ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[21 - 11 - 2009, 05:38 م]ـ
شكر الله للأستاذ المحقق سليمان أبي ستة على إتحافنا دائماً بالجديد من كتب العروض، وعلى ملاحظاته القيمة على هذا الكتاب.
ونظراً إلى أنني كنتُ قد قرأت الكتاب، ووضعتُ على هوامشه عدداً من الملاحظات، التي وافق معظمها ما جاء في ملاحظات أخي سليمان، أحببتُ أن أثني على ملاحظاته، وأضيف:
1 - جاءت تسمية الكتاب مخالفةً لما جاء في المخطوط.
ففي المخطوط: "كتابُ محمد بن السريّ السراج في العروض"
وفي الكتاب: "كتابُ العروض المنسوب لأبي بكر بن السراج، ت316هـ".
فهل يحق للمحقق التصرف بمثل هذا التعديل؟
2 - قال المحقق: "وقد ذكر هذا الكتاب الزركلي في كتابه الأعلام، نقلاً عن بروكلمان" دون إشارة منه في الحواشي لا إلى الأعلام ولا إلى بروكلمان.
وقد رجعتُ إلى ترجمة ابن السراج في الأعلام، فلم أجد فيها سوى قوله:
"ابن السَّرَّاج (00 - 316ه 00 - 929م) محمد بن السري بن سهل، ابو بكر: احد ائمة الادب والعربية. من اهل بغداد كان يلثغ بالراء فيجعلها غيناً. ويقال: ما زال النحو مجنوناً حتى عقله ابن السراج باصوله. مات شاباً. وكان عارفاً بالموسيقى. من كتبه (الأصول -خ) في النحو، و (شرح كتاب سيبويه) و (الشعر والشعراء) و (الخط والهجاء) و (المواصلات والمذكرات) في الأخبار" اهـ
3 - لم يُشر المحقق من قريب ولا بعيد إلى تحقيق د. الفتلي لهذا الكتاب، وهو محقق كتاب ابن السراج الأهم: الأصول في النحو، والذي ذكره المليجي في آثار ابن السراج، دون أدنى إشارة إلى أنه محقق أيضاً.
فهل يعقل ألا يطلع المليجي على كتاب الأصول، وهو الأستاذ الجامعي ..
أم أنه أراد أن يوهم القارئ بعدم اطلاعه على تحقيق د. الفتلي أصلاً؟
4 - بناءً على بطاقة التعريف بالمخطوط، ذكر المحقق أن المخطوطة نسخت سنة 352هـ. ولكنه لم يُحقق في صحة هذا التاريخ.
فهل يستطيع كائن من كان أن يحدد تاريخ النسخ اعتماداً على دراسة خط المخطوطة؟
5 - في باب الطويل؛ تحدث المؤلف عن التصريع باختصار، قال بعده: "وقد ذكرتُ هذا فيما مضى".
وليس فيما مضى من الكتاب حديث للمؤلف عن التصريع.
فهل نستدلّ على وجود نقص فيه، أم على وجود كتاب آخر له، فصّل فيه القولَ على التصريع؟
6 - عند توثيقه قول الشاعر:
بؤسَ للحربِ التي=غادرتْ قومي سُدى
قال المحقق في حواشيه: "لم أعثر عليه"
وهو بيت مشهور، ذكره الزجاج في عروضه 86، والجوهري في ورقته 18، كما ذكر في المعيار 68، ومفتاح العلوم 547، والقسطاس 77، والعمدة 2/ 302.
7 - في زحاف الخفيف، قال: "يجوز خبن فاعلاتن في أوله".
وهذا يوهم أن الخبن لا يقع إلا في فاعلاتن الأولى من البيت.
ويبدو لي أن في هذا الكلام نقصاً تمامه ما جاء في عروض الزجاج: "يجوز في كلّ فاعلاتن" خبن أوله.
وكان على المحقق أن يشير إلى هذا، وإلى أن الخبنَ في الخفيف إنما يعمّ (مستفعلن) أيضاً، بدليل شاهد الخبن الذي أورده المحقق في حواشيه:
وفؤادي كعهدهِ لسًليمى=بِهَوًى لمْ يَحُلْ ولم يتغيّرْ
فعِلاتن مفاعلن فعِلاتن=فعِلاتن مفاعلن فعِلاتن
8 - وفي زحاف الخفيف أيضاً قوله: "ويجوز حذف النون من مستفع لن، ويسمى المكفوف".
وحقّ هذا الكلام أن يكون أيضاً: "ويجوز حذف النون في كلّ (فاعلاتن ومستفع لن) .. ". بدليل شاهد الكف الذي أورده المحقق في حاشيته أيضاً:
يا عُميرُ ما تُظهرُ من هواكَ=أو تُجِنُّ يُستكثَرُ حينَ يبدو
فاعلاتُ مستفعِلُ فاعلاتُ =فاعلاتُ مستفعِلُ فاعلاتُ
9 - تعليقاً على المراقبة في المضارع، نقل المحقّق تعريف المراقبة كما أورده محقق كتاب البارع لابن القطاع. وهو قوله:
"أن يسقط أحد الحرفين ويثبت الآخر، فلا يسقطان معاً ولا يُحذفان معاً".
وهو تعريف خاطئٌ، نبهتُ إليه في ملاحظاتي على كتاب البارع، صحيحه:
"فلا يسقطان معاً ولا يثبتان معاً".
10 - وفي زحاف المتقارب قال: "وقد رووا عن الخليل أنه لا يُجيز سقوطَ نون فعولن التي قبل (فلْ)، وكذلك لا يُجيزه مع (فعَلْ) التي في العروض الثانية، والأخفش يُجيزه".
نقل المحقق في حاشيته كلاماً للأخفش، أعتقد أنه نقله عن محقق كتاب البارع أيضاً، وهو: "قال الأخفش: فذهاب نون فعولن فيه أحسن، لأن أجزاءه كثُرت، وهو شعرٌ توهّموا فيه الخفّة، وأرادوا فيه سرعة الكلام، وأنت تجدُ ذلك إذا أنشدته، فكان ذهاب النون فيه أحسن".
وهو كلام يتحدث فيه الأخفش عن (فعولن) في المتقارب عامة، ولا يُفيد إجازة الأخفش لسقوط النون من (فعولن) التي تسبق الضرب (فل).
ولو أن المحقق نقل عن الأخفش مباشرة، دون اعتماده على كلام محقق البارع، لوجد ضالته في تمام قول الأخفش: " ... ذهاب النون فيه أحسن، إلاّ أن يكون بعدها فعَلْ أو فلْ، فيقبح إلقاؤها ... وهو مع قبحه جائز".
ثم إن قوله: "وكذلك لا يُجيزه مع (فعَلْ) التي في العروض الثانية" فيه نظر.
لأن (فعَلْ) هي ضرب للعروض الأولى أيضاً، والضربُ أولى أن لا يجوز فيه ذلك.
11 - نظراً إلى أن الكتاب مختصر، ولا يتضمن من أبيات الشواهد إلا شواهد الأصول، فقد حاول المحقق مشكوراً أن يتمّ في حواشيه شواهد الزحافات المختلفة .. ولكنه فوّتَ عدداً منها دون سبب منطقي.
ففي المقتضب على سبيل المثال لا الحصر، لم يورد المحقق شاهد الخبن فيه:
أتانا مبشّرنا = بالبيانِ والنُّذُرِ
مفاعيلُ مفتعلن= فاعلاتُ مفتعلن
وقل مثل ذلك في شواهد الخبن والكف والشكل والتشعيث من المجتث.