تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سابعا ًـ أن المرتد لا يجوز تركه جائعاً أو عطشاناً، وإنما يطعم ويسقى من ماله، كما أنه لا يجوز معاقبته بالضرب أو بالسب حتى ولو أصر على عدم الرجوع إلى الإسلام. (23)

من جوانب الرأفة والرحمة في حد القذف

يهدف الإسلام إلى حماية أعراض الناس والمحافظة على حرمتهم، وصيانة كرامتهم وهو لهذا يقطع ألسنة السوء ويسد الباب على الذين يلقون إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا فالإسلام يحرم القذف تحريماً قاطعاً ويرتب عليه عقوبة زاجرة لمرتكب هذا الإثم ومع ذلك فهو يأخذ في الاعتبار عدة جوانب قبل توقيع تلك العقوبة (24)

أولاً ـ أن الحد يمتنع إذا أثبت القاذف صحة ما اتهم به المقذوف.

ثانياً ـ كذلك يمنع توقيع الحد إذا ثبت أن المقذوف لا يستطيع القيام بالفعل المقذوف به كقذف الخصي أو المجبوب بالزنا.

ثالثاً ـ أن الحد لا يوقع إذا عفا المقذوف عن قاذفه.

رابعاً ـ أن الحد يمتنع لو كان القاذف صغيراً دون عشر سنين للذكر، ودون التسع للأنثى.

خامساً ـــ أن الحد لا يتكرر لو كان موجهاً لجماعة إنما يوقع حداً واحداً. (25)

من جوانب الرأفة والرحمة في حد الشرب

إن مرد العقوبة هنا هو حفظ عقول الأفراد إذ أن في حفظها حفظاً لكيان المجموع، وتحريم الخمر يتفق مع تعاليم الإسلام التي تستهدف إيجاد شخصية قوية للأفراد، ولا شك أن الخمر أم الكبائر، وأكبر الفواحش ومع ذلك لم تهمل الشريعة جانب الرأفة والرحمة في هذا الحد نرى ذلك واضحاً في عدة نقاط:

أولاً ـــ أن من كان مضطراً او مكرهاً أو جاهلاً فلا إثم عليه ولا يقام عليه حد الشرب.

ثانياً ــ أن الحد يمتنع إذا تم تناول الخمر بغير طريق الشرب عن طريق الفم ولأن الحد يسمى حد الشرب أي تناول الخمر عن طريق الفم، فإذا أخذ بطريق غير الفم فلا حد هنا.

ثالثاًـ أن الحد يمتنع على غيرالخمور من المواد المذهبة للعقل كالمخدرات لأنها ليست سائلة وإن وجب التعذير

رابعاًـ أن الحد يمتنع إذا ثبت بالإقرار ثم رجع عن إقراره.

خامساًـ أن تحديد العقاب بالجلد وعدده متروك في هذه الجريمة لما يحقق المصلحة العامة، ولذلك فقد تفاوت مقدار العقاب بالجلد وعدده، فعلى ما جاء في بعض الآثار أن النبي (?) في عهده ضرب أربعين، ولأن علياً (?) جلد الوليد بن عقبة أربعين، ثم قال: " جلد رسول الله (?) وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين، وكلُُ سُنةُُ وهذا أحب إليّ " (26) ولعل في ذلك مراعاة لحال الجناة فمنهم من يستحق أن يضرب أربعين، ومنهم من يستحق أن يضرب بالسوط ومنهم من يستحق أن يضرب بغيره (27).

سادساً ـــ العلم بأن ما يتناوله مسكر. فلو تناول خمراً مع جهله بأنها خمر فإنه يعذر لجهله ولا يقام عليه الحد، فلو تمادى في الشرب بعد لفت انتباهه أن ما يشربه خمراً فإنه لا يكون معذوراً حين إذن لارتفاع الجهالة عنه ويقام عليه الحد (28).

خاتمة

يبدوا واضحاً أن الإسلام في شريعته منهج تربوي عظيم يهذب النفس ويربيها ليصل بها إلى طريق النجاة فنجد الإسلام حين يشرع الحدود والعقوبة يتسامى إلى أبعد الحدود إلى درجة عظيمة لم يعرف التاريخ لها مثيلاً. لو نظرنا إلى الحدود السبعة السابقة نجد سماحة الإسلام تفرض نفسها رغم ما يتقوله البعض من أن فيها القسوة والعنف والشدة، فعلى وجه العموم نجد في الحدود والعقوبات المترتبة عليها رأفة ورحمة من عدة جوانب:

1ـــ صعوبة وسائل الإثبات في بعض الحدود كحد الزنا.

2ـــ إصرار المقر على جريمته إلى حين تنفيذ الحد عليه، بحيث لو رجع المقر عن إقراره امتنع تنفيذ الحد.

3ـــ عدم توقيع الحد في بعض الأحيان إلا بعد إعطاء فرصة للجاني للرجوع عن جريمته، كما هو الحال في الاستتابة، أو مطالبة الباغي بأن يرجع عن بغيه، وقد قال سبحانه: (ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) الحجر/ 56.

4ـــ درء الحدود ما أمكن بالشبهات، إعمالاً لقوله (?): " إدرءوا الحدود ما استطعتم عن المسلمين، فإن وجدتم للمسلم مخرجاً فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطيء في العفو خير له من أن يخطيء في العقوبة" (29)

5ـــ أن من رحمة الله بعباده أنه لم يضع الحد إلا بعد أن هيأ للناس سبل عدم الوقوع فيه.

6ـــ أن تنفيذ حد الجلد يكون بالنسبة للرجل بغير مد ولا ربط، كما تجلد المرأة جالسة وتمسك بيداها لئلا تنكشف

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير