تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما خلا: فتكون حرف جر وفعلا متعديا ـ على الراجح إن شاء الله تعالى ـ وهي في الحالين من أدوات الاستثناء، وقد ثبت الوجهان ـ أعني الجر والنصب بها ـ بالنقل الصحيح عن العرب كما أفاده المرادي، ويتعين النصب بها إذا تقدمتها ما المصدرية لأنها ـ أي ما ـ لا توصل بحرف الجر، وإنما توصل بالفعل، وذهب جماعة إلى جواز الجر بها وإن تقدمتها ما، باعتبارها زائدة، منهم الكسائي والجرمي وأبو علي الفارسي وعلي بن عيسى الربعي والله تعالى أعلم (206).

وأما عدا: فالقول فيها كالقول في خلا حرفا حرفا، إلا أن سيبويه رحمه الله تعالى حكى فعليتها وما حكى حرفيتها عن أحد، ولا ضيرَ في ذلك فقد حكاه غيره من الأئمة، ومن علم حجة على من لم يعلم والله تعالى أعلم (207).

وأما حاشا: فعلى ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: التي بمعنى استثنى، فهي فعل ماض، ومضارعه أُحاشي، وهو مسموع لا إشكال فيه والله أعلم.

الوجه الثاني: التي للتنزيه، نحو قوله تعالى في سورة يوسف: وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ، وحاشى هذه ليست حرفا بلا خلاف ـ كذا قاله ابن مالك رحمه الله تعالى ـ، وفيها قولان:

الأول: أنها فعل، وهي طريقة الكوفيين، وبه قال أبو العباس المبرد وابن جني وغيرهما، وحجتهم دخولها على الحرف، والحروف لا تدخل على بعضها، والتصرُّف فيها بالحذف، والحذفُ من الحروف قليل.

الثاني: أنها اسم، وهو ظاهر قول الزجاج، وصححه ابن مالك رحمه الله تعالى حيثُ قال: الصحيح أنها اسم منتصب انتصاب المصدر الواقع بدلا من اللفظ بالفعل والله تعالى أعلم.

الوجه الثالث: التي للاستثناء، وفيها ثلاثة مذاهب:

الأول: أنها حرف جر دال على الاستثناء كـ إلا، وهو مذهب سيبويه، وتبعه عليه أكثر البصريين، ولا يجيز سيبويه النصب بها لأنه لم يبلغه.

الثاني: أنها تكون حرف جر وفعلا متعديا، كالقول في خلا وعدا، وهو مذهب الجرمي والمازني والمبرد والزجاج وصححه المرادي لثبوت النقل به من طريق الثقات عن العرب.

الثالث: أنها فعل لا فاعل له، وإذا خفض الاسم بعدها فخفضه بلام مقدرة، وهو مذهب الفراء وأكثر الكوفيين والله تعالى أعلم.

والذي عند العبد الضعيف ـ غفر الله مساويه ـ أن المصنف رحمه الله تعالى خالف البصريين في إجازته النصب بعد حاشا وهم لا يقولون به، وخالف الكوفيين في إجازته الجر بعدها وهم لا يقولون به، ولا تقولنَّ في نفسك: الكوفيون يجرون الاسم بعدها بلام مقدرة كما تقدم فهو لا يخالفهم، لأن ظاهر كلام المصنف أن الاسم بعدها يجر وينتصب بها جوازا، فتأمل والله تعالى أعلم (208).

الاختيار الخامس عشر:

قال المصنف رحمه الله تعالى في باب العوامل الداخلة على المبتدأ:

«وأما إن وأخواتها فإنها تنصب الاسم وترفع الخبر، وهي: إن وأن وكأن ولكن وليت ولعل».

قال أبو بكر عفا الله عنه:

ظاهر كلام المصنف رحمه الله تعالى أن ((إن)) و ((أن)) أصلان بذاتهما، وأن المفتوحة ليست فرع المكسورة، وكونها فرع المكسورة هو مذهب الجماهير، وعليه سيبويه والمبرد في المقتضب وأبو بكر بن السراج في الأصول والفراء وابن مالك في التسهيل والسيوطي في الهمع، ولذلك عدوها مع أخواتها في كتبهم خمسة لا ستة، والأقرب إلى النفس أن من المصنفين من يعدها ستة ـ كالإمام الآجرومي هنا ـ ولا يكون مذهبه فرعية أن، بل يعدونها ستة لمجرد اختلاف اللفظ، وقد ذكرت هذا في هذا الموضع ليتنبه إليه، أو ليُبَيَّنَ لنا فيه وجه آخر والله تعالى أعلم (209).

الاختيار السادس عشر:

قال المصنف رحمه الله تعالى في باب الحال:

«ولا يكون صاحبها إلا معرفة».

قال أبو بكر عفا الله عنه:

إن أراد المصنف ظاهر عبارته المنفية بـ لا يكون، المستثناة بـ إلا، ففيه إشكال ظاهر لا يليق بمثله، والظن أنه لم يرده ـ وقد ذكرته هنا لينظر فيه كسابقه ـ، ولا أعلم خلافا في جواز مجيء الحال من النكرة التي ساغ الابتداء بها، بل اختار الشيخ أبو حيان أن مجيئها من النكرة بلا مسوغ كثير مقيس، ونقله عن إمام العربية البارع المتقن أبي بشر سيبويه رحمه الله تعالى، ويستدل له بما رواه إمام الدنيا وجبل العلم أبو عبد الله البخاري رضي الله عنه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت ((صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاكٍ جالسا، وصلى وراءه قوم قياما، فأشار إليهم أن اجلسوا. فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا))، ورَدَّ قوم الاستدلال بالحديث، واستدلوا بشعر من لم يبلغ شِسْعَ نعل رجاله، فيا لله العجب من مقالات تقشعر منها الجلود، ويتصدع من سماعها كل جلمود، وبالجملة فإن قائل هذا الكلام لم يأت بما ينبغي الاشتغال به، بل حكاية قوله تغني عن الرد عليه إن شاء الله تعالى.

واختاره ـ أي مجيء الحال من النكرة بلا مسوِّغ ـ ابن مالك رحمه الله في الخلاصة ـ على قلة فيه ـ حيثُ قال:

ولم يُنَكَّر غالبا ذو الحال إنْ ********** لم يتأخر أو يخصص أو يَبِنْ

وكذا اختاره ابن هشام رحمه الله تعالى ـ على قلة أيضا ـ (210).

الاختيار السابع عشر:

أطلق المصنف رحمه الله تعالى عبارة ((الأسماء الخمسة)) في غير ما موضع من مقدمته، وهذا مصير منه إلى عدم اعتبار ((هن)) منها كما يدل على ذلك ظاهر كلامه، وفي هذا خلاف مشهور بين النحاة، وقد درج على عدم اعتبارها الفرّاء وأبو القاسم الزجاجي، وهما محجوجان بنقل سيبويه ذلك عن العرب، قال ابن هشام رحمه الله تعالى:

« ..... ولقلتها لم يطلع عليها الفراء وأبو القاسم الزجاجي، فادعيا أن الأسماء المعربة بالحروف خمسة لا ستة» اهـ. ويحتمل أنه تركها باعتبار أن الأفصح في استعمال هن النقص، وهي لغة مشهورة عند العرب، وهذا الأخير هو اللائق بمثله والله أعلم (211).

يتبع إن شاء الله تعالى .......

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير