ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[24 - 12 - 06, 01:31 ص]ـ
وَلِلْقَوْمِ فِي لُبْسِ الْخِرْقَةِ وَوَصْفِهَا أَشْعَارٌ وَأَبْيَاتٌ، وَأَلْغَازٌ وَإِشَارَاتٌ، وَاخْتِلافَاتٌ وَمُفَاضَلاتٌ:
وَكُلٌّ يَدَّعي وَحْيَّاً وَصِدْقَاً .. وَنَحْنُ بِرَفْضِ وَهْمٍ نَسْتَمِيتُ
حَدِيثُ خُرَافةٍ فِي الْحُمُقِ يُرْوَى .. وَقَدْ عَمِيَ الْجِهَالُ وَمَا عَمِيتُ
وَصَوْتُ الْحَقِّ عِنْدَ الله يَعْلُو .. وَلِلأَصْواتِ حَوْلَيْه خُفُوتُ
وَمِنْ أَكْثَرِهِمْ غَزَلاً فِي الْخِرْقَةِ الدَّنِسَةِ، وَتَقْدِيسَاً لِذَاتِهِ وَعَقَائِدِهِ النَّجِسَةِ: شَيْخُ الأَبَالِسَةِ الْقَائِلِينَ بِوُحْدِةِ الْوُجُودِ، ابْنُ عَربِيٍّ الْحَاتِمِيُّ. فَاسْمَعْهُ، وَهُوَ يَقُولُ مُلَغِّزَاً:
أَلْبَسْتُ سِتَّ الْعَابِدِينَ خِرْقَةَ التَّصَوُّفِ
أَلْبَسْتُهَا مِنْ رَغْبَتِي ... فِيهَا وَمِنْ تَخَوُّفِي
عَلَى إنْكِسَارٍ رَاعَنِي ... مِنْهَا وَمِنْ تَشَوُّفِ
أَلْبَسْتُهَا بِمَكَّةَ ... فِي الْحَجِّ بِالْمُعَرَّفِ
لأَنَّهَا مَعْشُوقَةٌ ... لَطِيفَةُ التَّظَرُّفِ
مَحْجُوبَةٌ مَطْلُوبَةٌ ... لِطَالِبِ التَّطَرُّفِ
وَقَالَ أَيْضَاً:
لَبَسَتْ صَفِيَّةُ خِرْقَةَ الْفُقَرَاءِ ... لَمَّا تَحَلَّتْ حِلْيَةَ الأُمَنَاءِ
وَأَتَتْ بِكُلِّ فَضِيلَةٍ وَتَنَزَّهَتْ ... عَنْ ضِدِّهَا فَعَلَتْ عَلَى النَُّظَراءِ
وَتَكَامَلَتْ أَخْلاقُهَا وَتَقَدَّسَتْ ... وَتَخَلَّقَتْ بِجَوَامَعِ الأَسْمَاءِ
جَاءَتْ لَهَا الأَرْوَاحُ فِي مِحْرَابِهَا ... فَهِيَ الْبَتُولُ أُخَيَّةُ الْعَذْرَاءِ
وَهِيَ الْحَصَانُ فَمَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَهِيَ الرَّزَانُ شَقِيقَةُ الْحَمْرَاءِ
نَزَلَتْ تُبَشِّرُهَا مَلائِكَةُ السَّمَا ... لَيْلاً بِنَيْلِ وِرَاثَةِ النُّبَّاءِ
قُلْتُ: مَا أَكْذَبَكَ، وَمَا أَجْهَلَكَ، وَمَا أَغْبَاكَ. إِنَّ وِرَاثَةَ الأَنْبِيَاءِ فَضْلٌ عَظِيمٌ، وَشَرَفٌ جَسِيمٌ، فَكَيْفَ يَنَالُهَا الْمُلْحِدُونَ الْجَاحِدُونَ، وَالْمُفْسِدُونَ الظَّالِمُونَ!!.
وَمِنَ الْعَجَائِبِ وَالْعَجَائِبُ جَمَّةٌ ... دَعْوَى الْخَبِيثِ وِرَاثَةَ الشُّرَفَاءِ
يَا سَابِحَاً مِنْ جَهْلِهِ فِي لُجَّةٍ ... سُجِرَتْ لَهُ بِالسُّخْفِ وَالْخُيَلاءِ
وَحَقُّ هَذَا الْبَيْتِ الأَخِيْرِ أَنْ يُكْتَبَ هَكَذَا، وَيَتْلُوهُ بَيْتَانِ:
نَزَلَتْ تُبَشِّرُهَا مَلائِكَةُ السَّمَا ... بِدُخُولِهَا فِي زُمْرَةِ السُّفَهَاءِ
وَإِذا عَدَا فِي الشَّيْءِ مَرْءٌ طَوْرَهُ ... دَبَّتْ إِلَيْهِ عَقَارَبُ الْبَغْضَاءِ
شَيْئَانِ مَا فِي الأََرْضِ أَوْجَعَ مِنهُمَا ... ذِلُّ الرَّفِيعِ وَعِزَّةُ الْوُضَعَاءِ
وَصَفِيَّةُ وَسِتُّ الْعَابِدِينَ الْمُلَغَّزُ عَنْهُمَا فِي هَذَا الشِّعْرِ الرَّكِيكَ هِيَ نَفْسُهُ أَوْ ذَاتُهُ الدَّنِيَّةُ، الَّتِي رَضِيَ لَهَا أَنْ تَتَحَلَّى بِهَذِهِ الْعَقَائِدِ الشِّرْكِيَّةِ، وَتَتَخَلَّقَ بِالأَخْلاقِ الْوَثَنِيَّةِ، حَتَّي انْخَلَعَتْ بِمَرَّةٍ مِنْ رِبْقَةِ الْعُبُودِيَّةِ، وَصَدَقَ اللهُ الْعَظِيمُ إِذْ يَقُولُ «وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ»، «وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئَاً أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ».