تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فاحذروا وتيقَّظوا، ولا يذهبْ دينُكم، ولا تضيِّعوا أوامرَ ربِّكم بيْنَ أولاد ونساء

ـ[بوخليفه]ــــــــ[01 - 05 - 10, 07:00 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أنزل الكتابَ المبِين، وقطعَ به الحُجةَ والمعذرةَ عن العالَمين، وأرسل الرسلَ للإيضاح والتبيينِ مبشِّرينَ ومنذرين، وجعلَ العلماءَ ورثةَ النبيِّينَ والمرسلين، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له إلهُ الأولينَ والآخرين، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه خاتَمُ النبيِّينَ والمرسلين، صلى الله عليه وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدينِ.

أما بعدُ:

فيا أيها المسلمونَ، إنَّه لا يَجهل أحدٌ مِنا اليومَ المَسالكَ والسُّبُلَ التي تفضي بسالِكها إلى الطريقِ المستقيم، والسلامِ مِن دارِ الجحيم؛ لتوفُّرِ أسبابِ العلْم ونشْرِه بين الصغير والكبير، والذَّكَرِ والأنثى، في كل مكانٍ، حتى وصَل إلى الأعرابِ في الفيافِي والقِفَارِ.

ولكنَّ كُلَّ مَا نسمعُ ونعلَمُ فهو حجةٌ علينا؛ لعدم العملِ بما نعلمُ وتطبيقِه، فحالُنا مخالفٌ لِمَا عليهِ سلفُنا الصالحُ؛ قال ابنُ مسعودٍ - رضي الله عنه -: "كان الرجلُ منا إذا تعلَّم عشر آيات لم يجاوزها حتى يعرف معانيَهن والعمل بهن"، وقال أبو عبدالرحمن السُّلَميُّ - رحمه الله -: "حدَّثني الذين كانوا يُقرئوننا القرآنَ أنَّهم كانوا يَستقرِئونَ مِن النبيِّ محمدٍ - صلى الله عليه وسلَّمَ - وكانوا إذا تعلَّموا عشْرَ آياتٍ لم يجاوزوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، قال: فتعلَّمنا القرآنَ والعملَ جميعًا".

فالواجبُ علينا - أيها المسلمون - العملُ بتعاليمِ دينِنا، وتطبيقُه على أنفسِنا ومَن تحتَ أيدينا مِن أولادٍ ونساءٍ وخدَمٍ وعُمَّالٍ، وأنْ يَرى الله مِنا الصدقَ في معاملتِه، والإخلاصَ في الأعمالِ، وألاَّ تأخذَنا في الله لومةُ لائمٍ في أمرِ دينِنا وأعمالِنا؛ فإنَّ كلَّ عملٍ لا يَصْدُقُ فيه الإنسانُ مع ربِّه ولا إخلاصَ فيه، فهو عملٌ مُبَهْرَجٌ لا ينفعُ صاحبَه في الدنيا ولا في الآخرة، ولا يأتمِرُ به مأمورٌ، ولا ينزجِرُ به منزَجِرٌ، وليس لصاحبِه قيمةٌ ولا قدرٌ في نفوسِ الناسِ، ولا حتى في نفوسِ أولادِه وأهلِ بيته، يُوَضِّحُ ذلك أنَّ فيه أفرادًا مِن إخوانِنا المسلمين - هدانا الله وإياهم - معه نوعٌ مِن استقامةٍ في دينه في نفسه، ولكنَّه داخلٌ عليهِ النقصُ في دينِه من أمورٍ كثيرةٍ وهو لا يشعر؛ تَراه يتساهلُ ويَغضُّ النظرَ عما يراه من المحرَّماتِ والمنكَرَاتِ الموجودةِ في بيته وبين عائلته؛ مِن أغانٍ خليعة، وملابسَ إفرنجيَّةٍ خليعة، وصور أطفالٍ مجسمة، ومناظرَ سيِّئة، وقنواتٍ فضائيةٍ فاجرة، وغير ذلك مِن المحرَّماتِ التي يَشتمِلُ عليها المسكَنُ، وعدم وجودِ قيامٍ وغَيْرةٍ صادقةٍ مع الأولاد مِن بنينَ وبناتٍ في المحافظةِ على الصلاةِ في أوقاتِها، وأدائِها مع الجماعة في المساجدِ مِمَّن تجبُ عليه مِن البنين، وقد توانَى وتساهلَ هذا المسكينُ أمامَ هذه المحرَّماتِ وهذه الواجباتِ، وهو يَظنُّ أنه محسِنٌ في عملِه، وفي الحديثِ الصحيحِ: ((المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ ... )) الحديثَ.

أمَا سمعتَ يا عبدَ الله الحديثَ الواردَ: ((إنَّ الجارَ يتعلَّقُ بجارِه يومَ القيامةِ؛ يقول: يا ربِّ، هذا رآني على معصيةٍ فلم يأمُرْني ولم ينهَني))؟ هذا في حقِّ الجار، فكيف بمن هو معك في بيتكَ ويساكنُك ويؤاكلُك وتقومُ بشؤونِه؟! فالمسؤوليةُ أعظمُ وأكبر؛ قال - تعالى -: ? لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ? [المجادلة: 22]، وغير ذلك مِن الآياتِ والنصوصِ الكثيرةِ التي تُوجبُ تقديمَ محبةِ الله ورسولِه على محبةِ الأهل والأولاد والأموال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير