وجاء في التقرير أن (2740) (ألفين وسبعَمائةٍ وأربعين) مراهقة يومياً يحملن من السفاح.
أما الوقوع في الزنا بالتراضي، فهذا لا يذكره الغرب في هذه الدراسات؛ لأنه لا يعتبر جريمة عندهم، ولكن بدأ التحذير منه لأنه أعظمُ أسباب انتشار مرض الإيدز.
ونظراً لهذا كله بدأ الاتجاه في بعض المدارس، والجامعات إلى فصل الرجال عن النساء تماماً.
وأقول: لو لم يكن في منع الاختلاط إلا الآثارُ السلبية لكان كافياً في منعه.
ويَرِدُ على بعض العامة بشأن الاختلاط شبهتان:
الشبهة الأولى: أن الطواف بالبيت مختلط.
والجواب عن هذه الشبهة: أن الاختلاط الواقعَ اليوم في الطوافِ غيرُ جائز.
والطواف بالبيت لم يكن مختلطاً زمنَ النبي- صلى الله عليه وسلم-. فالنساء يطفن وحدهن دون الرجال.
كما قالت أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها-: ((كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله- صلى الله عليه- وسلم محرمات، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه)). أخرجه أحمد وأبو داود وسنده حسن.
وهذا ظاهر في أن النساءَ في مناسك الحج كنَّ على هيئةِ الجماعة، بعيدات عن الرجال، وقد حصل شيء من الاختلاط بعد النبي صلى الله عليه وسلم فأنكره الخليفة.
قال ابن حجر: ((روى الفاكهي من طريق زائدة عن إبراهيم النخعي قال:: نهى عمر أن يطوف الرجال مع النساء، قال: فرأى رجلاً معهن فضربه بالدَرَّة)).
وسُئل عطاءُ ابنُ أبي رباح - التابعيُ الثقة - عن اختلاطِ نساءِ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرجال في الطواف فقال: ((لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ كَانَتْ عَائِشَةُ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- تَطُوفُ حَجْرَةً مِنَ الرِّجَالِ لَا تُخَالِطُهُمْ)) [1].
وهل أصرح من هذا الجواب.
ومعنى حجرة: أي معتزلة في ناحية، أما الواقع فالواجب إصلاحه بما أمدنا الله جل وعلا من وسائل وإمكانات.
والشبهة الثانية التي تروجُ على بعضِ العامة في جوازِ الاختلاط: مداواةُ النساء للجرحى من الرجال في الجهاد في سبيل الله زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
والجواب عن هذه الشبهة يسير جداً: فإن المداواة هنا للضرورة، أما الرجال فالجيش بأمس الحاجة إليهم في قتال الكفار.
قال ابنُ حجر في الفتحِ تعليقاً على حديث مداواة الجرحى: " وفيه جوازُ معالجةِ المرأة الأجنبية الرجلَ الأجنبيَ للضرورة.
قال ابن بطال: ويختص ذلك بذوات المحارم، ثم بالمُتجالات منهن (وهن كبيرات السن اللواتي لا يحتجبن كالشابات)، لأن موضعَ الجرحِ لا يلتَذُّ بلمسه، بل يَقشعر منه الجلد، فإن دعت الضرورة لغير المتجالات فليكن بغير مباشرة، ولا مس " أهـ كلامُ ابنِ بطال نقلاً عن الفتح.
فانظر إلى فهمِ العلماء وقيودِهم، وهل نحنُ إلى هذه الدرجةِ من السذاجةِ حتى نستدلَّ بِمُداواةِ الجرحى للضرورة، على جواز الاختلاط في الاجتماعات والندوات، والسكرتارية، وفي كل ميادين التطبيب والتمريض بلا ضرورة أو حاجة ملحة.
والسؤال هنا كيف يتم تصحيح حال المستشفيات من واقع الاختلاط؟.
يتمنى كثير من الأطباءُ الأخيار، والطبيباتُ الخيرات، وغيرُهم: منعَ الاختلاطِ في المستشفيات، لكنهم يشعرون بصعوبة التغيير.
وأطرح هنا حلاً للمتفائلين، وهو أن يكون التصحيح على مرحلتين:
* المرحلة الأولى على المدى القريب.
* المرحلة الثانية تكون على المدى البعيد.
أما المدى البعيد: فهو ما نادى به سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله- ومن قبله سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم- رحمه الله- وهو إيجادُ مستشفى خاصٍ بالنساء، وآخرُ بالرجال.
ويبدأ ذلك من دراسة الطب: كلية خاصة للنساء، وأخرى للرجال، ومستشفى تعليمي للنساء، وآخرُ للرجال.
أما الحل الذي يكون على المدى القريب فيكون بأمور:
أولاً: وجودُ القناعة الشرعية بحرمةِ الاختلاط بالأدلةِ الشرعية كما سبق ذكره.
وتكرارُ الوعي فيه بين العاملين في الميدانِ الطبي وغيرِهم.
ثانياً: أن يقومَ ببيان ذلك للأطباء وطلاب الطب الأطباءُ أنفسُهم. فلابد أن يسمعَ طالب الطبِ من أستاذِه الصالح: أن الاختلاط محرمٌ شرعاً، وأن هذا الواقع لابد من إصلاحِه، و أن الجميع يتحمل واجب تغييره، وأنه لابد أن يتحقق إن شاء الله في يوم من الأيام.
¥