تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم ذكر المليجي في الهامش أنه ورد في المخطوطة (مشتغلا) مكان (مستعملا) وأن هذا يخالف ما ذكره المصنف من كون عروضه: مستفعلن. أما الفتلي فلم يشر إلى هذا الاختلاف ولكنه قال في الهامش: "ورواية العقد: مشتملا للخير بدلا من (مستعملا بالخير) ". وعدت للعقد في النسخة التي ذكرها في مراجعه فلم أر مصداقا لقوله. ثم بحثت عن مرجع غيره يفترض أنه أثبت هذه الرواية فلم أجد إلا حاشية لمحقق الوجه الجميل للآثاري يورد فيها البيت بهذه الرواية النادرة ولكنه لم يرجعها إلى مصدر ما بعينه.

وفي شرح المصنف على البيت الثالث من الخفيف، وهو:

إن قدرنا يوما على عامر = نمتثل منه أو ندعه لكم

قال: عروضه فاعلن، وضربه فعِلن. والأصح أن يقول: وضربه فاعلن. وقد أبقى المحققان هذه العبارة على حالها، وعقب المليجي وحده بالقول: "وكثيرا ما تخبن هذه الصورة من هذا البحر".

والملاحظ على الكتاب أن المصنف كان يذكر فيه إثر بعض الأبيات تقطيعها ويهمل الكثير منها، فأتم المليجي عمله في باقي الأبيات بتقطيع ما أهمله الناسخ وجعل ذلك في الهامش. وليس هذا فحسب، وإنما ذكر أبيات الزحاف التي لم يستشهد بها المصنف وقطعها أيضا. غير أني لاحظت في تقطيعه أنه كان يعامل المد في الروي المطلق معاملة المقيد، نحو قوله:

وإن تدن – منه شبرن = يقرربك – منه باعن

وهذا خطأ، بلا شك، في قراءة البيت، إلا أن ما يحمد له أنه التفت في البيت الثاني من المتقارب إلى أن الناسخ أثبت المد في قافية الشاهد (السعالي) وأدرك أنه بذلك لا يكون شاهدا على هذا الضرب فصحح رواية البيت لتكون (السعالْ)، ولم ينتبه الفتلي مثله إلى ذلك.

وأخيرا، فقد كان حريا بالدكتور المليجي أن يطلع على كتاب العروض للزجاح الذي ظهر أول مرة عام 1425 هـ في مجلة الدراسات اللغوية، وطبع بعد ذلك في مكتبة الرشد عام 1428 هـ، فإنه يكون بذلك قد التمس العذر لنفسه في إعادة تحقيق كتاب لم تتأكد نسبته للمؤلف. وفيما يلي بعض الفقرات من كتاب العروض للزجاج ونظائرها من هذا الكتاب:

- قال الزجاج في باب الهزج: "وزحافه أن كل (مفاعيلن) فيه يجوز فيها سقوط الياء حتى تصير (مفاعلن)، إلا التي في العروض؛ فإنه يُكره منه اللبس بالوافر والرجز، وإن جاء لم يُستنكَر".

وجاء في هذا الكتاب: "يجوز إسقاط الياء من (مفاعيلن) حتى تصير (مفاعلن)، إلا التي في العروض فإنه يُكرَه منه اللبس بالوافر والرجز، وإن جاء لم يُستنكَر".

- وقال الزجاج حول البيت السادس من الرمل: "وقد جاء من هذا الجنس ما لم يذكره الخليل ولا ذكره الأخفش، عروض أخرى وهي:

فاعلاتن فاعلن = فاعلاتن فعِلن

وأصله: فاعلن".

وقال في زحافه: " والذي رأيته زائدا في هذه العروض عروض ثالثة ولها ضرب واحد، وهي على أربعة أجزاء:

فاعلاتن فاعلن = فاعلاتن فاعلن

وبيتها:

بؤس للحرب التي = غادرت قومي سدى

... قال أبو إسحاق: وأكثر ما رأيته جاء في هذه العروض (فعِلن) ".

وجاء في هذا الكتاب: "وقد جاء مثل هذا الجنس ما لم يذكره الخليل ولا الأخفش عروض آخر في الرباعي مثل قوله:

بؤس للحرب التي = غادرت قومي سدى

فهذا عروضه فاعلن، وضربه فاعلن، وأكثر ما يجيء في هذه العروض الضرب (فعِلن) ".

- قال الزجاج في زحاف الخفيف: "ويقع فيه التشعيث، وهو سقوط العين من (فاعلاتن) فيبقى (فالاتن) فينقل في التقطيع إلى (مفعولن) ...

وقد اختلف أصحاب العروض في تفسير ما سقط من (فاعلاتن)، [فقال بعضهم]: العين حتى يبقى (فالاتن) فنقل في التقطيع إلى (مفعولن)، وشبهوا حذف العين ها هنا، لأنها أول وتد، بالخرم.

وقيل إن اللام [هي] الساقطة لأنها أقرب إلى الآخر؛ [وذلك] لأن الحذف في الأواخر [وفي] ما قرب منها. وكلا القولين حسن وجائز، إلا أن الأقيس على ما بلونا في الأوتاد من الخرم أن تكون عين (فاعلاتن) [هي] المحذوفة. وقياس حذف اللام أضعف؛ لأن الأوتاد إنما تحذف من أوائلها أو أواخرها، وكذلك أكثر الحذف في العربية [إنما هو] من الأوائل والأواخر، فأما الأوساط فقليل ذلك فيها".

... فإسكان المتحرك قد رأيناه يجوز في حشو البيت، ولم نر الوتد حُذِف أوله إلا في أول البيت، ولا آخره إلا في آخر البيت".

وهذا النص، من قوله: "وشبهوا حذف العين .. " إلى قوله " ولا آخره إلا في آخر البيت" موجود بأكمله في المحكم 1/ 218 ونقله ابن منظور عنه في اللسان (شعث)، ولو اطلع عليه المحققان، في المرجعين اللذين أشرت إليهما، لأفادهما في تحقيق نصهما، كما أفادني نص هذا الكتاب المنسوب لابن السراج. ومن ذلك اضطراب المليجي في إثباته للعبارة التالية: "ولم نر الوتد حذف في أوله لا في أول البيت ولا في آخره، أي في آخر البيت". فما الذي تفهمه منها؟ وانظر أيضا إلى صياغتها عند الفتلي: "ولم نر الوتد حذف من أوله لا في البيت ولا في آخره إلا في آخر البيت"، وهو أشد اضطرابا فيها.

لم يبق لي للتأكيد على استحالة نسبة هذا الكتاب لابن السراج إلا أن أشير إلى أن هذا السارق، أيا كان، لا يتصور فيه أن يكون هو تلميذ الزجاج وخلفه في رئاسة المدرسة البصرية، ثم ينكره في اقتباس له من كتابه العروض، ثم يقول: "وقال بعض الحذاق: الذي حذف ألف فاعلاتن .... "، إنه الإنكار .. غاية الإنكار لفضل الأستاذ على تلميذه. فهلا راجع المحققان عملهما؟!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير