تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فـ "لا يُمكن اعتِبار التَّفعيلات التي تقوم على أُسُس مِن توالي مقاطع لها كمٌّ محدَّد - أساسًا لنضع عليْه قواعد النَّبر؛ لأنَّ هذه التَّفعيلات لا تسلم من التَّغيُّرات الكمِّيَّة التي أباحها الخليل (مثل الزحافات والعلل)، والتي لم يُبِحْها (مثل اجتماع الزِّحافات في مواضعَ غير جائزة عند العروضيِّين)، وهذه التغيُّرات الكمِّيَّة تؤثر بالضَّرورة على مواضع النبر [16] ( http://arood.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn16).

وجهة نظر:

وإليك إحدى وجهات النَّظر التي تضع النَّبر على جزء معين من كل تفعيلة، أو على مكون أساسي من مكونات الوزْن العروضي، وسيحتكم البحث إلى النَّماذج التطبيقيَّة من الشِّعْر العربي، وإلى المعْطيات الصرفيَّة والنَّحويَّة لإثْبات وجْهة النَّظر أو نفْيِها.

يرى "فايل" أنَّ الوتِد المجموع هو حامل النبر [17] ( http://arood.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn17)؛ لأنَّه يكوِّن اللبَّ الإيقاعيَّ للوزْن [18] ( http://arood.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn18).

نعم، يلعب الوتِد دورًا رئيسًا في تفعيلات الشعر؛ حيثُ لا تخلو منه تفعيلة صحيحة، ولكن هل يعني هذا أنَّ الوتِد هو دائمًا حامل النبر؟

الواقع الشعْري ينفي هذا بشدَّة، مستندًا إلى معطيات الوزن العروضي والصَّرف والنَّحو والدّلالة، وإليك بعضَ النماذج التي تؤكِّد هذا:

يقول عمر بن أبي ربيعة في مطلع قصيدتِه:

لَيْتَ هِنْدًا أَنْجَزَتْنَا مَا تَعِدْ وَشَفَتْ أَنْفُسَنَا مِمَّا نَجِدْ [19] ( http://arood.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#19)

فالبيت من الرَّمَل التَّام: العروض محذوفة والضَّرب كذلك.

عروضه: ما تعد وضربه: ما نجد

فاعلن فاعلن

والنطق السليم للوتِد المجموع "تعد" و"نجدْ" يكون بعدَم الضَّغط على حركة التاء وحركة العين من "تعد"، وعدم الضَّغط على حركة النُّون وحركة الجيم من "نجد"، فتنطقان كصيغة "فِعِل"، ويُحتكم في ذلك إلى:

1 - المستوى العروضي: حيثُ يقضي بأنَّ "تعد" و"نجد" كل منهما يساوي وتدًا مجموعًا "- - ه"، ويُكونان مع "ما" عروض البيت وضربه "فاعلن"، فهما محذوفان.

2 - على المستوى المعجمي: "تعد" يُكشف عنه في مادة: "و ع د"، و"نجد" يُكشف عنه في مادة: "و ج د".

3 - المستوى الصرفي: "تعد": فعل ثلاثي مجرَّد، معتل مثال، محذوف الفاء في المضارع مكسور العين ووزنه "تعِل"، وكذلك "نجد": ووزنه "نعِل".

4 - على المستوى النحوي: تعد: فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره "هي" يعود على "هند" وقد حُذف مفعولا "تعد"، والتقدير "ما تعدناه، أو تعدنا إيَّاه"، والضمير المنفصل هو العائد على اسم الموصول "ما"، و"نجد" فعل مضارع مرفوع [20] ( http://arood.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn20)، والفاعل ضمير مستتر تقديره "نحن".

5 - على المستوى الدلالي: يتمنَّى الشاعر لو تَفِي محبوبتُه هند بما وعدتْه به؛ حتى تَشفِيَ نفسَه مما تعاني من لوعة انتِظار الوفاء بالعهد.

هكذا نجد المعطيات العروضيَّة والصرفية والنحويَّة تؤكِّد أنَّ النُّطق المستقيم للوتِد هنا يكون بعدم الضَّغط على حركتيْه.

أمَّا إذا حكَّمنا قواعد فايل فسينطق البيت هكذا:

لَيْتَ هندًا أَنْجَزتَنْا مَا تَعِدّ وَشَفَتْ أَنْفُسَنَا مِمَّا نَجِدّ

بالضَّغط على حركة التَّاء وحركة العين من "تعد"، وحركة النون وحركة الجيم من "نجد"، كصيغة "فٍعٍل" [21] ( http://arood.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn21)، وهذا يؤدِّي إلى إخْلال وفساد يشمل جميع المستويات كالتَّالي:

1 - على المستوى العروضي: وزن كلٍّ من "تعدّ" و"نجدّ" "- - خ خ"، ويُكوِّنان مع "ما" "فاعلان"، فكأنَّ التفعيلة أصابَها "القصر"، وهو حذف ساكن السبب الخفيف وإسكان متحركه.

2 - على المستوى المعجمي: "تعِدّ": لا وجود له في المعاجم؛ لأن الموجود في المعاجم العربية: "عدَّ يعُدّ"، و"نجد" يُكشف عنه في مادة "ج د د".

3 - على المستوى الصرفي: "تعِدّ": فعل ثلاثي، صحيح مضعف، على وزن "تفعِل" "نجدّ" فعل ثلاثي، صحيح مضعف، على وزن "نفعِل".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير