" وأما إذا دخلت همزة الاستفهام على ما أوّله همزة قطع مضمومة في المضارع، نحو (أؤنبئكم)، أو على الماضي المبدوء بالهمزة، نحو (أؤنزل عليه الذكر)، ومفتوحة نحو (أأسجد، أأنت قلت للناس)، أو مكسورة في الاسم، نحو (أئفكا)، أو في الحرف، نحو (أئنك) – فلا تحذف ألف القطع، بل تصور بمجانس حركتها لأنها حينئذ تسهل على نحوه فتكتب في الأول واوا، وفي الثاني ألفا، وفي الثالث ياء، من جنس حركتها في كل.
وجوز الكسائي وثعلب الحذف في المفتوحة، فيكتب (أسجد) بألف واحدة، والمحذوفة همزة الاستفهام عند الكسائي، والثانية عند ثعلب.
وجوز ابن مالك كتابة المضمومة والمكسورة بألف نحو (أأنزل، أإنك). كذا في (الهمع).
وقد كتب (أئفكا) بالياء في مصحف البغداديين، وفي حديث البخاري عن عمر – رضي الله عنه – قال: " حملت على فرس في سبيل الله فرأيته يباع، فسألت النبي – صلى الله عليه وسلم -: آشتريه؟ [ضبطه الشارح بهمزة ممدودة] ". ا. هـ
أما العلامة عبد السلام هارون – رحمه الله – فقد بيت منهجه في المشاركة قبل السابقة. وقد تابع فيه العلامة نصر الهوريني، دون ذكر الخلاف.
وقال د. غانم الحمد – حفظه الله - في كتابه (رسم المصحف – دراسة تاريخية لغوية) ص 346 - 349:
" - رسم الهمزتين في أول الكلمة:
ومن مظاهر تأثر رسم الهمزة المبتدئة بالتوسط العارض دخول همزة الاستفهام على همزة في أول الكلمة، وهمزة الاستفهام لا تكون إلا مفتوحة. أما التي في أول الكلمة فتكون مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة.
فإذا دخلت همزة الاستفهام على همزة مفتوحة سواء أكانت بعدها فتحة قصيرة أم طويلة رُسِمَ ذلك كله بألف واحدة [انظر المهدوي]، يقول الداني: وما كان من الاستفهام فيه ألفان أو ثلاث فإن الرسم ورد بلا اختلاف في شيء من المصاحف بإثبات ألف واحدة، اكتفاء بها لكراهة اجتماع صورتين متفقتين فما فوق في الرسم [المقنع. وانظر العقيلي]. من ذلك (ءأنذرتهم – ءأنتم – ءأسلمتم – ءأقررتم – ءأنت – ءأرباب – ءأسجد – ءأشكر – ءأتخذ – ءأشفقتم – ءألد) [انظر الدمياطي].
وقد اختلف في الألف الثابتة، فقيل هي الأصلية، وقيل ألف الاستفهام [انظر المهدوي]. وقد قال الداني: "الألف الثابتة في ذلك في الرسم هي همزة الاستفهام للحاجة إليها، وهو قول الفراء وثعلب وابن كيسان، وقال الكسائي هي الأصلية، وكذلك قال أصحاب المصاحف، وذلك عندي أوجه ". ولكن علينا أن نلاحظ أن الهمزة الأصلية التي في أول الكلمة قد عرض لها التوسط بعد دخول همزة الاستفهام فخففت وآلت إلى فتحة طويلة، وحذف رمز الفتحة الطويلة المتوسطة جائز دون حذف رمز الهمزة، فهل يمكن القول بناء على ذلك بأن الثابتة هي رمز همزة الاستفهام؟ أو يكتفى بالقول إن رمز إحدى الألفين حذف، وأثبت الآخر دون تعيين، لكراهة اجتماع صورتين متفقتين في الخط؟
أما الهمزة المضمومة في أول الكلمة ودخلت عليها همزة الاستفهام فقد اتفقت المصاحف – كما يقول الداني – على رسم واو بعد الهمزة في قوله – سبحانه وتعالى -: (قل أؤنبئكم) [آل عمران: 15]، وذلك على مراد التليين. ولم يرسموها في نظائر ذلك نحو: (أءنزل عليه الذكر) [ص:8]، و (أءلقي الذكر عليه من بيننا) [القمر:25]، وذلك على إرادة التحقيق وكراهة اجتماع ألفين، والهمزة قد تصور على المذهبين جميعا [انظر المقنع، ص 59، وانظر أيضا المهدوي: ص116. والدمياطي: ص49].
وإذا دخلت همزة الاستفهام على همزة مكسورة فقد رسمت الهمزة الثانية ياء في بعض المواضع دون بعض، فرسمت (أءنكم) بالياء (أئنكم) في أربعة أحرف: في (الأنعام: 16، والنمل: 55، والعنكبوت: 29، وفصلت: 9). ورسمت (أءنا) بالياء (أئنا) في موضعين: في (النمل: 67، والصافات: 16). ورسمت (أءن) بالياء (أئن لنا لأجرا) [الشعراء:41]، ورسمت (أءذا) بالياء (أئذا) في (أئذا متنا وكنا ترابا) [الواقعة: 47]، ومما جاء بالياء أيضا (أئن ذكرتم) [يس: 19] و (أئفكا ءالهة) [الصافات:86] [انظر المهدوي، والداني: المقنع. وانظر عدد ورود الأمثلة المذكورة التي رسم بعضها بالياء في القرآن: الدمياطي].
¥