[الدروس والفوائد من قصة ابنتي الرجل الصالح]
ـ[عبدالعزيز السريهيد]ــــــــ[15 - 04 - 10, 08:21 م]ـ
الدروس والفوائد من قصة ابنتي الرجل الصالح.
الدرس الأول:
قال تعالى: ((وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ? قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ? قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى? يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ? وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)) القصص: (23).
أولا: وقفة لا بد منها:
هل الشيخ الكبير هو نبي الله شعيب؟
عند التأمل في النصوص الشرعية والأحداث التاريخية، نجد جوابا يقلب ما هو مشهور في كتب التفاسير وما هو منتشر بين الناس.
ذلك أن هذا الشيخ الكبير ليس بنبي الله شعيب، لأمور عدة منها:
1 – أنه لو كان شعيبا لذكره الله عز وجل بشرف النبوة، ولسمته ابنتاه بالنبوة لا بوصف منكر (شيخ كبير).
2 – أن الأصل أنه ليس بشعيب والدليل على من قال إنه شعيب نبي الله.
3 – من الناحية التاريخية نجد أن هناك مدة من الزمن طويلة بين شعيب و موسى عليهما السلام. و تأمل في هذا:
قال سبحانه: ((وإلى عاد أخاهم هودا))، ثم قال: ((وإلى ثمود أخاهم صالحا))، ثم قال: ((وإلى مدين أخاهم شعيبا)). ثم بعد أن ذكر أخبار الأنبياء قال: ((ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا)).
فهذا التعبير القرآني يشعر - كما يقول غير واحد من المفسرين -: أن هناك زمن متباعد بين موسى وشعيب.
4 – أن هلاك قوم لوط في عهد إبراهيم، وشعيب يقول لقومه: ((وما قوم لوط منكم ببعيد)). و معلوم أن الزمن بين موسى وإبراهيم ولوط بعيد جدا. فنفهم من قوله ك ((وما قوم لوط منكم ببعيد)) أن موسى لم يدرك شعيبا عليهما السلام.
5 – أن الله قد أهلك قوم شعيب بتكذيبهم إياه، ولم يبق إلا من آمن به. وكيف بالمؤمنين أن يرضوا لبنتي نبيهم، بمنعهما عن الماء، وصد ماشيتهم، حتى يأتي رجل غريب، فيحسن إليهما.
ثانيا – الدروس المستفادة من الآية السابقة:
1 – النفرة من الاختلاط والبعد عنه في الأمم التي قبلنا.
2 – كريم أصل وعنصر هاتين البنتين حيث ابتعدتا عن مخالطة الرجال.
3 – كراهيتهما للخلطة بالرجال الأجانب، دل عليه أمور:
أ – الابتعاد عن مزاحمة الرجال.
ب – منع أغنامهما عن حياض الناس حتى لا تضطرا إلى الاختلاط لفصل أغنامهما عن أغنام الناس. (بمعنى البعد عن أسباب الاختلاط).
ج – خروجهما كان لحاجة حيث بينتا أن سبب خروجهما إلى هذا الموضع: حاجتهما إلى سقي الأغنام.
د – وبينتا أن سبب هذه الحاجة عدم وجود من يكفيهما هذه المهمة وأن أباهما رجل كبير السن.
هـ - انتظارهما انصراف الرجال لتسقيا بعد ذلك.
4 – المرأة لا تخرج إلا لضرورة أو حاجة ماسة كعمل أو علاج.
5 – كانتا في مهمة عمل ومع ذلك لم تتذرعا بالحاجة لهذا العمل إلى الاختلاط بالرجال.
6 – فيه شهامة وكريم خلق موسى عليه السلام الذي أعان هاتين البنتين مع أنه غريب عن البلد، فالأخلاق الحسنة يحملها صاحبها معه في أي مكان، وليس كما يفعله البعض، تجده خلوقا في بلده لأن الناس يعرفونه، ولكنه سئ الخلق في خارج بلده لأنه غريب.
7 – فيه سوء خلق وعدم مروءة أولئك الرجال الذين لم يسقوا للمرأتين مع أنهما من بلدهم.
8 – ذكر الله عز وجل لهذا الموقف بتفاصيله يدل على محبة الله للعفة و بغضه للاختلاط لأنه من أسباب الوقوع في معصيته، و فيه إشارة إلى حرمة الاختلاط.
9 – فيه أن المرأة إذا اضطرت واحتاجت إلى العمل فعليها تجنب الأعمال التي فيها خلطة بالرجال.
الدرس الثاني: قال تعالى: ((فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا)) القصص: (25).
الدروس من هذه الآية:
الأولى: من أعظم الصفات التي تحلت بها هذه الفتاة العفيفة الكريمة البعد عن الاختلاط كما مر في الآية السابقة، و الحياء كما في هذه الآية. فقد كان من صفتها الحياء، فهي تمشي مشي من لم يعتد الخروج والدخول. وهذا يدل على كريم عنصرها وخلقها الحسن، فإن الحياء من الأخلاق الفاضلة، وخصوصا في النساء. وقد ورد أنها كانت تستر وجهها بكم درعها.
¥