تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

غني شاكر. فقال النبي: وما يدريك أنه شكور؟ فقال: إذا رأيته يأخذ من حله ويضعه في محله. فقال النبي: كيف يكون حالك إذا قامت أمتي إلى الصلاة؟ فقال: يا محمد تلحقني الحمى والرعدة. فقال: وَلِمَ يا لعين؟ فقال: إن العبد إذا سجد لله سجدة رفعه الله درجة. فقال: فإذا صاموا؟ فقال: أكون مقيداً حتى يفطروا. فقال: فإذا حجوا؟ فقال: أكون مجنوناً. فقال: فإذا قرؤوا القرآن؟ فقال: أذوب كما يذوب الرصاص على النار. فقال: فإذا تصدقوا؟ فقال: فكأنما يأخذ المتصدق المنشار, فيجعلني قطعتين. فقال له النبي: وَلِمَ ذلك يا أبا مُرّة؟ فقال: إن في الصدقة أربع خصال وهي: أن الله تعالي يُنزِلُ في ماله البركة، وحببه إلي حياته، ويجعل صدقته حجاباً بينه وبين النار، ويدفع بها عنه العاهات والبلايا. فقال له النبي: فما تقول في أبي بكر؟ فقال: يا محمد لَم يُطعني في الجاهلية، فكيف يُطيعني في الإسلام؟ فقال: فما تقول في عمر بن الخطاب؟ فقال: والله ما لقيته إلا وهربت منه. فقال: فما تقول في عثمان بن عفان؟ فقال: أستحي ممن استحت منه ملائكة الرحمن. فقال: فما تقول في علي بن أبي طالب؟ فقال: ليتني سلمت منه رأساً برأس، ويتركني وأتركه، ولكنه لم يفعل ذلك قط. فقال رسول الله: الحمد لله الذي أسعد أمتي وأشقاك إلى يوم معلوم. فقال له إبليس اللعين: هيهات هيهات، وأين سعادة أمتك وأنا حي لا أموت إلي يوم معلوم؟! وكيف تفرح على أمتك وأنا أدخل عليهم في مجاري الدم واللحم وهم لا يروني، فوالذي خلقني وأنظَرَني إلي يوم يبعثون، لأغوينهم أجمعين؛ جاهلهم، وعالمهم، وأميهم، وقارئهم, وفاجرهم، وعابدهم، إلا عباد الله المخلصين. فقال: ومن هم المخلصون عندك؟ فقال: أما علمت يا محمد أن من أحب الدرهم والدينار ليس بمخلص لله تعالى، وإذا رأيت الرجل لا يحب الدرهم والدينار، ولا يحب المدح والثناء علمت أنه مخلص لله تعالى فتركته، وأن العبد ما دام يحب المال والثناء، وقلبه متعلق بشهوات الدنيا فإنه أطوع مما أصف لكم! أما علمت أن حب المال من أكبر الكبائر يا محمد، أما علمت أن حب الرياسة من أكبر الكبائر، وأن التكبر من أكبر الكبائر. يا محمد، أما علمت أن لي سبعين ألف ولد، ولكل ولد منهم سبعون ألف شيطان، فمنهم من قد وَكّلتُه بالعلماء، ومنهم قد وكلته بالشباب، ومنهم من وكلته بالمشايخ، ومنهم من وكلته بالعجائز، أما الشبّان فليس بيننا وبينهم خلاف، وأما الصبيان فيلعبون بهم كيف شاؤوا، ومنهم من قد وكلته بالعُبّاد، ومنهم من قد وكلته بالزهاد، فيدخلون عليهم فيخرجونهم من حال إلي حال، ومن باب إلي باب، حتى يسبّوهم بسبب من الأسباب، فآخذ منهم الإخلاص، وهم يعبدون الله تعالى بغير إخلاص وما يشعرون. أما علمت يا محمد أن (برصيص) الراهب أخلص لله سبعين سنة، كان يعافي بدعوته كل من كان سقيماً، فلم أتركه حتى زنى، وقتل، وكفر، وهو الذي ذكره الله تعالى في كتابه العزيز بقوله تعالى: {كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين} أما علمت يا محمد أن الكذب منّي، وأنا أول من كذب، ومن كذب فهو صديقي، ومن حلف بالله كاذباً فهو حبيبي، أما علمت يا محمد أني حلفت لآدم وحواء بالله {إني لكما لمن الناصحين}، فاليمين الكاذبة سرور قلبي، والغيبة والنميمة فاكهتي وفرحي، وشهادة الزور قرة عيني ورضاي، ومن حلف بالطلاق يوشك أن يأثم، ولو كان مرة واحدة، ولو كان صادقاً، فإنه من عَوّدَ لسانه بالطلاق حُرّمَت عليه زوجته، ثم لا يزالون يتناسلون إلي يوم القيامة، فيكونون كلهم أولاد زنا، فيدخلون النار من أجل كلمة. يا محمد، إن من أمتك من يؤخر الصلاة ساعة فساعة، كلما يريد أن يقوم إلى الصلاة لَزِمته، فأوسوس له، وأقول له الوقت باقٍ، وأنت في شغل، حتى يؤخرها، ويصليها في غير وقتها، فَيُضرَبَ بها في وجهه، فإن هو غلبني أرسلت إليه واحدة من شياطين الإنس, تشغله عن وقتها، فإن غلبني في ذلك تركته، حتى إذا كان في الصلاة قلت له: انظر يميناً وشمالاً، فينظر، فعند ذلك أمسح بيدي على وجه، وأُقَبّلُ ما بين عينيه، وأقول له قد أتيت ما لا يصح أبداً، وأنت تعلم يا محمد من أَكثَرَ الالتفات في الصلاة يُضرَب، فإذا صلى وحده أمرته بالعجلة، فينقرها كما ينقر الديك الحبة، ويبادر بها، فإن غلبني وصلى في الجماعة ألجمته

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير