تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كتاب (التاج) في الحديث]

ـ[مجدي ابو مالك]ــــــــ[26 - 04 - 10, 11:20 ص]ـ

حدثني صديقي أن زميلا له في العمل تم تعيينه إماما خطيبا بأحد المساجد، فكان مما دار بينهما من حديث أن سأله عن المراجع التي يستند إليها لتحضير خطبة الجمعة فيما يختص بعلم الحديث، فأجابه الزميل -الخطيب الجديد-: كتاب "رياض الصالحين" و كتاب "التاج" فقال صديقي في نفسه مستغربا (التاج؟ ماهذا الكتاب؟ ما سمعت به قط قبل الساعة) وكذلك قلت أنا أيضا. فبحثت عن هذا الكتاب في شبكة الأنترنت، فهذا ماذا وجدت:

نقد كتاب (التاج) في الحديث

للشيخ محمد ناصر الدين الألباني

منذ بضع سنين جمعني مجلس مع أحد الطلاب للعلم الشرعي فجرى البحث فيه حول بعض السنن النبوية التي هجرها الناس جهلاً بها أو غفلة عنها، ومنها وضع اليدين على الصدر في الصلاة، فذكر الطالب المشار إليه أن من السنة وضعهما تحت السرة.

فقلت له: إنها لا تثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فقال: بلى إنها ثابتة!

ثم جاءني بكتاب " التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول " تأليف الشيخ منصور علي ناصف من علماء الأزهر، وأراني فيه (ص 188 ج 1) الحديث المعروف عن علي رضي الله عنه قال: " السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة " وقال في تخريجه: " رواه أبو داود وأحمد " وعلق عليه بقوله: " فالسنة وضعهما تحت السرة. . . ".

فقلت له: إن هذا الحديث ضعيف باتفاق علماء الحديث، فلم يقبل ذلك مني بحجة أن أبا داود سكت عليه، بناء على سكوت المؤلف عليه!

فقلت: لو سكت أبو داود عليه فلا حجة فيه بعد تبين علة الحديث واتفاق العلماء على تضعيفه، وفي سنن أبي داود كثير من الأحاديث الضعيفة وقد سكت عنها أبو داود، وهو إنما تعهد أن يبين ما فيه وهن شديد، وأما الضعيف فقط الذي لم يشتد ضعفه فلم يتعهد بيانه كما هو مشروح في " مصطلح الحديث "، ومع ذلك فإن أبا داود لم يسكت على هذا الحديث بالذات، بل عقبه ببان ضعفه وعلته فقال: " سمعت أحمد بن حنبل يضعف عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي " يعني أحد رواة الحديث، ثم أحلته في الاطلاع على تفصيل القول في تضعيف الحديث على كتاب " المجموع " للنووي و " نصب الراية " للزيلعي، وذكرت له أن الأحاديث الصحيحة تصرح بخلاف هذا الحديث، وأن السنة وضع اليدين على الصدر لا تحت السرة.

وكنت من قبل لا علم لي بهذا الكتاب (التاج)، فلما أطلعني ذلك الطالب على الحديث المذكور فيه راعني منه سكوت المؤلف عن تضعيف أبي داود للحديث حتى توهم الطالب أنه صالح! فكان ذلك حافزاً لي على تتبع أحاديث أخرى منه، فتبينت لي أخطاء أخرى كثيرة فيه، فاندفعت أدرس الكتاب من أوله حديثاً حديثاً دراسة فحص وتدقيق إلى آخر الجزء الأول منه، فهالني ما فيه من الأخطاء الفاحشة التي توحي بأن المؤلف -مع احترامنا لشخصه- لا علم عنده بالحديث وعلومه ورواته.

ثم حالت ظروف علمية بيني وبين الاستمرار في نقد (التاج) وبيان أخطائه المتكاثرة المختلفة، ولكني تيقنت من دراستي المشار إليها أن الكتاب لا يصلح أن يعتبر من المصادر الحديثية التي ينبغي الرجوع إليها والاعتماد عليها، وان كان المؤلف قد زينه بتقاريظ كثيرة " لحضرات أصحاب الفضيلة علماء الإسلام " جاء في بعضها: " إني وجدت الكتاب إلى الخير هادياً وإلى صحيح السنة مرشداً " وفي بعضها: " إني أعد ظهور هذا الكتاب في هذا الزمن. . . معجزة من معجزاته -صلى الله عليه وسلم-. . . " إلى غير ذلك مما جاء في تقاريظهم التي تدل على الأقل أن فضيلتهم لم يدرسوا الكتاب دراسة إمعان وتدبر بل مروا عليه مر السحاب.

ولذلك فقد ظللت أنصح كل من يسألني عن الكتاب أن لا يقتنيه، وأن يستعيض عنه بغيره من الكتب الجامعة المؤلفة قبله، فإنها أقل بكثير خطأ منه لا سيما كتاب " بلوغ المرام " للحافظ ابن حجر، فإنه على اختصاره منقح مصحح، إلى أن كان يوم الأحد السابع والعشرين من شهر محرم الحرام سنة 1379 فجاءني أحد الشباب المؤمن المثقف فسألني عن الكتاب ورأيي فيه فأخبرته به وضربت له بعض الأمثلة فهاله ذلك، وحضني على نشر ما كتبته عن الجزء الأول منه، أو نشر فكرة عامة عن الكتاب حتى يكون الناس على علم بحقيقته لا سيما وقد طبح الكتاب طبعة ثانية! فوعدته خيراً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير