محنُ الذاتِ من الخارجِ عنها، وما أكثرها، و في زمنٍ لا مقياسَ فيها إلا للصورة و الشكل، فالحقائقُ بوائق، تأتي المحنُ عليها و تتوالى مُنْصَبَّةٌ من جهاتٍ لا تلوي إلا على قغقعةٍ و جعجعةٍ، فلا تجد الذاتُ نفسها إلا في هالةٍ من الفخرِ و الغرور، في لباسِ التواضعِ، و تلك المحنةُ الكبرى، و قاصمة الظهر، وما من غائبةٍ إلا وتكون يوما في حالةٍ مشهودة، و ويل لمن سترَ العيبَ في الغيبِ من يومٍ لا يجد الستارُ حاله إلا مهتوكا، فلا الزمان يرحم و لا البشر يتركون. و التاريخ يلوك بأقوى ما لسانه تعبيرا. تلك المحن من الآخرين حين تُرمى الأحرف كلماتٍ مادحات مثنياتٍ لا لشيءٍ غير أنه الممدوحَ وافقَ الخاطرَ، و شَنٌّ أحدثَ شنشنة، تتقبل الذات ذاك و تؤمن به، فتأتي بنفسها مكررة الفعلَ، و لو بِعِوَجِهِ، فحيثُ وُجِد الراضون كان الشيء المضمون.
ـ[ذو المعالي]ــــــــ[18 - 04 - 10, 08:10 م]ـ
من محنِ الذاتِ حين لا تنظرُ الذاتُ إلى غيرها بعينِ الإجلال الذاتي، و إنما تنظرُ إليها بحكم معايير ذاتها، حتى و إن ألبستها ألبسة معايير المبادئ، فالمبادئ التي لا تحترم الآخرين ساقطة لا قيمة لها، و لا مبدأ صائب إلا وهو يحترم الآخر، و لو بأقل درجات الاحترام و الإجلال، تأتي الذاتُ ممتحنَةً بمحنةِ الرؤية لنفسها حيث آمنتْ أنها مصيبةً، وهي مصيبةٌ، فلا ترى الآخرَ إلا شيئا لا يُؤْبَه به، فتتطاول عليه في التنقيبِ عن عيب وزلةٍ، و تأويلٍ بإجحافٍ، و تفسيرٍ بتعسُّفٍ، و لا يُنقِّبُ عن رذيلةِ أحدٍ إلا ذو رذيلةٍ ليصرفَ الأنظار عنه إلى غيره. لأن أهل الفضائل لا يُمكن أن يضعوا أنفسهم على رذيلة أحد، ففي رذائل الذواتِ ما يُشغل عن رذائل الآخرين.
كذلك من المحن الظنُّ، بمعنى اليقين، في سلامة المحصورِ الضيِّقِ، فلا تنصرف الذاتُ إلى أبعد من وقْعِ العينِ، و لا أطولَ من شِبر الظل، ومن ضيَّقَ مجالَه ضيَّق حاله، و لا يُمكن أن يكون من الضيقِ سَعة، إلا في قانون الحماقة، و فقط، تلك المحنةُ التي تُمتحنُ بها الذاتُ في حصرِ الأمورِ في مضائق الأحوالِ لا يسلم منها لبيبٌ و لا فطين، و لا يسلم منها إلا من تجرَّدَ من قَصْرِ الحصْرِ، و قَصْر الحصرِ كثيرة أضرابُه عريضة أبوابه، و اعجبْ من ضيقٍ وُسِّع زيفاً. حين ذاك تكون الذاتُ عاجزةً عن مغادرةِ الحصر، مقيَّدة في أحباس القصر، فحتى تجد لنفسها السلامة من المذمة ترمي من في الفضاء بالشذوذ و العاهة، و تحكم لنفسها بأنها المخصوصة بالوجاهة، فلو كان أحد أحق بما هي عليه لما كان قصيا و لا بعيدا، و لا يُمكن أن يُدركَ الشذوذ إلا بمعرفة المشذوذ عنه، و حيث كان لديها أن ذا السَّعة شاذاً فالضيْقُ هو الخطأ، حيث الأصل في الوجود كله أن يكون واسعا، فكما اتسعَت المباني كانت المعاني كذلك. و تلك لا تُدرك إلا برمزِ الفهم لا بوضوح الرسم.
تنبيه: أعتذرٌ من خطأ واردٍ في الكتابة، بنائيا و ليس معنويا، فقد كانت الكتابة ارتجالا من البوح، و لا إمكان للاستدراك للتعديل.
ـ[أبو حاتم يوسف حميتو المالكي]ــــــــ[18 - 04 - 10, 08:16 م]ـ
لله درك ذا المعالي وافقت في النفس شجنا.
صدقت، من الناس سوابق ومصلون، وكما قلت لا يؤم الناس من لم يكن مأموما، ولكن واأسفاه!!!، بعضهم يدعي الإمامة والاقتداء، ولكنه لما اقتدى اعتدى فهذى.
ـ[ذو المعالي]ــــــــ[24 - 04 - 10, 01:44 ص]ـ
لله درك ذا المعالي وافقت في النفس شجنا.
صدقت، من الناس سوابق ومصلون، وكما قلت لا يؤم الناس من لم يكن مأموما، ولكن واأسفاه!!!، بعضهم يدعي الإمامة والاقتداء، ولكنه لما اقتدى اعتدى فهذى.
أبا حاتم.
إنما هو نطق بلسان الاتفاق، فلا أحد يسلم من محن الذات، كما لا أحد يرتضي بقاءها. و النهايات لا تكون إلا بالمقدمات.