قال الحافظ: روايته عنه عند البخاري، أخرج له حديثين، قرنه فيهما معاً بمحمد بن سيرين وليس له عنده غيرهما.
الصنف الخامس: رواه ضعفوا بسبب المذهب العقدي أو الفقهي:
وهؤلاء لا أثر لتضعيفهم بذلك. إذا كانوا ثقات وقد سبق في المبحث الأول بيان موقف الإمام البخاري من رواية أهل البدع والأهواء وجل من وصف بالبدعة وضعف بسبب ذلك هم مندرجون في هذا الصنف. لكن أذكر هنا بعض الرواة الذين ضعفوا بسبب المذهب الفقهي، فمن هؤلاء:
1 - ربيعة بن أبي عبد الرحمن:
تكلم فيه بسبب الإفتاء بالرأي.
قال الحافظ فيه: " ثقة فقيه مشهور، قال ابن سعد: كانوا يتقونه لموضع الرأي ".
والبخاري لم يعتمد بهذا التضعيف فقد روى له في صحيحه وكذا سائر الجماعة.
2 - محمد بن عبد الله بن المثني:
أبو عبد الله الأنصاري البصري القاضي، من قدماء شيوخ البخاري ثقة. وثقه ابن معين وغيره، وقال أحمد وغيره: ما يضعفه عند أهل الحديث إلا النظر في الرأي، أما السماع فقد سمع.
والبخاري لم يعتد بهذا التضعيف فقد روى له في صحيحه وكذا سائر الجماعة.
فهؤلاء هم أصناف الرواة الضعفاء الذين خرج لهم البخاري في صحيحه. و لقد بيّن العلامة المعلمي كيف يخرج الشيخان للرواة المتكلم فيهم فقال: ((إن الشيخين يخرجان لمن فيهم كلام في مواضع معروفة.
أحدهما: أن يؤدي اجتهادهما إلى أن ذلك الكلام لا يضره، في روايته البتة، كما أخرج البخاري لعكرمة.
الثاني: أن يؤدي اجتهادهما إلى أن ذلك الكلام إنما يقتضي أنه لا يصلح للاحتجاج به وحده، ويريان أنه يصلح لأن يحتج به مقروناً أو حيث تابعه غيره ونحو ذلك)).
ثالثها: أن يريا أن الضعف الذي في الرجل خاص بروايته عن فلان من شيوخه، أو برواية فلان عنه، أو بما سمع منه من غير كتابه، أو بما سمع منه بعد اختلاطه، أو بما جاء عنه عنعنه وهو مدلس ولم يأت عنه من وجه آخر ما يدفع ريبة التدليس. فيخرجان للرجل حيث يصلح، ولا يخرجان له حيث لا يصلح ".
قال الذهبي: مَن أَخرَج له الشيخان عَلَى قسمين:
- أحدهما: ما احتَجَّا به في الأصول.
- وثانيهما: مَن خرَّجا له متابعةً وشَهادَةً واعتباراً.
فَمَن احتَجَّا به - أو أحدُهما - ولم يُوثَّق، ولا غُمِزَ: فهو ثقة، حديثُه قويٌّ.
ومَن احتَجَّا به - أو أحدُهما - وتُكُلِّم فيه:
فتارةً يكون الكلامُ فيه تعنُّتاً، والجمهورُ على توثيقِه، فهذا حديثُهُ قويٌّ أيضاً. وتارةً يكون الكلامُ في تليينِهِ وحِفظِهِ، له اعتبار، فهذا حديثُه لا يَنحطُّ عن مرتبة (الحسَن) التي قد نُسمِّيها: (من أدنى درجات الصحيح). فما في "الكتابين" بحمد الله رجلٌ احتَجَّ به البخاريُّ أو مسلمٌ في الأصولِ ورواياتُه ضعيفة، بل حَسَنةٌ أو صحيحة. ومن خَرَّجَ له البخاريُّ أو مسلمٌ في الشواهد والمتابَعات، ففيهم مَن في حِفظِه شيء، وفي توثيِقه تردُّد. فكلُّ مَن خُرِّجَ له في "الصحيحين"، فقد قَفَزَ القَنْطَرة. فلا مَعْدِلَ عنه، إلا ببرهانٍ بَيِّن [6] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57446#_ftn6).
نخلص من هذا أن البخاري قد يروي عن ضعفاء في صحيحه لكنه ينتقي من أحاديثهم ما صح و أن بعض أحاديث الصحيح لا يمكن الحكم عليها بالصحة لخصوص أسانيدها ولكن يحكم عليها بالصحة بمجموع طرقها فالتصحيح قائم على أساس تتبع الطرق و الروايات فكثير ممّن تكلّم فيه من رجاله حديثه مخرّج فيه في الشواهد والمتابعات.
[1] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57446#_ftnref1)- شرح لغة المحدث لطارق عوض الله
[2] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57446#_ftnref2)- الإلزامات والتتبع ص 203
[3] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57446#_ftnref3)- تدريب الراوي 1/ 192 اليواقيت والدرر في شرح نخبة ابن حجر للمناوي 1/ 395 - 396
[4] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57446#_ftnref4)- مقدمة الفتح 1/ 381 - 382
[5] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57446#_ftnref5)- منهج الإمام البخاري 135 - 142
[6] ( http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=57446#_ftnref6)- الموقظة 79 - 80
¥