيرة - فيه جملة من الاتِّهامات الطائشة للإسلام والمسلمين نشرتْه صحيفة "إن آر سي" الهولنديَّة يتَّهم فيه المسلمين بالتواكُل والقَذَارة، ويرمي دينهم بأنه سببُ مشكلاتهم! وقال: "الإسلام غير إنساني، وأن هذا هو سببُ احتقار محمد للمرأة، وأنه لا قيمة للبنات في الإسلام، فالإسلام سَلَبَهُنَّ كرامتهنَّ! وإن ذلك واضحٌ في الطريقة التي يعاملون بناتهم بها".

فهل كلام فيلدرز هذا هو اتِّهام للإسلام فقط، أو للمسلمين أيضًا؟

يقول محامي فيلدرز: إن فيلدرز لَم يتَّهم المسلمين حتى يُعاقَب، وإنما اتَّهم الإسلام! وتطالِبُ النيابة العامة ببراءته؛ لأنه لم يحرِّضْ على المسلمين.

فهل الواقع والحقيقة أظهرا أن الإسلام هو مَن دَفَع المسلمين إلى القَذَارة - كما قال فيلدرز في خطابه المكتوب؟ وماذا عن واقع 800 سنة أو ثمانية قرون كان الإسلام - في الأندلس وقُرطبة وغرناطة وصقلية - هو الذي يُعلم أوروبا أن تتنظَّف من قَذَارتها وقذارة شوارعها ومُدنها وقُرَاها وإنسانها، باعتراف كثيرٍ من علماء الغرب؟

إن الذي يُثير عجبي هو أن هذا البرلماني الهولندي لا يرى إلا الإسلام مُسبِّبًا للفقر والقَذَارة، مع أن الأسباب الحقيقة كامنة في عمل الإدارات والحكومات، والسياسات والإمبراطوريَّات والرؤساء، وظروف الفقر والظلم الذي تؤدِّي إليه سطوة طبقة حاكمة أو إمبراطور أو جماعة حاكمة أو رئيس، وقد حَدَث هذا في أوروبا في الماضي والحاضر، كما أن القَذَارة أنواع، فمنها: ما نراه في هولندا الجميلة البنيان والشوارع والقرى، من وجود شوارع الْجِنس القَذِرة المكتظَّة بكلِّ زانٍ وعاهر وراغب، وهي تشوِّه المناطق السكنيَّة، وتؤثِّر على الأطفال والبنات، وكذلك القَذَارة في المقاهي الهولنديَّة التي تبيع المخدرات بأنواعها، وقَذَارة في بيوت المسنين، والإهمال الذي يعرفه الشعب الهولندي للمسنين معروفٌ وشائع، حتى إنك لتجد المسنَّ أحيانًا لا يستطيع أن يغيِّر حاله بنفسه، وتجد رائحته كريهة من الإهمال الذي يلقاه ذلك المسكين، ولا تنسَ أن أكثرَ المسنين الذين لا يستطيعون بأنفسهم القيام بأيِّ عملٍ أو حركة يلبسون "البامبرس" طوال اليوم - الذي أعطى حياته في سبيل رِفعة هذه الأمة. وغالبًا ما تشاهد هؤلاء يمكثون في غرفهم في حالة يُرْثَى لها من حمل البامبرس مع ما فيه، ولا يجد مَن يذهب به إلى الحمام للتنظيف، وهي إهانة كان يجب على فيلدرز وحِزْبه أن يهتموا بها، وقد رأيتُ بنفسي من هذا الكثير والكثير، وقد رأيتُ أنَّ أغلبَ المسلمين العاملين في تلك المؤسَّسات يقدِّمون الرحمة قبل الرعاية، وهو ما يختبره الأهالي والزُّوار، وحَدِّثْ عن الجنس مع الحيوانات وقانونيَّته ولا حَرَج! فأيُّ قذارة أشنع من هذه؟! ولا شكَّ أن إبراز جوانب القَذَارة وعَزْل أسبابها الحقيقيَّة وإغفال الجوانب الإيجابية في

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير