فَأَشكُرَهُ إِنّي إِلى ذاكَ شائِقٌ / فَيا لَيتَ شِعري هَل يَكونُ تَلاقِيا
نصب تلاقيا يمكن أن يكون على أنه خبر يكون، واسمها محذوف، والتقدير: فيا ليت شعري هل يكون ذلك (ما يفهم من البيت السابق) تلاقيا.
دعوني دعوني قد أطلتم عذابيا ... وأنضجتم جلدي بحرّ المكاويا؟؟؟
نؤجل الحديث عن (المكاويا) لما فيها من إشكال ...
وهيهات أن أسلو من الحزن والهوى ... وهذا قميصي من جوى البين باليا
سكن الشاعر واو أسلو لضرورة إقامة الوزن، وحقها أن تحرك بالفتح للنصب بأن.
باليا: منصوب على الحالية نحو وهذا بعلي شيخا
خليليّ هيا أسعداني على البكا ... فقد جهدت نفسي ورب المثانيا
نؤجل الحديث عن المثانيا مع المكاويا.
وقيسا بأعلى حضرموت اليمانيا
اليمانيا: نعت لقيسا وليس لحضرموت.
أمعشر تيم قد ملكتم فأسجحوا ... فإن أخاكم لم يكن من بوائيا
بوائيا: الياء ضمير المتكلم وحركت بالفتح ثم أشبعت الحركة للإطلاق.
فيا عاص فك القيد عني فإنني ... صبور على مر الحوادث ناكيا
ناكيا: اسم فاعل من نكى ينكي إذا بالغ في الإصابة والهزيمة، ونصبت على الحال من (مَرِّ الحوادث)، أي: إنني صبور على مرور الحوادث حال نكايته فيَّ.
أحقا عباد الله أن لست سامعاً ... نشيد الرعاء المعزبين المتاليا
المتاليا: جمع متلية وهي وصف للإبل، ونصبت على المفعول به لاسم الفاعل المعزبين، أي الرعاء المبعدين إبلهم.
الآن ننظر في إشكال (رب المثانيا و حر المكاويا)
أولا: الشاعران ممن يحتج بكلامهما، فلو صحت الرواية لانتفى احتمال اللحن، ولكان للكلام وجه فصيح. وهذا الوجه يحتمل أن يكون:
* لما احتاج الشاعر أن يحرك المثاني والمكاوي لم يكن له إلا الفتح لسببين:
الأول: أن تحريك الياء بالكسر ثقيل فعدل إلى الفتح لخفته، ثم أشبع الحركة للإطلاق.
الآخر: أن مثاني ومكاوي بغير أل تدخلان عموما تحت صيغة منتهى الجموع التي تمنع من الصرف، ولو لم تحذف ياؤهما حال الجر لحركتا بالفتح نيابة الكسر، فروعي ذلك حال بقاء الياء مع أل وتعذر العوض بالتنوين.
* قد تكون ألف المثانيا والمكاويا، ألف التوجع جاء بها الشاعران بلا نداء، وبنيا عليها قصيدتيهما؛ وخصوصا أن العاطفة السائدة في القصيدتين هي الحزن والتوجع هذا لما يعانيه من ألم الأسر وتوقع القتل، وذاك لما يعانيه من ألم الحب والبعد عن حبيبته. فلما دخلت الألف فتحت الياء السكنة قبلها.
* قد تكون الألف في الكلمتين، بل في كامل القصيدتين مبدلة من تنوين الترنم، فهي في الإنشاد نون ساكنة وفي الوقف ألف، وحركت الياء الساكنة قبلها أيضا لذلك، ومراعاة للوقف.
هذا والله تعالى أعلم.
ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[20 - 05 - 2010, 08:33 ص]ـ
أشكر الأخوة على حسن اجتهادهم في توضيح هذه الأبيات اليائية المشكلة، وآمل أن يكملوا جميلهم بإبداء الرأي في بيت مالك بن الريب التالي:
ولن يعدم الوالون بثا يصيبهم = ولن يعدم الميراث مني المواليا
مع ضبطه وبيان معناه.
ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[20 - 05 - 2010, 11:09 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ينسب هذا البيت إلى مالك بن الريب وإلى علقمة الفحل، وقد دخل التصحيف شطره الأول، فجاء بروايات مختلفة:
و (ف) لن يعدم البانون بيتا يجنني
و (ف) لن يعدم البانون بيتا يكنهم
و (ف) لن يعدم الباقون قبرا لجثتي
و (ف) لن يعدم الوالون بثا يصيبهم
و (ف) لن يعدم الوالون بيتا يجنني
و (ف) لن يعدم الولدان بيتا يجنني
والمعنى العام في أغلب الروايات واحد، هو أنه ترك خيرا لمن يرثه. وفي رواية (بثا يصيبهم) يعني أن موته مصاب عظيم وخسارة فادحة لقومه لعظم مكانته بينهم.
وأما الشطر الثاني: ولن يعدم الميراث مني المواليا
فيحتمل أن يكون ضبطه: ولن يعدم الميراثُ مني المواليا، بضم الميراث وفتح الموالي، وذلك إما على القلب كعرضت الناقة على الحوض، أو خرق الثوب المسمار وذلك لوضوح المعنى وأمن اللبس. وإما على غير القلب تأكيدا على الجاه والسيادة وامتلاك الموالي، فالميراث لن يعدم أقارب وموالي يعطون منه. وعلى هذا فلا إشكال في نصب موالي.
الاحتمال الآخر، وعليه ضبط البيت، وهو نصب الميراث.
وعليه يكون الإشكال في فتح المواليا.
وأرى أن فتح الياء هنا كفتحها في المثانيا والمكاويا، من حيث إنه لما أراد تحريك الياء لم يكن أمامه إلا الفتح، لثقل تحريك الياء بالكسر في المثانيا والمكاويا، وثقل تحريكها بالضم هنا لأنها مرفوعة على الفاعلية. وذلك لأن التحريك بالفتح أخف من التحريك بالضم والكسر، وقد سكنت الياء في الحالين هربا من هذا الثقل، فإن أرادوا التحريك ما كان لهم أن يحركوها بما هربوا منه ولم يبق إلا الفتح.
وما يقوي هذا عندي أنهم لو أتوا بهاء السكت لقالوا (المثانيَه والمكاويَه والمواليَه) وحركوا الياء بالفتح، ولمَّا كان الفتح لا يلزم هاء السكت كلزومه هاء التأنيث، كانت علته طلب الخفة، كما هو الحال عند دخول هاء السكت على ياء الضمير وياء المبني. وكذلك هنا لما أراد التحريك للإطلاق.
هذا والله أعلم
¥