ثمّ إنّ قول الخضري: «لأن ما بدئ بهمزة الوصل - فعلاً كان أو غيره - يجب قطعها في التسمية به» قد يقصد بـ (الفعل وغيره) الحرفَ، فـ (أل) التعريف هي حرفٌ ما دامت متصلة بغيرها، ما لم تفرد فتصبح علمًا على ذلك الحرف فتقطع فنقول: (أل) التعريف.
ودليل ذلك:
1 – أن الصبّان قد نُسبَ له رأيًا آخر، مخالفًا لما ذكرته، وقد عدّوه من باب التناقض. لكن ينبغي أن يُتأمّلَ رأياه والسياق الذي ورد فيه قبل نسبة التناقض إلى قوله.
2 - أن الشيخ خالدًا نفسه – الذي نسبتم إليه القول السابق الذي يقتضي قطع همزة يوم الاثنين – يقول في التصريح (2: 172) أو (4: 39، تح: د. عبد الفتاح بحيري): «إنّ الفعل المبدوء بهمزة وصل إذا سُمّي به قطعت همزته، تقول: جاءني أُنْصُر، وإضْرِبْ». اهـ. وواضح هنا أنّ العلة في ذلك هو الانتقال من باب الفعلية إلى باب الاسمية. ويلحظ أنه لم يقل: (الفعل والاسم) بل خصّ الفعل بالذكر.
ثالثًا / قولك إنّ العلماء القدامى لم يخصّوا (يوم الاثنين) بالذكر، وإن حديثهم كان يدور حول المصادر فحسب، وأن الأولى بالدكتور محمود فجال أن يحذف كلمة يوم الاثنين من قوله: «وهذه النصوص واضحة في أن همزةَ (يوم الاثنين) وما سُمِّي به من المصادر مثل (كلية العلوم الاجتماعية) و (ابتسام) و (ابتهال) همزةُ وصلٍ. أُبقيت فيها همزةُ الوصل على حالها لعدم نقل الكلمة من قبيل إلى قبيل فاستصحبت ما كان ثابتاً لها قبل العملية»، قولك هذا يردّه ما جاء في كتاب سيبويه (3: 199)، حيث يقول: «إذا سمّيت بـ (امرئ) رجلا تركتَه على حاله؛ لأنّك نقلته من اسم إلى اسم» اهـ.
ويردّه أيضًا قول الزجاج في كتابه (ما ينصرف وما لا ينصرف) (19): «وإذا سمّيت رجلا (ابنٌ) وصلتَ ألفه أيضًا، فقلت: (هذا ابنٌ قد جاء)» اهـ.
فما الفرق في القياس بين (اثنين) و (امرئ) و (ابن)؟!!
وهل اقتصر العلماء القدامى على المصادر فحسب؟!!
أعتقد أن الأمر اتضح بما لا يدع مجالا للشك، وأن ما جاء به د. فجّال هو الصواب عينُه.
رابعًا / أن كتاب سيبويه، والصحاح للجوهري (ثني) قد أوردوا كلمة (يوم الاثنين) بلا همزة، وكذا في مختار الصحاح. مما يدلّ على فهمهم لتلك المسألة واستيعابها.
ختامًا:
أرى بأنّ نصوص الأقدمين واضحة تمامًا في أن همزة (يوم الاثنين) وصل وليست قطع، وقد يكون ما جاء به المتأخرون – مع جلالة قدرهم – ناشئ عن لبس في الأمر، وإلا فإنّ نصوص سيبويه السابقة الذكر تحسم كل خلاف في القضية.
كما أن الأمر محسوم لصالح سيبويه، ويجب اتباعه، وترك ما عداه، فليس الأمر من باب السعة كما تفضلتم، إذ النصوص واضحة، ولا اجتهاد مع النص. ثم إن التساهل في ذلك سيحدث فوضى في الإملاء العربي ينبغي التصدي لها ما أمكن.
يعلم الله أنني لم أقصد بما كتبت الانتصار لرأي دون آخر، وإنني على استعداد تام لتقبل أي حوار في ذلك بعيدا عن الجدل الذي لا طائل تحته. وإن كنت أرى أنه بعد ما سبق ليس عندي من شيء أقوله.
وفقكم الله، ونفع بكم، وزادكم علما وحرصا.
والسلام.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[14 - 04 - 2008, 09:00 م]ـ
أخي أبا طارق:
كلامك جيّد، وآظنّك تقصد (الفعل ابتسم) وليس (المصدر ابتسام)، أليس كذلك؟!
أشكرك أستاذي الفاضل
فمثالي يتعارض مع مانقلتُ
أحسنت
ـ[اللغوي الفصيح]ــــــــ[15 - 04 - 2008, 03:49 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا والله إني لأخجل أن أكون بينكم وأحس أني كذرة رمل رُفِعَتْ بين نجوم السماء
ـ[الداوردي]ــــــــ[15 - 04 - 2008, 09:45 م]ـ
إذا كان المقصود هو اليوم الثالث من أيام الأسبوع فإنها تكتب همزة قطع
وإن كان المراد منها العدد فتكتب همزة وصل.
هذا ما ذكره صاحب كتاب (تعلم الإملاء من الألف إلى الياء) محمد راجي كناس.
والعلم عند الله ,,,,,
ـ[الأحمر]ــــــــ[15 - 04 - 2008, 11:41 م]ـ
السلام عليكم
أشكركم على هذا الحوار الرائع
هذه وجهة نظري قد أبديتها في أحد المنتديات
بقاء الهمزة للوصل حتى تسهل القواعد الإملائية ونقلل التقعيد والتعقيد
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[16 - 04 - 2008, 03:21 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذي الفاضل الكريم / أبا مالك النحوي - وفقه الله -،
رغم عدم قناعتي ببعض ما أوردتموه - دونما تفصيل -، إلا أني أوافقكم على وجوب الأخذ بكلام المتقدمين في المسألة، لا سيما وقد نبهتمونا (وتنبهتم أنتم أيضا:)) إلى كلام سيبويه والزجاج، وبات قولي بأنهم لم يخصوا (يوم الاثنين بحديث) فيه نظر. أما حكمي بذلك على ما أورده الدكتور فجال فلا زلت مصرا عليه، ولعله لو تنبه قبل إلى هذه النصوص لاستشهد بها قبل غيرها. وما كان قولي إلا حكما على ما أورد.
وعلى كلٍ: لو راجعتم مشاركاتي السابقة لعلمتم أني ما كتبتها إلا موصولة (يوم الاثنين) لقناعتي بأن القول بالقطع لم يرد عن المتقدمين، يدل على ذلك قولي:
وأنا معك أن هذه الدعوى من المتأخرين (والمعاصرين) لم يقل بها أحد من القدماء كما تفضلتم
وذلك لسببين، الأول: طلبا للتيسر والاطراد وكثرة التقعيد التي أهلكتنا ولا تزال - كما قال أستاذي الأخفش - حفظه الله -، والثاني: حبي وتقديري لعلمائنا القدامي، ورغم اقتناعي وشغفي بآراء بعض المعاصرين، إلا أني لا أقدم قولهم إلا أن يتضح لي أن المسألة عند المتقدمين اضطربت لضعف الاستقراء أحيانا، ولتقديمهم المنهج المعياري أحيانا أخر بغير وجه.
أما قولي بأن (الأمر فيه سعة) فيعبر - أكثر ما يعبر - عن وجهة نظري تجاه من يقطعها، حيث أني لم أكن لأنكره عليه.
وما أوردت كلام المتأخرين إلا لسببين: الأول: احتراما لهم وتقديرا لآرائهم. الثاني: حتى تكون نصوصهم نصب أعيننا فنبحث فيها ونناقش أدلتها.
والحمد لله، لولا (مشاكساتي) معكم لما قلتم:
بعد طول نظر وتأمّل في ما نقلته لنا، وبعد استشارة ومداولة في الأمر
وهذا ما أردته، لنوفي النقاش العلمي حقه، وإلا كيف كنا سنتزع منكم أوقاتكم الغالية إلا بهذه الطريقة؟؟:)
وختاما أقول .. جزاكم الله خيرا ونفع بكم .. اللهم آمين ..
¥