والمنقوص: كُلُّ اسمٍ وَقَعَتْ في آخره ياء قبلها كسرة؛ نحو: "القاضي"، و"الدَّاعي"، و"قاضٍ"، و"داعٍ"؛ فهذا يدخلُه النَّصب وحده مع التَّنوين، ولا يدخله رفعٌ ولا جرٌّ. وإنَّما سُمِّي منقوصًا؛ لأنَّه نقص شَيْئَيْنِ: حَركةً، وحرفًا؛ فالحرَكة هي الضَّمَّة أو الكسرة، حُذِفَتْ للثِّقَل، والحرف هو الياء، حُذِفَ لالتقاء السَّاكِنَين؛ فنقول في الرَّفع: "هذا قاضٍ يا فتى"، وفي الجرِّ: "مررتُ بقاضٍ يا فتى"، وكان الأصلُ: "هذا قاضِيٌ"، بضمِّ الياء وتنوينها، و"مررتُ بقاضيٍ"، بكسر الياء وتنوينها أيضًا؛ فاستُثْقِلَتِ الضَّمَّة والكسرةُ على الياء المكسور ما قبلها؛ لأنَّها قد صارَتْ مدَّة كالألِف؛ لسعةِ مخرجِها، وكَوْنِ حَرَكة ما قبلها مِنْ جنسِها ... ؛ فحُذِفَتِ الضَّمَّة والكسرة ... ، ولمَّا حُذِفَتْ؛ سكنتِ الياء، وكان التَّنوين بعدَها ساكِنًا؛ فحُذِفَتْ لالتقاء السَّاكِنَين ... ؛ فلذلك تقول في الرَّفع: "هذا قاضٍ"، وفي الجرِّ: "مررتُ بقاضٍ"، قال الله تعالى: ?فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ?، وقال: ?عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ?. وتقول في النَّصب: "رأيتُ قاضيًا"؛ تثبت الفتحة؛ لخفَّتها، قال الله تعالى: ?إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ?، وقال: ?أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ? ...
وجاء في "شرح الأشموني على ألفيَّة ابن مالك" وإنَّما لَمْ يَظْهَرِ الرَّفْعُ والجرُّ استثقالاً، لا تعذُّرًا لإمكانِهما. قال جرير:
فَيَوْمًا يُوافينَ الهوَى غَيرَ ماضِي
وقال الآخر:
لَعَمْرُكَ ما تَدْرِي متى أنتَ جائِيٌ * ولكنَّ أقصى مُدَّةِ العُمْرِ عاجِلُ ..
أمّا فيما يتعلق بالوقف على المنقوص .. فقد جاء في "شرح المُفصَّل" لابن يعيش " فإنْ كانَتِ الياءُ ممَّا أسقطهُ التَّنوين؛ نحو: "قاضٍ، وجَوارٍ، وعَمٍ"= فما كان مِنْ ذلك: فلكَ في الوقفِ عليه إذا كان مرفوعًا أو مجرورًا وجهان:
أجودهما: حذفُ الياء؛ لأنَّها لَمْ تَكُنْ موجودة في حال الوَصْلِ؛ لأنَّ التَّنوين كان قد أسقطَها، وهو وإنْ سقَطَ في الوَقْف؛ فهو في حُكْمِ الثَّابت؛ لأنَّ الوَقْفَ عارضٌ؛ فلذلك: لا تردّها في الوَقْفِ. هذا مع ثِقَلها، والوَقْفُ محلُّ استراحة، فنقول: "هذا قاضْ، ومررتُ بقاضْ، وهذا عَمْ، ومررتُ بِعَمْ"، قال سيبويه: هذا الكلام الجيِّد الأكثر.
والوجه الآخَر: أنْ تُثْبِتَ الياءَ؛ فتقول: "هذا قاضِي، ورامِي، وغازِي"؛ كأنَّ هؤلاء اعتزموا حذف التَّنوين في الوَقْفِ؛ فأعادوا الياء؛ لأنَّهُمْ لَمْ يضطرُّوا إلى حذفِها كما اضطرُّوا في حال الوَصْل. قال سيبويه: وحدَّثَنا أبو الخطَّاب ويونُس أنَّ بعضَ مَنْ يُوثَقُ بعربيَّتِه مِنَ العَرَب يقول: "هذا رامِي، وغازِي، وعَمِي"؛ حيثُ صارَتْ في موضِع غير تنوين. وقرأ به ابن كثيرٍ في مواضعَ مِنَ القرآن؛ منها: ?إِنَّمَا أنتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادِي?.
هذا إذا أسقطَهَا التَّنوين في الوَصْلِ.
فإنْ لَمْ يُسقِطْها: فإنْ كان فيه ألِفٌ ولامٌ؛ نحو: "الرَّامي، والغازِي، والعَمِي"؛ فإنَّ إثباتَها أجود؛ فنقول في الوَقْفِ: "هذا الرَّامي، والغازِي، القاضِي"، يستوي فيه حالُ الوَصْلِ والوَقْفِ؛ وذلك لأنَّها لَمْ تَسْقُطْ في الوَصْل؛ فَلَمْ تَسْقُطْ في الوَقْفِ. وَمِنْهُمْ مَن يَحْذِفُ هذه الياء في الوَقْفِ؛ كأنَّهم شبَّهُوهُ بِما ليس فيه ألِفٌ ولامٌ، ثُمَّ أدخَلُوا فيه الألِف واللام بعد أنْ وَجَب الحذفُ؛ فيقولون: "هذا القاضْ، والرَّامْ "
لكنّ السؤال المحيّر هو كما ذكرت: هل يصح أن نقف عليها مفتوحة من أجل القافية؟؟؟؟؟
ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[19 - 05 - 2010, 09:39 م]ـ
حذفت للتكرار
ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[19 - 05 - 2010, 09:41 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي أبا سهيل، أحسن الله إليك كما أحسنت بي الظن.
أخي الكريم، إجابة لدعوتك الكريمة أدلي بدلوي اجتهادا بما يرد عفو الخاطر، وقد يأتي بماء قراح وقد يأتي بحمأة وطين وقليل ماء. ولعلي أبحث بعد ذلك إن تيسر لي عن قول لعالم فآتيك بالخبر من فصه إن شاء الله.
وقد كُنْتُ نَحَّارَ الجَزُورِ ومُعْمِلَ الْ ****مَطِيِّ وأَمْضِي حَيْثُ لا حَيَّ مَاضِيَا
كما قال أبو سهيل، لا إشكال في نصب ماضيا لأنها صفة لاسم لا النافية للجنس وتبعتها على المحل، وخبر لا كون عام محذوف.
¥