تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[محمد الغزالي]ــــــــ[14 - 12 - 2009, 08:02 م]ـ

بارك الله فيك أستاذنا القدير: مهاجر .. لكن ما زال عندي بعض العسر في فهم ذلك, ولعلك توضح لي الآتي:

فهجرها يكون في الحدود الحقيقية التي تكون بالذاتيات, وهذا الحد ليس منها، بل من الرسوم

ما المقصود بـ (الحدود الحقيقية, والذاتيات, والرسوم)؟

إن الأمور الاصطلاحية حصلت مفهوماتها ووضعت أسماؤها بإزائها؛ فليس لها معان غير تلك المفهومات فتكون حدودا

أرجو أن توضح معنى العبارة السابقة بارك الله فيك ..

أثابك الله أستاذنا على صنيعك

ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 12 - 2009, 09:36 ص]ـ

وبارك فيك وأثابك وحفظك وسددك أخي محمد، لو خاطبتني بألفاظ الأخوة لكان ذلك آكد في دوام الود، وهو قائم على كل حال ولله الحمد والمنة.

الحدود الحقيقية هي التي تعرف بالذاتيات، أي الخواص الذاتية التي تدخل في حقيقة المعرف فليست خارجة عنها كما لو قلت محمد على سبيل المثال: تعريف محمد هو: الشخص الذي له من الأوصاف الذاتية التي لا تنفك عنه: عين زرقاء وقامة طويلة ....... على سبيل المثال فكلها أوصاف ذاتية لك، بخلاف من يعرف بالرسوم أو اللوازم العارضة، فإنه قد يعرف فيقول: هو الشخص الذي يرتدي ثوبا أسود اللون مثلا فهذا أمر عارض لأن الثوب ليس ملازما للمعرف بل هو مما يعرض له فحينا يلبسه وحينا يخلعه.

فالذاتي ملازم للمعرف واللازم عارض له ليس من أوصافه الذاتية التي تدخل في ماهيته أو حقيقته ولذلك منع من التعريف به من يشترط في الحدود أن تكون بالذاتيات، بخلاف من توسع ممن يعرف بالرسوم فإنه قد يدخل الوصف العارض في التعريف فلا مانع عنده أن يدخل في تعريف محمد لون ثوبه وإن كان عارضا يزول.

فمن يعرف بالحدود الحقيقية فمراده: تجريد حقيقة محمد بعينه عن كل الأوصاف التي تشترك فيها مع غيرها من الحقائق، فيحرص على استيفاء أجزاء تلك الحقيقة وعزل ما سواها حتى تخلص له في النهاية مجردة من أي وصف عارض. وذلك، كما تقدم، من العسر بمكان.

ومن يعرف بالحدود الرسمية فمراده: تمييز محمد عن بقية الأفراد سواء أكان ذلك بوصف ذاتي ملازم له أو وصف عارض، فالمهم عنده أن يعرف محمد من بقية الأفراد، فلو فرض أنه يرتدي ثوبا أسود في مجموعة من الأفراد ترتدي ثيابا بيضا، فإنه يكفي المعرف في تلك اللحظة أن يعرفه بأنه الفرد الذي يرتدي ثوبا أسود دون أن يجهد ذهنه بتحديد حقيقته، فيكفيه أنه ميزه عن بقية الأقراد ولو بعارض قد يتغير، فقد يخلع الثوب الأسود ويرتدي آخر أبيض، فيضطر المعرف إلى أن يبحث عن وصف مميز آخر.

فالحاصل أن يعرف بالحد الحقيقي: مراد تحديد الحقيقة كما هي في نفس الأمر.

بخلاف من يعرف بالحد الرسمي فمراده: تمييز المعرف فقط وهذا أسهل في التناول وأوفر للجهد مع كونه يحقق المراد وهو معرفة المحدود فما بعده فضول لا حاجة إليه.

فمن قال بأن التركيب والقصد من الذاتيات الملازمة للإفادة فهي جزء من ماهيتها كالعين من الجسد فلا إشكال عنده في التعريف.

ومن قال بأنها من العوارض كلون الثوب فإنه يعتذر عن ابن مالك، رحمه الله، بأنه ما أراد التعريف بالذاتيات وإنما أراد التعريف الرسمي فلا مانع من إدخال اللوازم العارضة التي لا يدل عليها اللفظ تضمنا وإنما هي لازمة منه، فهي كالنتيجة وهو كالسبب.

ومن أبى فإنه يقول، وهي الفقرة الثانية في مداخلتك:

لا يجوز أن يضع المعرف: "كلامنا" بجوار التعريف: "لفظ مفيد"، وهو لا يقصد أن هذا التعريف هو حقيقة المعرف، فيجب أن يكون التعريف بهذا السياق: تعريفا بالذاتيات الملازمة، فلا يمكن اعتباره تعريفا رسميا بالعوارض، فلا يقبل إلا إذا كان التركيب والقصد من أجزاء الإفادة الذاتية لا من لوازمها بحيث يصح إحلال "مركب مقصود" محل: "مفيد".

فـ: "مفيد = مركب + مقصود" في التعريف بالذاتيات لو سلم بأن التركيب والقصد هما أجزاء حقيقة الإفادة.

و: "مفيد" يلزم منه التركيب والقصد في التعريف باللوازم العارضة فيكون التعريف رسميا فلا تقبل صياغته بالصياغة السابقة: وضع المعرف بإزاء التعريف، لأنها صياغة التعريف بالذاتيات لا التعريف بالرسوم.

وسوف يرد ذلك على كل تعريف في الألفية فهو الداء الذي يعسر برؤه كما ذكرت في المداخلة الأولى ففي:

المصدر: اسم ما سوى الزمان من ******* مدلولي الفعل كأمن من أَمِن.

سيقول من يعرف بالحدود الذاتية: وضع المصنف، رحمه الله، المعرف: "المصدر" بإزاء التعريف: "اسم ما سوى ..... "، فلا يقبل ذلك إلا إن كان التعريف تعريفا بالحد الحقيقي، فلو انتقد التعريف فاستدرك عليه بفوات جزء من حقيقة المعرف أو دخول ما ليس منها فيها فلن يقبل الاعتذار عن ابن مالك، رحمه الله، بأنه إنما أراد تمييز المحدود فقط دون تحديد حقيقته في نفس الأمر إذ قد التزم صيغة الحد الحقيقي فيجب أن يعرف بها لا بغيرها.

مع أنه قد يرد على ذلك، كما تقدم، أنه قد أردف بمثال على المصدر: "كأمن من أَمِن"، فهذا دليل قد يشهد بأنه بالمزج بين التعريف بالحد والتعريف بالمثال ما كان يرمي إلا لتمييز المحدود عن غيره دون البحث والتنقير عن حقيقته المجردة.

وقل مثل ذلك في:

الظرف: وقت أو مكان ضمنا ******* "في" باطراد كهنا امكث أزمنا

فقد وضع المصنف المعرف: "الظرف" بإزاء التعريف: "وقت أو مكان ضمنا ..... "، فلا يقبل ذلك إلا إن كان التعريف تعريفا بالحد الحقيقي، مع أنه قد يرد، أيضا، على ذلك، أنه قد أردف بمثال على الظرف: "كهنا امكث أزمنا"، فهذا دليل قد يشهد بأنه بالمزج بين التعريف بالحد والتعريف بالمثال ما كان يرمي إلا لتمييز المحدود عن غيره دون البحث والتنقير عن حقيقته المجردة.

وسوف يتكرر هذا الأمر، كما تقدم، في كل تعريف في الألفية.

والله أعلى وأعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير