تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والعجيبُ أنَّ المحقِّقَيْن - غفر الله لهما - أخَّرَا تخريج الحديث إلى الجزء الثاني مع أن حَقّه أن يخرّج مع أولٍ مَوْضِعٍ، ويُنَبِّها إلى وَهْمِ المؤلف في كلامه، لكن لَعَلَّ تأخيره لحاجة في نفسيهما؟! سِيَّمَا والمؤلف حَكَمَ عليه بما قد رأيتَ، أَمَّا في المَوْضِعِ الثاني المحال عليه لم يَتَكَلَّم عليه بشيء!!

عاشِراً: الظنُّ بشيخ الإسلام ابن تيميَّة أَنَّهُ لا يحتفي بشرح كتابٍ كَهَذَا، مُؤَلِّفه برهان الدين النسفي الحنفي الفيلسوف الذي شرح الإشارات والتنبيهات لابن سينا!! وشرح الرسالة القدسية للغزالي!! (23).

حادي عشر: لم يعزُ المُؤَلِّف إلى شيءٍ مِن كُتُبِه على غير عادة ابن تيمية، فالمؤلف تكلم - مثلاً - على مسألة التشبه بالأعاجم وقال: «وليس هذا موضع استقصاء القول في ذلك» ولو كان ابن تيمية لكان أقل القليل أن يقول: وقد بسطناه في غير هذا الموضع .. أو تكلمنا عليه في الاقتضاء أو غير ذلك، أَمَّا أن يأتي في كتاب في أكثر من (638) صفحة ولا يحيل ولو على موضع واحد من كتبه فهذا يحتاج إلى نظر، لأنه على خلاف عادة ابن تيمية، ففي كتاب «الإخنائية» -مثلاً- يقول في كثير من المواضع: «مبسوط في مواضع .. أو كما بسط الكلام عليه في موضع آخر» وهي في (25) موضعاً أنظرها في «فهرس الإخنائية» (76).

ثاني عشر: لم يقف المحققان ولو على نَصٍّ واحِدٍ مِن كلام ابن تيمية مُطَابِقٌ تماماً لما في التَّنْبِيه! وقد اعتَرَفَا بهذا فقالا (1/ 30): «ونرى أن أكثر هذه الأبحاث-الجدلية- جديدة لنا»!

وقد أحال المحققان إلى بعض كتب ابن تيمية وهي (1/ 269، 322، 349، 359)، و (2/ 420، 421، 422) وليس فيها موضع واحد يطابق كلام شيخ الإسلام!!

- فمثلاً - أحال محقق الجزء الثاني من «التنبيه» على «الرد على المنطقيين» لابن تيمية حينما تكلَّم المؤلف على بعض التعاريف وهي: الشَّرْطي المُنْفَصِل، ومانع الجمع، ومانعة الخلو؟ وحينما تَرْجِع -أيها القارئ الكريم - إلى «الرد على المنطقيين» لا تجد أيَّ تطابق بين التعاريف؟!! (24).

ثالث عشر: الكتاب سار فيه مؤلِّفهُ على طريقة المتكلمين في الجدل!! وهذا ما اعترفَ به المحققان فَقَالاَ في منهج التحقيق (1/ 48): «[و] قد اعترض ذاك الهدف بعضُ العوائق، وبرزت هذه المرَّة!! في:

1 - وعُورة موضوع الكتاب، إذْ هوَ في الجدل على طريقة المتكلمين، وفي عباراتهم ما فيها مِن الغموض والإلغاز، والتراكيب العَسِرَة المغلقة».

قلتُ: هذا الكلام الذي خطَّه الأَخَوَان أساءا فيه إلى شيخ الإسلام ابن تيميّة الذي أَفْنَى عُمُرَهُ في الرَّدِّ على أهل البدع ومنهم المتكلمون ثم يعود في آخر حياته ليسير على طريقتهم في الجدل الباطل!

شيخ الإسلام الذي كان يعيب على المتكلمين عُسرة ألفاظهم التي لا تُفْهَم لعيبٍ فيها أصبح يسير على هذا الدَّرب (25)؟!!

شيخ الإسلام الذي كان يسيرُ على طريقَةِ القُرآنِ والسُّنةِ التي هي طريقةٌ بيِّنَةٌ واضِحةٌ لا لبسَ فيها ولا غموض (26)، أصبحَ الآن صاحب ألغاز وأحاجي!!

شيخ الإسلام الذي رَدَّ النَّاسَ إلى علم الكتاب والسنّة بعدما كانوا يسيرون على طرائق الفلاسفة والمتصوّفة!

شيخ الإسلام الذي قالوا فيه: «ما أَسْلَمَت مَعَارِفُنا إلاَّ على يدِ ابن تيْمِيَّة» (27) أصبحَ صاحِبَ طَرِيقَةٍ جَدَلِيَّة، وصاحب ألغازٍ وأحاجي!!

هل يقول هذا من شمَّ رائحة علوم ابن تيمية؟! لا والله!

كيفَ يكتبُ هذا من قالَ بالأمس في بيان منهج شيخ الإسلام في جميع مؤلفاته: « .. ويستطرد أحياناً إلى موضوعاتٍ أُخرى يأتي فيها بفوائد علمية جليلة. كُلُّ ذلِكَ بأسلوبٍ سهلٍ ميسَّر يجري كالماء سلاسةً وعذوبةً، يكادُ يفهمهُ الجميع: المتعلِّمُ منهم وغير المتعلِّم» (28). وَهُنَا يزعُم أنَّهُ سارَ على طريقةِ المتكلمين في الجدل والتي منها: «الغموض والإلغاز، والتراكيب العَسِرَة المغلقة»!!! (29).

هذا ما ظهر لي ومن تأمَّل وجد أكثر من ذلك، وبالله التوفيق.

* * *

* كيف أثبتا صِحَّةَ نِسبة هذا الكتاب لابن تيمية:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير