تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سابعاً: أولياء الفكر الصوفي يعلمون ما في باطن القلوب:

ذكر الشعراني أن أبا الخراز (من أئمة التصوف وهو أول من تكلم في الفناء والبقاء) كان يقول في قوله تعالى: ((لآيات للمتوسمين)): " المتوسم هو الذي يعرف الوسم وهو العارف بما في سويداء القلوب " (ط. ك [1/ 79]).

وإبراهيم المتبولي: " كان إذا رأى إنساناً يعلم ما في نفسه وما هو مرتكبه من الفواحش " (ط. ك [2/ 77]).

وأن الشيخ محمد الشويمي (صوفي من أصحاب أبي المدين): " كان يجلس بعيداً عن سيدي مدين .. (شيخه) فكل من مر بخاطره شيء قبيح يسحب العصا وينزل علينا غنياً أو فقيراً، كبيراً أو صغيراً أو أميراً لا يراعى في ذلك أحداً، فكان من يعرف بحاله لا يجرؤ يجلس بين يدي سيدي مدين أبداً " (ط. ك [2/ 91]).

ويقول ابن المبارك عن شيخه الدباغ: " وعادة الشيخ مع أصحابه أن يخبرهم بكل ما وقع لهم في الطريق إذا قصدوا زيارته حتى إنه يخبرهم بالكلام الذي يدور بينهم ويخبر بما في بواطنهم " (الإبريز ص229).

لا ريب أنهم يريدون أن يقولوا بهذه الصفات أن الولي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويقولوا: إنه عليم بذات الصدور وهذا كله باطل.

ثامناً: أولياء الفكر الصوفي والمستقبل:

أما ما يتعلق بالمستقبل فإن الفكر الصوفي ينص على أن علوم الأولياء تخرق طباقه، فهذا الدباغ يخبر أنه علم جميع ما يجري له في المستقبل فيقول: " فرأيت جميع ما يقع لي إلى انصرام أجلي، فرأيت من ألتقي معه من الأشياخ، ورأيت المرأة التي أتزوجها ومضي المدة إلى ولادة ولدي عمر فذبحت له وسبعت، ثم رأيت جميع ما يقع لي بعده إلى ولادة ابنتي فاطمة، ورأيت الفتح الذي وقع لي بعد ولادتها. وجميع ما أدركته لا يغيب عني شيء منه ومن جميع ما وقع ويقع لي في عمري، وهذا كله في سويعة، ولست بنائم حتى تكون رؤيا منام " (راجع الإبريز ص261).

ويقول الدباغ: " إن الجنين إذا سقط من بطن أمه يراه العارف الكامل في تلك الحالة على الحالة التي يبلغ إليها عمره وينتهي إليها أجله، ويرى في جميع ما يدركه من خير أو شر حتى إن من شاهده مشاهدة العارف لو نسخ جميع ما شاهده وطرح النسخة عنده وجعل يقابلها مع ما يظهر في الذات .. وجدهما لا يختلفان أبداً في شيء من الأشياء " (نفس المرجع السابق).

ومما لا شك فيه أن هذه تصريحات خطيرة واعتقادها مبيد للقلوب، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم ما يئول إليه حال أكثر أصحابه حتى قال عن نفسه: " وما أدري والله - وأنا رسول الله - ما يفعل بي " فكيف استجاز هؤلاء لشيوخهم أن يعلموا كل شيء حتى ما يصير إليه حال الإنسان وهو صغير، وما يلقاه في الدنيا مفصلاً إلى مستقره في الآخرة سعيداً كان أو شقياً؟ وكيف جهل هؤلاء - إن كانوا أولياء لله - أن عقيدة أهل السنة والجماعة أن لا يحكم لمعين بأنه من أهل الجنة، إلا من حكم له النص الشرعي بذلك؟ وما أحسن قول أبي جعفر الطحاوي في هذا الصدد: " ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته ولا نأمن عليهم ولا نشهد لهم بالجنة " (راجع العقيدة الطحاوية ص365 مع الشرح).

تاسعاً: الصوفية والكشف

عرف الشعراني الكشف فقال: " إنه علم ضروري يحصل للمكاشف، ويجده في نفسه لا يقبل معه شبهة، ولا يقدر يدفعه عن نفسه ولا يعرف لذلك دليلاً يستند إليه سوى ما يجده في نفسه " (راجع الجواهر والدرر ص260).

يعني أنه خواطر أو واردات - كما يسمونه أيضاً - ترد على قلب من هو من الخواص فيتحصل عنده يقين بصحته فيعمل به ويدعوا الناس إلى العمل به.

وفي هذا الصدد جاء قول الخواص شيخ الشعراني: " إن الأولياء لهم الإشراف على حضرات الوحي، فربما تهب على قلوبهم من تلك الحضرة نفحات تكشف لهم عن حقائق الأمور الإلهية فيكون من الأدب قبول تلك النفحات بالإيمان كما قُبلت من الأنبياء " (راجع الجواهر والدرر ص 113).

وهذه الواردات التي تخطر على بال من هو من الخواص كثيراً ما تأتي بإضافات على ما في الكتاب والسنة، فقد ذكر علي حرازم معارف شيخه التجاني والمباحث التي كان يتناولها في مجلسه ذكر "أحوال القيامة ومواطنها على طريقة أهل الكشف تارة، وتارة بما ورد في الكتاب والسنة، وتارة ينسب ذلك لبعض الأكابر تستراً " (راجع جواهر المعاني [1/ 174]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير