( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57434#_ftn1) .
و على الجانب الآخر ترى علماء الأُمم السابقة لم يعتنوا بالأسانيد، ولم يعتمدوا في أخذ دينهم على نقل الثقة، عن الثقة، لذلك وقع التحريف في كتبهم، وأُدخل عليهم في دينهم ما ليس منه،وقد روى الخطيب البغدادي، عن محمد بن حاتم بن المظفر أنه قال: "إن الله أكرم هذه الأمة وشرفها وفضلها بالإسناد، وليس لأحد من الأمم كلها قديمها وحديثها إسناد، وإنما هي صحف في أيديهم، وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم، وليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة والإنجيل مما جاءهم به أنبياؤهم وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي أخذوها عن غير الثقات ... " [2] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57434#_ftn2).
إن علماء الأمة وعلى رأسهم المحدثون كانوا متيقظين ليل نهار لرصد أي حديث يروى ورصد تاريخ حياة كل من تصدى للرواية، ولهذا فقد قاموا بدراسة حياة ما يزيد على عشرات الألوف من الرواة لمعرفة درجة صدقهم أو كذبهم ولمعرفة درجة حفظهم، فكانوا أدق الناس وأعلمهم في نقل الأخبار ومعرفة درجات الرجال ومعرفة الأسانيد، ولهذا لم يجد الكذابون سوقا لكذبهم إلا وكان العلماء المحدثون الصيارفة لهم بالمرصاد، يبينون زيف عملة الكذابين، فكيف يقال بعد ذلك: إنه كان من السهل اختراع سند ولصقه بأي حديث؟.
أضف إلى ذلك فقد كان للعلماء طرق كثيرة في معرفة رواية كل محدث وتلامذته الذين رووا عنه، فكيف كان يستطيع راو غير معروف بصحبته لمحدث ما أو بسماعه منه أن يدعي بأنه سمع من ذلك المحدث مع أن تلامذة ذلك المحدث معروفون؟ وكذلك فإن علماء الأمة الذين عاشوا في خير القرون قد بذلوا قصارى جهدهم في الذب عن الحديث النبوي الشريف، وقد رصد علماء الحديث في علوم الحديث ما يسمى بالحديث المقلوب، وعرفوا جيدا قلب الأسانيد مع الأحاديث وكانوا يمتحنون بعضهم بقلب أسانيد الأحاديث وذلك لمعرفة مدى حفظ الحافظ للحديث كما فعل علماء بغداد مع الإمام البخاري عندما امتحنوه. وإن قلب الأسانيد عن سهو وبغير قصد مع الأحاديث يعد عيبا كبيرا يطعن بضبط الراوي، لذا كان العلماء يعرفون الرواة الذين يقلبون الأسانيد في أحاديثهم ويحذرون الناس منهم [3] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57434#_ftn3).
وقدحث علماء الصحابة الناس على الاحتياط في حمل الحديث عن الرواة، وألا يأخذوا إلا حديث من يوثق به دينا وورعا، وحفظا وضبطا، حتى شاعت في عرف الناس هذه القاعدة: "إنما هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذونها"وبذلك نشأ علم ميزان الرجال: "الجرح والتعديل" الذي هو عمود أصول الحديث. فقد تكلم من الصحابة في الرجال: عبد الله بن عباس، وعبادة بن الصامت، وأنس بن مالك. وكان كلاما قليلا، لقلة الضعف وندرته. ثم تكلم من التابعين سعيد بن المسيب المتوفى سنة "93هـ" وعامر الشعبي "104هـ" وابن سيرين "110هـ" [4] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57434#_ftn4) و قال يعقوب بن شيبة: "وسمعت علي بن المديني يقول: كان ابن سيرين ممن ينظر في الحديث ويفتش عن الإسناد، لا نعلم أحداً أول منه، ثم كان أيوب (ت 131 هـ)، وابن عون (ت 150)، ثم كان شعبة (ت 160 هـ)، ثم كان يحيى بن سعيد - القطان - (ت 198 هـ)، وعبد الرحمن بن مهدي (ت 198). قلت لعلي: فمالك بن أنس فقال: أخبرني سفيان بن عُيينة قال: ما كان أشد انتقاء مالك للرجال" [5] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57434#_ftn5).
وقد بدأ الاهتمام بالإسناد والسؤال عنه في فترة مبكرة، وذلك في أعقاب الفتن التي بدأت منذ خلافة عثمان رضي الله عنه وأدت إلى التمزق والانفلاق الضخم في كيان المجتمع الإسلامي وظهور الأهواء السياسية المتعارضة والآراء المتعصبة المتدافعة مما أدى إلى ظهور الكذب في الحديث وجعل العلماء يتثبتون في مصادر الرواية ويسألون عن الرجال الذين اشتركوا في نقلها قال محمد بن سيرين "ت110هـ" "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وبنظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم" [6] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57434#_ftn6)
و لقد اشترط البخاري للراوي الضَّبْط وَالْعَدَالَة وَعدم الشذوذ والنكارة والغفلة و البخاري لا يروي إلا عن صدوق يتميز صحيح حديثه من سقيمهو اشترط البخاري لاتصال السند ثبوت اللقاء والسماع بين المتعاصرين وهذا أبلغ في تأكيد اتصال السند و هذه الشروط تمنع الكذابين من ترويج كذبهم، وتحفظ الأحاديث من التحريف و الوضع.
[1] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57434#_ftnref1)- الرد على مزاعم المستشرقين لعبدالله الخطيب ص 5 - 6
[2] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57434#_ftnref2) - شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي ص40
[3] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57434#_ftnref3)- الرد على مزاعم المستشرقين لعبدالله الخطيب ص 18
[4] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57434#_ftnref4)- منهج النقد في علوم الحديث لنور الدين الحلبي ص 56
[5] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57434#_ftnref5)- شرح العلل لابن رجب 1/ 52.
[6] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57434#_ftnref6)- بحوث في تاريخ السنة المشرفة للدكتور أكرم العمري ص12
¥