عثرنا على بعض الإشارات التي تحيل إلى زمن نسخ الكتاب الذي يحتمل أن يكون مؤلفه هو ناسخه بنفسه أو ممليه، هذا الناسخ أو المؤلف كان حيا سنة 1308 هـ الموافق لـ1890م حسب ما ورد في عبارة قرأناها في قصاصة ملصقة على الغلاف الداخلي للكتاب بواسطة شريط لاصق، وهي مكتوبة بخط الناسخ نفسه وفيها حديث عن أمور تتعلق بعلم الفلك أو التنجيم وذكر لأسماء أعلام مع مؤلفاتهم بإيجاز شديد، والعبارة التي تحيلنا على راهن زمن الناسخ هي في قوله: « ... وفي زماننا هذا وهو عام ثمانية وثلاثمائة وألف ... ».
مضمونه:
كما هو واضح من عنوانه يعرض الكتاب أسماء العلوم ومؤلفاتها التي تداولت بالمغربين الأقصى والأوسط، أحصينا فيه عشرين علماً مرتبة كما يلي:
علم التفسير، علم قراءة القرآن، علم الحديث الشريف، علم الأصول، علم الفقه، علم النحو، علم العلوم الثلاثة وهي البيان والمعاني والبديع، علم المنطق، علم العروض، علم الحساب، علم التنجيم، علم الكلام، علم التصوف، علم اللغة، علم التصريف، علم التاريخ والجغرافيا، علم الطب، علم القضاء والأحكام، علم الجدول، علم الأدب.
والملاحظ أن المؤلف المجهول لا يحدد فترة معينة لكننا نفهم من محتوى الكتاب أنه يقصد عصره أو العصور المتأخرة القريبة منه لأننا وجدنا المؤلف يتحدث عن مؤلفات المسمى «عليش» أبو عبد الله الشيخ محمد بن الشيخ محمد من علماء مصر المتأخرين المتوفي سنة 1299هـ، وهو آخر تاريخ يذكره المؤلف، وهناك طبعاً ذكر لكثير من العلماء ومؤلفاتهم التي سبقت هذا التاريخ بقليل أو كثير، لكن أغلبها يرجع إلى المراحل الأولى للتأليف العربي حيث نجد عرضاً لأمهات الكتب في العلوم المختلفة لمشاهير المؤلفين مرتبة حسب سني وفاة مؤلفيها. وهناك عرض لمؤلفات أخرى متصلة بهذه الأصول مثل الشروح والحواشي وغيرها لعلماء المراحل الموالية وصولاً كما قلنا إلى عصر المؤلف.
منهج الكتاب:
اتبع المؤلف المجهول المنهج نفسه الذي عُرف به ابن النديم، حيث بدأ المؤلف بذكر اسم العلم ثم قدم تعريفاً موجزاً له في اللغة والاصطلاح وربما تحدث عن نشأته وتطوره بإيجاز، ثم يسرد قائمة المؤلفات المندرجة تحت العلم متخذاً في عرضه طريقتين: إحداها أن يذكر اسم الكتاب ثم يعرض اسم مؤلفه مترجماً له باختصار أحياناً وبإسهاب أحياناً أخرى، وأحياناً لا يذكر عنه شيئاً بحجة نسيان أخباره بعبارات من مثل: «وذهب عن حفظي التعريف به وتاريخ وفاته بالكلية» أو «وذهب عن حفظي ترجمته بالتعريف به وبزمانه ووفاته» وغيرها من العبارات التي ربما دلت على أن المؤلف كان يملي معلوماته من حفظه، لكننا وجدناه يذكر بين الحين والآخر مصدراً من مصادر نقله كـ «وفيات الأعيان لابن خلكان» و «وفيات البجائي» و «البستان». فهل أن المؤلف كان ينقل منها مباشرة أم كان يحفظ محتوى هذه الكتب عن ظهر قلب؟ أم أنه أملى مؤلفه هذا على عجل فلم يتمكن من مراجعة هذه المصادر وغيرها؟.
ونشير إلى أن تسمية المؤلف للمؤلفات لا يكون دائماً بعبارة صريحة وإنما ينسب الكتاب أحياناً لمؤلفه دون ذكر العنوان مثل قوله «كتاب قطرب» و «كتاب الفراء» و «كتاب الأخفش» أو بعبارة النسبة مثل قوله «الثعلبية» و «السراجية» و «الطحاوية» وغيرها.
أما الطريقة الثانية فهي عرض اسم العالم أو المؤلف ثم اسم كتابه أو كتبه في أثناء ترجمته له، وكان المؤلف ينتقل في الحالتين بين المؤلفات أو المؤلفين بعبارة «ومنها ... » أو «ومنهم ... » مع إدراج ترقيم عددي لها أو لهم حسب تاريخ وفاة المؤلف من الأقدم إلى الأقرب.
أهمية الكتاب:
يمكن اختصارها في النقاط التالية:
ـ يمثل الكتاب تدعيماً آخر لذاكرتنا الحية حول مؤلفات الحضارة الإسلامية في عصورها المختلفة خاصة ما تعلق بجهود المؤلفين المغاربة وإسهامهم فيها.
ـ الكتاب يؤرخ لفترة من فترات تطور التعليم في منطقة المغربين الأقصى والأوسط وما كان يفد على المنطقتين من مؤلفات من المشرق خصوصاً.
ـ الوقوف على أنواع العلوم التي تداولت بكثرة في المنطقتين كما يجعلنا نقف عند أهم هذه العلوم التي اعتنى بها أهل المنطقتين تعلماً وتعليماً ونسخاً لأمهات كتبها التي يرجع معظمها للقرون الأربعة الأولى للتأليف خاصة العلوم الشريعة واللغوية دون إغفال العلوم التطبيقية الأخرى كالفلك والطب.
¥