تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العين) [المزهر 1/ 90]

أما الذين وقفوا موقفاً وسطاً فجماعة من الدارسين كانوا يرون أن خطة الكتاب ورسمه للخليل، أما حشوه فمن الليث فى رأي بعضهم، ومن الخليل والليث جميعاً فى رأي بعضهم، ومن هؤلاء:

عبد الله بن المعتز، فقد عرض لكتاب العين فى أثناء عرضه لأخبار الخليل، وذكر أن الخليل صنف كتاب العين، (ونمقه وحبزه، وأخرجه فى أسري ظرف وأحسن خط) وظهر من كلامه هذا أن الخليل كان قد أتم تأليف الكتاب وخرجه على النحو الذى وصفه به إلا أنه روي حكاية تشبه أن تكون من صنع الخيال تتعلق باحراق كتاب العين، أحرقته زوجته وهى ابنة عمه، لغيره ملكت عليها نفسها وكان الخليل قد عاد الى البصرة، وتوفى فسقط فى يدي الليث وكانت النسخة التى احرقت هى النسخة الوحيدة ولم يقع لأحد نسخة أخري منه (فاستدرك النصف من حفظه، وجمع على النصف الباقي علماء أهل زمانه، فقالوا: ما تروم؟ قال: مثلوا عليه، فمثلوا فلم يلحقوه، ولا شقوا غباره، فأنت تري ما فى أيدي الناس من ذلك فإذا تأملته تراه نصفين، النصف الأول أتقن وأحكم، والنصف الآخر مقصر عن ذلك)

ومن هذا القبيل ما كان يراه الزبيدي فى مقدمة كتاب مختصر العين، من (أن الكتاب لا يصح له، ولا يثبت عنه، وأكثر الظن فيه أن الخليل سبب أصله، وثقف كلام العرب ثم هلك قبل كماله فتعاطي إتمامه من لا يقوم فى ذلك مقامه، فكان ذلك سبب الخلل الواقع فيه، والخطأ الموجود فيه) [المزهر1/ 82]

وأبو العباس أحمد بن يحي ثعلب، وقد روي الصولي عنه فقال: (سمعت أبا العباس ثعلبا يقول: إنما وقع الغلط فى كتاب العين، لأن الخليل رسمه، ولم يحشه، ولو أن الخليل هو حشاه ما بقي فيه شيئاً لأن الخليل رجل لم ير مثله)

وروى الأزهري عن أبي الفضل المنذري: (أنه سأل أبا العباس أحمد بن يحي عن كتاب العين، فقال: ذاك كتاب ملى غدد، قال: وهذا كان لفظ أبي العباس، وحقه عند النحويين: ملآن غددا ولكن أبا العباس كان يخاطب عوام الناس على قدر أفهامهم. أراد: أن فى كتاب العين حروفاً كثيرة أزيلت عن صورها ومعانيها بالتصحيف، والتغيير فهى فاسدة كفساد الغدد وضرها آكلها)

ويشبه هذا ما كان أبو الطيب اللغوي يراه، فقد ذكر أن الخليل كان قد أبدع بدائع لم يسبق إليها (فمن ذلك تأليفه كلام العرب على الحروف فى الكتاب المسمي بكتاب العين، فإنه هو الذى رتب أبوابه وتوفى من قبل أن يحشوه)

على أن أبا الطيب كان قد ناقض نفسه حين كان يدافع عن كتاب العين، ويرد من كان يهاجمه من الكوفيين كالمفضل بن سلمة تلميذ ثعلب، فقد قال فى دفاعه عن كتاب العين: (رد أشياء من كتاب العين، أكثرها غير مردود) [المزهر 1/ 87]

وأبو منصور محمد بن أحمد الأزهري أيضاً ولكن أقواله متعارضة ينقض بعضها بعضاً فى نسبة الكتاب الى الخليل، فهو إذ ينسب الكتاب الى الليث ويزعم أنه نحل الخليل كتاب العين جملة لينفقه، يتراجع فيقول: (ولم أرى خلافاً بين اللغويين أن التأسيس المجمل فى أول كتاب العين لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد، وأن ابن المظفر أكمل الكتاب عليه بعد تلقفه إياه عن فيه، وعلمت أنه لا يتقدم أحد الخليل فيما أسسه ورسمه) وهو إذ ينسبه الى الليث أيضاً نراه يحمل على أحمد البشتي الذى ألف كتاباً سماه التكملة، يستدرك فى زعمه على الخليل ما فاته وينقض فى وهمه – ما كان الخليل قاله من حصر كلام العرب فى كتاب العين لأن كتابه هذا أعنى التكملة يحتوي ضعفى كتاب الخليل ويزيد، ويصف الأزهري البشتي فى بهرجته هذه بالغفلة وقلة الفطنة وضعف الفهم، لأنه لم يفهم ما أراده الخليل، ولم يفطن لما قصده.

فالأزهري فى هذا وذاك يعترف بأن الكتاب للخليل، وبأنه لا خلاف بين اللغويين أن التأسيس المجمل فى أول كتاب العين لأبي عبد الرحمن الخليل ابن أحمد، وإذا كان التأسيس المجمل للخليل، وأن الليث أكمل الكتاب عليه بما تلقته من فيه، فكيف يزعم أن الكتاب كتاب الليث وأن الليث نحل الخليل إياه لينفقه!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير