تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وبخصوص العلاقات اليهودية الإسلامية، على وجه التحديد -سواء في الشرق أو الغرب- فإن وثائق جنيزة القاهرة (3) تطلعنا كما بين ذلك حاييم زعفراني (على العلاقات الودية التي كانت قائمة بين أدباء وكبار موظفي الديانتين) ( Haïm Zafrani, 2003:107 note 23).

في ظل هذه الظروف التي تتسم بروح التسامح نحو أهل الكتاب انخرط المسيحيون واليهود مبكرا في عملية التأليف بالعربية، وذلك بعد أن تشبعوا بالثقافة العربية أيما تشبع مقتفين خطى علمائها المسلمين في مجالات علمية مختلفة (4).

وقد بلغ هذا الاحتكاك بين المسلمين وغير المسلمين أَوْجَهُ في الأندلس الإسلامية التي قدمت للإنسانية درسا بليغا في التعايش والحوار والتسامح. إن الأندلس كانت خليطا من الأجناس والأعراق والديانات والمذاهب. إلى جانب العرب الذين وفدوا إليها من الجزيرة العربية ومن الشام والعراق ومصر. كان هناك الأمازيغ والصقالبة والسود والنصارى المعاهدون (الأعاجم) والمولدون واليهود. كما عرف المجتمع الأندلسي لغات متعددة: العربية ذات الانتشار الواسع والنفوذ القوي. اللاتينية المعروفة عند المؤرخين بالعجمية أو اللطينية. الأمازيغية التي سرعان ما تراجع استعمالها أمام العربية. أما اللغة العبرية، وبتأثير من الثقافة العربية، فقد شهدت على يد العلماء اليهود عملية إحياء لها.

إسهام العلماء المسلمين في دراسة الأديان

في ظروف اجتماعية وسياسية وثقافية يطبعها التسامح وتقوم على الحوار كان من الطبيعي أن يتوجه اهتمام بعض العلماء المسلمين نحو دراسة الديانات التي كان لهم احتكاك بها، أو تلك التي أتيحت لهم معرفتها خلال رحلاتهم أو أسفارهم إلى أصقاع أخرى من العالم، حتى وإن لم تكن هذه العقائد من قبيل الديانات السماوية. نخص بالذكر هنا محمد بن أحمد أبا الريحان البيروني الخوارزمي (ت1050م) الذي تعلم خلال إقامته بالهند اللغة السنسكريتية، وألف كتابا يُعد من المصادر النفيسة لمعرفة ثقافة الهند ومعتقداتها الدينية إبان القرن الثاني عشر الميلادي.

والظاهر أن ما كُتب عن الديانات السماوية ولاسيما المسيحية منها كثير. غير أن جزءا لا يُستهان به من هذه الرسائل والكتب ضاع. وما بقي منها دليل قاطع على الأهمية التي كانت تحظى بها مثل هذه الدراسات في الثقافة العربية القديمة. لنذكر على سبيل المثال لا الحصر بعض الكتب التي يُمكن أن تُدرج في مجال دراسة الأديان:

(الرسالة المختارة في الرد على النصارى) لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت255هـ) (5).

(تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة) لأبي الريحان البيروني (ت440) (6).

(الفصل في الملل والأهواء والنحل) لابن حزم (ت 456) (7).

(الملل والنحل) للشهرستاني (ت548) ( http://illiweb.com/fa/i/smiles/icon_cool.gif.

( الرد الجميل لإلهية عيسى بصريح الإنجيل) للغزالي (9).

(أجوبة الحيارى في الرد على اليهود والنصارى) لابن قيم الجوزية (10).

(مقامع الصلبان في الرد على عبدة الأوثان) لابن أبي عبيدة (11).

وتعزز البحث في هذا المجال بكتب لعلماء مسلمين كانوا في الأصل يهودا أو نصارى. إن الشيخ عبد الله الترجمان الميورقي كان قسيسا وأسلم، وألف عقب اعتناقه الديانة الإسلامية كتابه المعروف بـ (تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب). أما السموءل بن يحيى بن عباس المغربي (ت570) الذي كان يهوديا فقد ألف حينما اعتنق الإسلام كتابه المشهور (بذل المجهود في الرد على اليهود) (12)، وهو رد على اليهود أبرز فيه تحريفهم للتوراة، وأشار إلى أن نصوص التوراة التي وصلت إلينا هي تشويه للوحي الأصلي مؤكدا على أنها من وضع عزرا الوراق. وهناك كتاب (الحسام المحدود في الرد على أحبار اليهود) لأبي محمد عبد الحق الإسلامي السبتي الذي لا يختلف كثيرا في فحواه عن الكتاب السابق. وهناك أمثلة أخرى لا يسمح المقام هنا لاستعراضها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير