تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإما إن خرج له في المتابعات و الشواهد و التعاليق فهذا يتفاوت درجات من أخرج له منهم في الضبط وغيره مع حصول اسم الصدق لهم وحينئذ إذا وجدنا لغيره في أحد منهم طعنا فذلك الطعن مقابل لتعديل هذا الإمام فلا يقبل إلا مبين السبب مفسرا بقادح يقدح في عدالة هذا الراوي وفي ضبطه مطلقا أو في ضبطه لخبر بعينه لأن الأسباب الحاملة للأئمة على الجرح متفاوتة عنها ما يقدح ومنها ما لا يقدح.

وقد كان الشيخ أبو الحسن المقدسي يقول في الرجل الذي يخرج عنه في الصحيح هذا جاز القنطرة يعني بذلك أنه لا يلتفت إلى ما قيل فيه قال الشيخ أبو الفتح القشيري في مختصره وهكذا نعتقد وبه نقول ولا نخرج عنه إلا بحجة ظاهرة وبيان شاف يزيد في غلبة الظن على المعنى الذي قدمناه من اتفاق الناس بعد الشيخين على تسمية كتابيهما بالصحيحين ومن لوازم ذلك تعديل رواتهما.

قلت: فلا يقبل الطعن في أحد منهم إلا بقادح واضح لأن أسباب الجرح مختلفة ومدارها على خمسة أشياء البدعة أو المخالفة أو الغلط أو جهالة الحال أو دعوى الانقطاع في السند بأن يدعي في الراوي أنه كان يدلس أو يرسل.

فأما جهالة الحال فمندفعة عن جميع من أخرج لهم في الصحيح لأن شرط الصحيح أن يكون راويه معروفا بالعدالة فمن زعم أن أحدا منهم مجهول فكأنه نازع المصنف في دعواه أنه معروف ولا شك أن المدعي لمعرفته مقدم على من يدعي عدم معرفته لما مع المثبت من زيادة العلم ومع ذلك فلا تجد في رجال الصحيح أحدا ممن يسوغ إطلاق اسم الجهالة عليه أصلا كما سنبينه.

وأما الغلط فتارة يكثر من الراوي وتارة يقل فحيث يوصف بكونه كثير الغلط ينظر فيما أخرج له إن وجد مرويا عنده أو عند غيره من رواية غير هذا الموصوف بالغلط علم أن المعتمد أصل الحديث لا خصوص هذه الطريق وأن لم يوجد إلا من طريقه فهذا قادح يوجب التوقف عن الحكم بصحة ما هذا سبيله وليس في الصحيح بحمد الله من ذلك شئ.

وحيث يوصف بقلة الغلط كما يقال سئ الحفظ أوله أو اهام أوله مناكير وغير ذلك من العبارات فالحكم فيه كالحكم في الذي قبله إلا أن الرواية عن هؤلاء في المتابعات أكثر منها عند المصنف من الرواية عن أولئك

وأما المخالفة وينشأ عنها الشذوذ والنكارة فإذا روى الضابط والصدوق شيئا فرواه من هو أحفظ منه أو أكثر عددا بخلاف ما روى بحيث يتعذر الجمع على قواعد المحدثين فهذا شاذ وقد تشتد المخالفة أو يضعف الحفظ فيحكم على ما يخالف فيه بكونه منكرا وهذا ليس في الصحيح منه الا نزر يسير قد بين في الفصل الذي قبله بحمد الله تعالى.

وأما دعوى الانقطاع فمدفوعة عمن أخرج لهم البخاري لما علم من شرطه ومع ذلك فحكم من ذكر من رجاله بتدليس أو إرسال أن تسبر أحاديثهم الموجودة عنده بالعنعنة فإن وجد التصريح بالسماع فيها اندفع الاعتراض وإلا فلا.

وأما البدعة فالموصوف بها أما أن يكون ممن يكفر بها أو يفسق فالمكفر بها لا بد أن يكون ذلك التكفير متفقا عليه من قواعد جميع الأئمة كما في غلاة الروافض من دعوى بعضهم حلول الإلهية في علي أو غيره أو الإيمان برجوعه إلى الدنيا قبل يوم القيامة أو غير ذلك وليس في الصحيح من حديث هؤلاء شئ البتة والمفسق لأنه بها كبدع الخوارج والروافض الذين لا يغلون ذلك الغلو وغير هؤلاء من الطوائف المخالفين لأصول السنة خلافا ظاهرا لكنه مستند إلى تأويل ظاهرة سائغ فقد اختلف أهل السنة في قبول حديث من هذا سبيله إذا كان معروفا بالتحرز من الكذب مشهورا بالسلامة من خوارم المروأة موصوفا بالديانة والعبادة فقيل يقبل مطلقا وقيل يرد مطلقا والثالث التفصيل بين أن يكون داعية أو غير داعية فيقبل غير الداعيه ويرد حديث الداعيه وهذا المذهب هو الأعدل وصارت إليه الطوائف من الأئمة وادعى بن حبان إجماع أهل النقل عليه لكن في دعوى ذلك نظر ثم اختلف القائلين بهذا التفصيل فبعضهم أطلق ذلك وبعضهم زاده تفصيلا فقال ان اشتملت رواية غير الداعيه على ما يشيد بدعته ويزينه ويحسنه ظاهرا فلا تقبل وأن لم تشتمل فتقبل وطرد بعضهم هذا التفصيل بعينه في عكسه في حق الداعيه فقال أن اشتملت روايته على ما يرد بدعته قبل وإلا فلا وعلى هذا إذا اشتملت رواية المبتدع سواء كان داعية أم لم يكن على ما لا تعلق له ببدعته أصلا هل ترد مطلقا أو تقبل مطلقا مال أبو الفتح القشيري إلى تفصيل آخر فيه فقال إن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير