أولاً ــ أن الاثبات إذا كان بالبينة فلا بد من شهادة أربعة ليشهدوا برؤية الواقعة كما هي معروفة كالميل في المكحلة، ويشترط أن يكون الشهود رجالاً عدولاً، فلا تقبل شهادة النساء باتفاق الفقهاء، بل إن اجتمع ثلاثة شهود ولم يكتمل نصاب الشهادة إلى أربعة جلدوا حد القذف؛ حتى لا يتقدم للشهادة إلا الواثق المتأكد، وكذلك لو ثبتت الواقعة بالشهود يلزمهم البدء بالرجم فإن تخلفوا لا تجب العقوبة (10)
ثانياً ــ إذا ثبت الزنا بالإقرار ورجع المقر أثناء إقامة الحد كأن يشتد عليه حر الحجارة أو الضرب بالسوط فهنا يلزم الكف عن إقامة الحد وإليه ذهب الشافعية والحنفية وأحمد، فالرجوع عن الإقرار يسقط الحد (11). وهذا ما نلحظه من خلال حديث أبي هريرة (?): أن ماعزاً لما وجد مس الحجارة يشتد فر هارباً حتى مر برجل معه لحى جمل (أي عظم الحنك) فضربه به وضربه الناس حتى مات. فذكروا ذلك لرسول الله (?) فقال: هلا تركتموه (12).
ثالثاً ــ أن الذي يقام عليه الحد هو الزاني البالغ العاقل المختار العالم بالتحريم، فلا حد على الصغير، ولا حد على المجنون ولامكره كما عند الكثير من الفقهاء.
رابعاً ــ أن هذا الحد مما يشترط فيه الرؤية التامة، فلا يقام إلا بالتيقن من وقوع تلك الجريمة، وأن الشهادة تكون بالرؤية على أن عملية الزنا تمت كالميل في المكحلة والرشا في البئر، وهذا مما يصعب ثبوته.
" والملاحظ هنا الاحتياط الذي وضعه الإسلام في إثبات هذه الجريمة مما يدفع ثبوتها أصلاً، فهذه العقوبة هي إلى الإرهاب والتخويف أقرب منها إلى التحقيق والتنفيذ. وقد يقول قائل: إذا كان الحد مما يندر إقامته لتعذر ثبوت الأدلة فلماذا إذن شرعه الإسلام "؟
" والجواب ": أن الإنسان إذا لاحظ قسوة الجريمة وضراوتها، فإنه يعمل لها ألف حساب قبل أن يقترفها فمن المناسب أن يواجه عنف الغريزة عنف العقوبة، فإن ذلك من عوامل الحد من ثورتها " (13).
خامساً ــ حرص الإسلام على سلامة البكر في الجلد، فإن الحد لا يقام عليه في الحر الشديد ولا في البرد، ولا يقام على المريض، وألا يضرب على وجهه أو فرجه أو رأسه. (14)
سادساً ــ والحبلى لا ترجم حتى تضع وترضع ولدها إن لم يوجد من يرضعه فعن على (كرم الله وجهه) قال: " إن أمة لرسول الله (?) زنت فأمرني أن أجلدها فأتيتها فإذا هي حديثة عهد بنفاس فخشيت أن أجلدها أن أقتلها فذكرت ذلك للنبي (?) فقال: أحسنت .. اتركها حتى تماثل " (15).
سابعاً ــ أن الرجم لا يمنع من تغسيل المرجوم وتكفينه والصلاة عليه وكذلك النهي عن سبه أو إهانته بعد توقيع العقوبة عليه.
من جوانب الرأفة والرحمة في عقوبة السرقة
رغم أن عقوبة السرقة وهي قطع اليد شديدة ولكنها فُرضت لمصلحة المجموع لكن الشارع شرط شروطاً مختلفة لاكتمال أركان السرقة تتجلى رحمة الله فيها بالجاني فجوانب الرأفة والرحمة في جريمة السرقة كالتالى:
أولاً ــ أن الحد لا يطبق على السارق إلا إذا ثبت أن المسروق كان في حرز مثله وقام السارق بهتك الحرز
والاستيلاء على المال.
ثانياً ــ أنه إذا كان المال المسروق غير متقوم فإنه لا يطبق الحد كمن يسرق خمراً أو خنزيراً بالاتفاق (16).
ثالثاً ــ أنه يشترط لتوقيع الحد أن يبلغ المال المسروق نصاباً معيناً، فإذا قل عن هذا النصاب امتنع توقيع الحد.
رابعاً ــ أن الحد يمنع إذا ملك السارق المسروق قبل توقيع الحد كأن وهبه له المالك أو ورثه.
خامساً ــ أن الحد لا يوقع إذا رجع السارق عن إقراره متى ثبت بالإقرار وإن لزمه رد المال.
سادساً ــ أنه لا قطع عن أي شبهة كما لو سرق الدائن من مال إذا كان دينه قد حل ولم يسدده المدين.
سابعاً ــ أن الحد لا يوقع إذا وقعت السرقة من بيت مفتوح لجميع الناس كبيت الحاكم والعالم أو الكريم لأن الفاعل هنا يعتبر خائناً وليس سارقاً (17).
ثامناً ــ أنه لا قطع في أيام المجاعة والفقر ولا قطع لمن يسرق ليقتات أو يسد رمقه.
¥