وتوجد هذه المسكوكات في كتب التراث اللغوي والأدبي، ولا سيما كتب الأمثال، وقد جاءت متفرقة في أغلبها، الأمر الذي دفع بعض المهتمين إلى جمعها وتصنيفها وشرحها وتأصيلها، على نحو جزئي، كما فعل العلامة أحمد تيمور في معجمه " أسرار العربية "، وإبراهيم السامرائي في كتابه " من أساليب القرآن"، أو على نحو استقصائي، كما في معجم " التعابير المسكوكة"، و " معجم الأساليب الإسلامية والعربية " لمحمد أديب.
ومن أمثلتها ... بالرفاء والبنين ... بقَضّهم وقَضيضهم ... حَنانَيك ... حيّاك الله و بيّاك .... طوبى لك .... ... إلخ
وسأستعرض لبعض منها وبيان معانيها ..
قَوْلُهُمْ: لا جرم
قال ابن سيده: زعم الخليل أن جرم إنما تكون جوابًا لما قبلها من الكلام يقول الرجل: كان كذا وكذا وفعلوا كذا فتقول: لا جرم أنهم سيندمون, أو أنه سيكون كذا وكذا.
قال ابن الأثير: لا جرم كلمة ترد بمعنى تحقيق الشيء وقد اختلف فى تقديرها فقيل: أصلها التبرئة بمعنى لابد وقد اسٌتعملت فى معنى حقًا, وقيل: جرم بمعنى كسب وقيل: بمعنى وجب وحق، ولا رد لما قبلها من الكلام ثم يبتدأ بها كقوله تعالى: {لا جرم أن لهم النار} أى ليس الأمر كما قالوا, ثم ابتدأ وقال: وجب لهم النار.
قَوْلُهُمْ: حَنَانَيْكَ
مسكوكة لغوية تقال فى الاستعطاف الرقيق, عرفها العرب فى الجاهلية والإسلام, واستعملوها فى شعرهم ونثرهم. قال طرفة بن العبد الشاعر الجاهلى المعروف, يستعطف أحدهم:
أبا منذر, أفنيت, فاستبق بعضنا حنانيك, بعض الشر أهون من بعض
أى تحنن علينا واعطف حنانا بعد حنان, ومرة تلو الأخرى. وذكر علماء اللغة أن " حنانيك " مصدر سماعى جاء بصيغة المثنى لفظًا لا معنى, ولكنه أريد به التكثير, مثل لبيك, وسعديك ودواليك.
قَوْلُهُمْ: طُوْبَى لَهُم
مسكوك دالة فى معناها – على الاستحسان, وفيها معنى الدعاء للإنسان. قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} [29 الرعد].
وقال: «طُوبَى لِعبدٍ أشْعَث رَأسه، مُغَبَّرة قَدَمَاهُ فِي سَبيلِ الله، طُوبَى لَهُ ثُمَّ طُوبَى لَهُ».
وفى الحديث أيضًا: «إنَّ الإسلامَ بَدَأ غَريباًً وَسَيَعُودُ غَريبًا كَمَا بَدَأ، فَطُوبَى للغُرَبَاء»
وطوبى لهم تعنى: قرة عين لهم, نُعمى لهم, الغبطة والخير والحسنى لهم .. وقال الزجاج: طوبى على وزن فعلى من الطيب, وتأويلها عند ابن الأنبارى: الحال المستطابة
ونقل الألوسى أن طوبى مصدر من الفعل طاب, مثل بشرى، وقيل: الفعل الطيب.
بِالرفَاءِ والبَنينِ:
مسكوكة عربية قديمة، وقد كانت تقال في العصر الجاهلي، في سياق التهنئة والدعاء، وهي تعني بالرفاء والبنين أي بالالتزام والاتفاق وحسن الاجتماع وسكينة المعاشرة.
قال الأصمعي: الرفاء على معنيين: يكون الرفاء من الاتفاق وحسن الاجتماع، ومنه قول العرب: رفأت الثوب إذا ضممت بعضه إلى بعض ولاءمت بينهما، والوجه الآخر أن يكون الرفاء من الهدوء والسكون، قال اليماني في الزاهر لابن الأنباري: الرفاء: يعني المال ..
وكانت هذه المسكوكة تستخدم في تهنئة العروسين,,, ولما جاء الإسلام علمنا الدعاء للعروسين (بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكم في خير) وقد أفتى البعض بعدم التهنئة ب (بالرفاء والبنين) في حين يجيز البعض قولها للعروسين بعد الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم لما تحمل هذه المسكوكة المعاني الطيبة فهي دعاء بالسكينة والذرية.
ولي عودة مع مدارس التحليل البنائي للجملة .. إن شاء الله تعالى
ولا تبخلوا علي بنقدكم البناء كي أتعلم ..... وجزاكم الله خيراً.