وقد ترك لنا البرهان إلى أخر الباب، حيث بدا لي هذا البرهان أصعب من النظرية نفسها. ثم قال: إن المفاهيم الشكلية والنظريات الرياضية (ولنتذكر أنه يحمل شهادة الماجستير في الرياضيات) لا تكون لها أهمية إذا لم تجد مجالا للتطبيق العملي .. وأول هذه التطبيقات هو تبسيط أشكال الدوائر. ثم طفق يعرض أوزان البحور التي هي أصول الدوائر على الشكل الآتي: (س = سبب خفيف، و = وتد مجموع، س = سبب ثقيل، و = وتد مفروق والرمزان الأخيران على كل منهما خط لم أتمكن من إظهاره)
الطويل = (و س و س س) 4
الوافر = (و س س) 6
الهزج = (و س س) 6
السريع = (س س و س س و س س و) 2
المتقارب = (و س) 8
ويذكرني هذا الشكل المبسط للدوائر بما قاله ابن السراج (أو ربما أستاذه الزجاج) بأن الدائرة الأولى تكال وتوزن بسبب مضموم ووتد وبسببين مجموعين مع وتد. والدائرة الثانية: يكيلها ويزنها وتد وفاصلة. والدائرة الثالثة: يكيلها ويزنها سببان ووتد. والدائرة الرابعة: يكيلها ويزنها سببان ووتد وسببان ووتد مفروق .. والدائرة الخامسة: يكيلها ويزنها وتد وسبب.
ثم يتساءل: "هل العلاقة الدورانية التي تسيّر النماذج النظرية موجودة على مستوى النموذج الفعلي للبيت"؟ ويجيب على هذا السؤال بالقول إنه "يمكننا أن ننظر إلى جميع أضرب الشعر وأن نبحث عن العناصر المتكافئة دائريا. ولكن أضرب الشعر لا تختلف أحيانا إلا بواسطة حرف وأحيانا بواسطة حركة، والتمايز في كل هذه الحالات ليس محسوسا. ولذا فإننا نقتصر هنا على النماذج المتمايزة عن غيرها بصفة جلية. كما أننا سنهمل كل الأشكال غير المستعملة سواء كانت بحورا مهملة أو أصولا لا تستعمل إلا مجزوءة.
1 - دائرة الطويل: (و س و س س) 4 تحتوي على بحر مستعمل واحد هو البسيط التام (س س وس و) 4.
2 - دائرة الوافر (و س س) 6 تحتوي على الكامل (س س و) 6.
3 - دائرة مجزوء الوافر (و س س) 4 تحتوي على مجزوء الكامل (س س و) 4.
4 - الرجز (س س و) 6 التام والرمل التام (س و س) 6 ينتميان إلى دائرة واحدة.
5 - دائرة الهزج (و س س) 4 تحتوي على الرجز المجزوء والرمل المجزوء.
6 - دائرة المنسرح التام تحتوي على الخفيف التام.
7 - المتقارب وحده في دائرته.
8 - والمتدارك (يقصب الخبب) أيضا وحده في دائرته.
9 - دائرة المضارع ((و س س) (و س س)) 2 تحتوي على المقتضب والمجتث ومجزوء المنسرح ومجزوء الخفيف.
10 - دائرة المديد ((س و س) (س و) (س و س)) 2 تحتوي على مجزوء البسيط ((س س و) (س و) (س س و)) 2 والسريع
((س س و) (س س و) (س و)) 2 والرمل الثاني ((س و س) (س و س) (س و)) 2.
وأخيرا، يختم هذا المبحث بقوله: " هذا التصنيف الجديد الذي مكننا من إبراز دوائر جديدة في العروض يظهر لنا أن العلاقة الدائرية ليست فقط علاقة نظرية خاصة بأوزان نظرية، وإنما هي علاقة تنطبق على الأوزان المستعملة في شكلها القريب من مستوى التحقيق".
وأنا ألتقي مع الدكتور حركات في كثير من مظاهر هذا الطرح المبتكر للدوائر وكذلك المقومات التي يستند إليها، مع العلم أنه لم يحصل بيننا أي لقاء أو تواصل على أي شكل كان.ويبدو من كلامه أن نظريته هذه وضعت عام 1978 م أثناء تحضيره لرسالة الدكتوراه بباريس وقد ظهرت مطبوعة بالعربية للمرة الأولى عام 1986 م.