تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

غاية ما في الآية الذم على ترك البر و ليس الذم على الأمر بالبر مع تركه، فإن الأمر بالمعروف معروف فكل من الأمر بالمعروف وفعله واجب، لا يسقط أحدهما بترك الآخر و الصحيح أن العالم يأمر بالمعروف، وإن لم يفعله، وينهى عن المنكر وإن ارتكبه، قال مالك عن ربيعة: سمعت سعيد بن جبير يقول له: لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد بمعروف ولا نهى عن منكر. وقال مالك: وصدق من ذا الذي ليس فيه شيء؟ [10] ( http://majles.alukah.net/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=440314#_ftn10) ، و كل بني آدم خطاء و إذا ابتلي بعض الأكابر بما يتوب منه فذلك لكمال النهاية لا لنقص البداية، كما قال بعضهم لو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه [11] ( http://majles.alukah.net/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=440314#_ftn11) قال ابن عثيمين: أينا الذي لم يسلم من المنكر! لو قلنا: لا ينهى عن المنكر إلا من لم يأت منكراً لم يَنهَ أحد عن منكر؛ ولو قلنا: لا يأمر أحد بمعروف إلا من أتى المعروف لم يأمر أحد بمعروف؛ ولهذا نقول: مُرْ بالمعروف، وجاهد نفسك على فعله، وانْهَ عن المنكر، وجاهد نفسك على تركه [12] ( http://majles.alukah.net/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=440314#_ftn12) ، و النبي ليس ممن يأمر بالمعروف و لا يفعله و ينهى عن المنكر و يفعله مادام يستغفر و لا يصر على فعل الذنب، و أسوأ ما يكون منه هو خطأ في اجتهاد أو شيء دفعت إليه الجبلة الإنسانية، لولاه لكان الإنسان ملكاً و لا يقر على الذنب، و لا يؤخر التوبة، فالله عصمه من ذلك وتصير حالته بعد التوبة من الذنب أحسن منها قبله.

الدليل الثامن:

لو صدر عن الأنبياء الذنب لكانوا غير مخلصين؛ لأن فعل الذنوب يكون بإغواء الشيطان و الشيطان لا يغوي المخلصين لقوله تعالى: ? قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ? و اللازم باطل و بطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم.

مناقشة الدليل:

الأنبياء لا يضلون عن سبيل الحق و لا يفتتون بزينة الدنيا فهم ممن استثناهم الشيطان من الغواية و ليس معنى الآية أن من يقترف ذنب لا يكون من المخلصين و إنما معناها أن من ضل عن الهدى وفتن بالدنيا و اتبع الشيطان و ظل في ضلاله ليس من المخلصين فهذه الآية في حق من يقترف الذنب و يصر عليه و لا يتوب منه جمعا بينها و بين قوله تعالى: ?إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ? [13] ( http://majles.alukah.net/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=440314#_ftn13) ولو فرضنا وقوع نبي في ذنب فإنه يتدارك ما وقع منه بالتوبة، والإخلاص، حتى ينال بذلك أعلى درجاته فتكون بذلك درجاته أعلى من درجة من لم يرتكب شيئا من ذلك. ومما يوضح هذا قوله تعالى: ? وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ? فانظر أي أثر يبقى للعصيان والغي بعد توبة الله عليه، واجتبائه أي: اصطفائه إياه، وهدايته له، ولا شك أن بعض الزلات ينال صاحبها بالتوبة منها درجة أعلى من درجته قبل ارتكاب تلك الزلة [14] ( http://majles.alukah.net/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=440314#_ftn14) .

الدليل التاسع:

عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: (بعث علي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة فقسمها بين الأربعة الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي وعيينة بن بدر الفزاري وزيد الطائي ثم أحد بني نبهان وعلقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب فغضبت قريش والأنصار قالوا يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا قال إنما أتألفهم فأقبل رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناتئ الجبين كث اللحية محلوق فقال اتق الله يا محمد فقال: من يطع الله إذا عصيت أيأمنني الله على أهل الأرض فلا تأمنونني فسأله رجل قتله أحسبه خالد بن الوليد فمنعه فلما ولي قال إن من ضئضئ هذا أو في عقب هذا قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد) [15]

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير