تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ظاهر كلام المصنف رحمه الله تعالى يدل أن الجار والمجرور والظرف هما عين الخبر عنده، وفي المسألة ثلاثة مذاهب مشتهرة:

المذهب الأول: أن الإخبار بهما من قبيل الإخبار بالمفرد، وهو مذهب الأخفش المشهور عنه، وعُزِيَ إلى سيبويه وفيه نظر.

المذهب الثاني: أن الإخبار بهما من قبيل الإخبار بالجملة، وهو مذهب جمهور البصريين، وعُزِيَ إلى سيبويه رحمه الله تعالى أيضا.

المذهب الثالث: أنهما عين الخبر، وهو مذهب أبي بكر بن السراج، نقله عنه تلميذه أبو علي الفارسي في الشيرازيات.

والصحيح الأولان وفاقا لابن مالك رحمه الله تعالى في الخلاصة حيثُ قال:

وأخبروا بظرف أو بحرف جر ********** ناوين معنى كائن أو استقر

والثالث باطل لا محالة، وأنكره شيخنا الدرة أيما إنكار، وكان يُدَرَّسُ في مدارسنا فأشاع الشيخ فيه الخبر، والدليل على بطلانه أن قولك ((زيد خلفك)) بيان للجهة لا لزيد، ولأنه منصوب، والخبر المفرد لا يكون منصوبا، ونصبه يقتضي وجود ناصب، وليس الناصب المبتدأ لأنه اسم جامد، فدل على أن ناصبه محذوف مقدر، وهو الخبر في الحقيقة والله تعالى أعلم (214).

والذي عند العبد الفقير ـ غفر الله له ولوالديه ومشايخه والمسلمين ـ أن لا ينسب مثل هذا المذهب الرديء للمصنف رحمه الله، فالأولى حمل عبارته على التجوز، ويتأكد ذلك إذا عرفت أن هذا الإطلاق استعمله بعض النحاة، غير أنه محمول عندهم على ما تقدم والله تعالى أعلم.

المأخذ السادس:

قال المصنف رحمه الله تعالى في باب جوازم المضارع:

«والجاوزم ثمانية عشر وهي: لم ولما وألم وألما ...... ».

قال أبو بكر عفا الله عنه:

ذِكْرُ المصنف لـ ألم وألما ليس بالجيد إن أراد أنهما حرفان آخران مغايران لـ لم ولما، وقد ذكرت هذا لأنه عطفهما عليهما، والعطف يقتضي المغايرة فيتوهم من لا خبرةَ له أنهما حرفان آخران، والذي عندي ـ غفر الله ذنبي ـ أنه عطفهما عليها لاختلافهما عنهما في اللفظ، فـ ألم وألما هما لم ولما دخلت عليهما همزة الاستفهام، ولا أعلم خلافا في كونهما لم ولما دخلت عليهما همزة الاستفهام والله تعالى أعلم.

ويقال مثل هذا في قوله في باب الاستثناء:

«وحروف الاستثناء ثمانية وهي: ..... وسِوى وسُوى وسواء .... ».

وجميعها ترجع إلى أصل واحد كما لا يخفى والله تعالى أعلم.

المأخذ السابع:

عد المصنف رحمه الله تعالى في مخفوضات الأسماء مُذ ومنذ.

وعد في إن وأخواتها إن وأن.

وتقدم أنه عد في الجوازم ألم وألما.

وفي الاستثناء سِوى وسُوى وسَوَاء.

قال أبو بكر عفا الله عنه:

لينظر هل هذه الحروف ـ عند المصنف ـ أصول برأسها، أو أنها متفرع بعضها عن بعض؟ عندي ـ غفر الله ذنبي ـ تردد واحتمال، فإن قلتَ أصول برأسها، عكَّر عليه أن بعضها لا يعلم خلاف في فرعيته كما تقدم في المأخذ السادس، وإن قلتَ فروع، عكَّر عليه أنه عطف بعضها على بعض ولم يبين، والأصل في العطف المغايرة، ويجاب بأنه عطفها على بعضها لتغايرها في اللفظ، وهو الأظهر من حيثُ الجملة، وإن كان في بعضها تفصيل كما مرَّ والله تعالى أعلم.

المأخذ الثامن:

قال المصنف رحمه الله تعالى في باب علامات الاسم:

«فالاسم يعرف بالخفض والتنوين ودخول الألف واللام وحروف الخفض وهي: .... ».

قال أبو بكر عفا الله عنه:

ترك المصنف رحمه الله تعالى من علامات الاسم النداءَ، قال الإمام السيوطي رحمه الله تعالى: «ومن الأسماء ما لا دليل على اسميته إلا النداء، نحو يا مكرمان، ويا فُلُ؛ لأنهما يختصان بالنداء» اهـ (215).

وكذا لم يذكر الإسناد إليه وفيه ما فيه، قال ابن هشام رحمه الله تعالى في الشذور: «وهذه العلامة ـ أي الإسناد إليه ـ هي أنفع علامات الاسم، وبها تعرف اسمية ((ما)) في قوله تعالى ? ... قُلْ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ... ? [سُورَةُ الْجُمُعَةِ: 11] وقوله تعالى ? مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ .... ? [سُورَةُ النَّحْلِ: 96] قال رحمه الله: ألا ترى أنها قد أسند إليها الأَخْيَرِيَّةُ والنفاد والبقاء، فلهذا حكم بأنها فيهن اسم موصول بمعنى الذي والله تعالى أعلم» اهـ (216).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير