تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجهاً يستعمل أقله ويلغي أكثره)

أكبر الظن أن تصريف المفردات واستخراج الوجوه على هذا النحو لا بد أن يكون منبثقاً عن فكرة واعية واضحة عن العملية اللغوية التى سميت بالاشتقاق والاشتقاق: أخذ بناء من بناء، وقد يكون البناء المشتق جارياً على ما اشتق منه فى ترتيب حروفه كاشتقاق علم ويعلم وعالم ومعلوم من مادة (ع ل م) فقد احتفظت هذه المشتقات بأصول المادة المشتق منها، وحافظت على ترتيب هذه الأصول.

وقد يكون البناء المشتق غير جار على ما اشتق منه فى ترتيب الحروف، كاشتقاق فسر، وسفر، ورفس، ورسف وفرس ومن كلمة (سرف)، وهذا نوع يختلف عن النوع الأول فى عدم توافق المشتق منه والمشتق فى ترتيب الأصول.

وأكبر الظن أيضاً أن القول بوجود المناسبة الطبيعية بين اللفظ والمعني مستفاد من ملاحظة هذه التقاليب، أو الوجوه المستخرجة من البناء الذى اشتق منه، لأن إمعان النظر فى هذه التقاليب يوصل الدارس الى تصور هذه المناسبة الطبيعية بين الدال والمدلول.

ولا بد أن يكون لدى الخليل فكرة واضحة عن هذا، فقد صدرت عنه أقوال تشير الى وضوح الفكرة فى ذهن الخليل، كتفريقة بين صرير الجندب وصرصرة الأخطب، وصليل اللجام وصلصلته، وكتبينة العلاقة بين حركات المثال وحركات الأفعال فيما جاء على (الفعلان) محركة، ثم جمعه الكلمة والوجوه المستخرجة منها فى موضوع، وبيان معانيها جملة، ولا شك أنه كان يلاحظ توافق التقاليب فى المعنى من بعض الوجوه.

إن جمع الكلمة وتقاليبها فى موضع يشعر بأن الوحدة فى البناء الثلاثي هو مجموعة التقاليب، لا البناء المفترض أنه الأصل، وإذا كانت المجموعة بكاملها وحدة فلا بد أنها ترتبط برابط عام ينتظمها كلها، وهذا الرابط هو المعنى المشترك بين هذه التقاليب.

فعمل الخليل في كتاب العين وأقواله المنشورة فى مصنفات الأقدمين يحملنا على أن نزعم غير مترددين أن الخليل كان رأسا لما سمي فيما بعد بمدرسة الاشتقاق التى كان أبو على الفارسي وتلميذه أبو الفتح بن جني على رأسها، وكان يبدو أن ابن جنى كان واقفاً على عمل الخليل فى كتاب العين، ومع ذلك لم يتنبه، أو لم يرد أن يتنبه الى أن عمله، وعمل أستاذه لم يعد أن يكون شرحاً لما بدأه الخليل، أو تفصيلا لما أجمله، ولعله لم يفهم مقصد الخليل فى هذا التخطيط اللغوي العجيب، ولكن ليس من اليسير أن نظن ذلك غير أنه لم يبين هو، ولا يبين غيره السبب الذى حدا بالخليل أن يجمع الكلمة وتقاليبها فى موضع على حدة فى باب من أبواب كتاب العين. وليس بمستبعد فى الظن أن يكون وقوف ابن جني على كتاب العين، وملاحظته أبوابه، والوحدات اللغوية التى تنتظمها الأبواب هو الذى أمدّ ابن جني بهذا النتاج اللغوي الواسع، وهو الذى أوحي له اشتراك التقاليب فى معنى عام.

يتبع

ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[26 - 02 - 06, 02:31 ص]ـ

وكتاب العين مثل أى عمل أنجزه الخليل، كان مثار اهتمام الدارسين ونقاشهم، وكان كأى أثر له موضع اعجابهم واكبارهم ولكن الكتاب لم يؤلف فى البصرة ولم يعرفه أصحاب الخليل ولا تلاميذه، لأن الخليل كان قد خص به تلميذه الليث بن المظفر، وكان هذا فيما قال ابن المعتز: (بارع الأدب، بصيراً بالنحو والشعر والغريب) [طبقات الشعراء (ص/97)]

ولم يظهر الكتاب فى البصرة إلا (بأخرة فى زمان أبى حاتم، وفى حال رئاسته وذلك فيما قارب الخمسين والمئتين لأن أبا حاتم توفي سنة خمس وخمسين ومئتين) [المزهر (1/ 84)]

وكان الكتاب منذ ظهوره فى البصرة مثار نقاش فى صحة نسبته الى الخليل، فمن الدارسين من أنكره، ومنهم من صحح نسبته الى الخليل ومنهم من وقف موقفا وسطا بين هؤلاء و أولئك.

فالذين أنكروه جماعة منهم، النضر بن شميل وأبو حاتم السجستاني، أما النضر بن شميل فكان قد سئل عن الكتاب الذى ينسب الى الخليل ابن أحمد، ويقال له: كتاب العين، فأنكره، فقيل له: لعله ألفه بعدك!! فقال: أو خرجت من البصرة حتى دفنت الخليل) [معجم الأدباء (17/ 51)]

غير أن الافتعال بادِ على هذه الرواية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير