4 - روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنهعن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنّ عفريتا من الجنّ تفلّت عليّ البارحة – أو قال كلمة نحوها – ليقطع عليّ الصّلاة، فأمكنني اللّه منه، فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتّى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم، فذكرت قول أخي سليمان ربِّ اغْفِرْ لي وَهَبْ لي مُلكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي. قال رَوْح:فردّه خاسئا)).
5 - وفي الصحيحين عن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما قال: ((انطلق النّبيّ صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشّياطين وبين خبر السّماء، وأرسلت عليهم الشّهب، فرجعت الشّياطين إلى قومهم فقالوا: ما لكم؟ فقالوا حيل بيننا وبين خبر السّماء، وأرسلت علينا الشّهب، قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السّماء إلاّ شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الّذي حال بينكم وبين خبر السّماء.
فانصرف أولئك الّذين توجّهوا نحو تهامة إلى النّبي صلى الله عليه وسلم وهو بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلمّا سمعوا القرآن استمعوا له فقالوا: هذا واللّه الّذي حال بينكم وبين خبر السّماء، فهنالك حين رجعوا إلى قومهم وقالوا: يا قومنا إنّا سمعنا قرآنا عجبا، يهدي إلى الرّشد فآمنّا به ولن نشرك بربّنا أحدا. فأنزل اللّه تعالى على النّبي قل أوحي إليّ .... وإنّما أوحي إليه قول الجنّ)).
ج- الإجماع:
انعقد إجماع أهل العلم الثّقّات من غير أهل الأهواء والنّحل على وجود الجنّ كما ذكر ذلك ابن حزم، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وسعد الدّين التّفتازاني، وجلال الدّين السّيوطي، وذكر بدر الدّين الشّبلي نقلاً عن إمام الحرمين الجويني أنّه قال: ((والتّمسّك بالظّواهر والآحاد تكلّف منّا مع إجماع كافة العلماء في عصر الصّحابة والتّابعين على وجود الجنّ والشّياطين، والاستعاذة باللّه تعالى من شرورهم، ولا يراغم مثل هذا الاتّفاق متدين متشبث بمسحة من الدّين)).
وبالاستناد إلى هذه الأدلّة المتنوّعة من القرآن والسّنة والإجماع يصحّ الجزم بأنّ الجنّ خلق موجود على وجهٍ من الوجوه، كما أنّه لا ينكر ذلك إلاّ من عميت بصيرته عن الحقّ.
وللعلماء ردود مفصّلةعلى منكري وجود الجنّ لا مجال لذكرها في هذه الدّراسة اللغوية.
يتبع
تنبيه: حقوق النشر محفوظة للكاتب، ولا يجوز نشره بأي وسيلة دون إذن خطي من الكاتب
ـ[الصاعدي]ــــــــ[28 - 03 - 2005, 08:01 ص]ـ
الفصل الأوّل
ألفاظ الجنّ جمعاً وتصنيفاً
أذكر في هذا الفصل ما جمعته من ألفاظ تتعلق بالجنّ، بوجه من الوجوه؛ كأجناسهم وأصنافهم ومراتبهم، وأسمائهم، وكناهم، وأوصافهم، وقبائلهم، ومواضعهم، وحكاية أصواتهم، وأشيائهم، وأسماء ما قد يصيب الإنسان منهم، وألفاظ الإتباع، مصنفاً بحسب دلالة كل لفظ، ومرتباً في كل صنف على حروف المعجم، من غير تجريد للكلمة من زوائدها ولا اعتداد بأداة التعريف، مع توثيق اللفظ، وبيان أصله واشتقاقه اللغويّ حين يظهر لي ذلك، متجنّباً الإطالة المملة والإيجاز المخلّ.
وفيما يلي ذلك:
المبحث الأوّل: أجناس الجنّ وأصنافهم ومراتبهم
الجن أجناس وأصناف ومراتب، من أهمّها: الجنّ، والجمّ، أو الخوافي، والشياطين، والمَرَدة، والعفاريت، والأرواح، والعُمّار، والغيلان، والسعالي.
ويروى عن ابن عبد البرّ أنه قال: ((الجنّ عند أهل الكلام والعلم باللسان منَزّلون على مراتب، فإذا ذكروا الجنّ خالصاً قالوا: جنّيّ، فإن أرادوا أنه ممن يسكن مع الناس قالوا: عامر، والجمع عُمّار، فإن كان ممن يعرض للصبيان قالوا: أرواح، فإن خبث وتعزّم فهو شيطان، فإن زاد على ذلك فهو مارد، فإن زاد على ذلك وقوي أمره قالوا: عِفْريت، والجمع: عفاريت)).
وفيما يلي ما جمعته من ألفاظ هذا الصنف، أعني: أجناس الجن وأصنافهم ومراتبهم:
(الأرواح) جمع روح، وهي كناية عن الجنّ، كما ذكر أهل اللغة. لأنّ الجنّ لا تُرى أجسادُهم، فكأنّها أرواح بلا أجساد.
وأصل اشتقاقه من: ((الرّيح)) الهواء. وأصل الياء في ((الرّيح)) الواو، قلبت ياء للكسرة قبلها. والعلاقة بين الرّوح والرّيح ظاهرة، والجامع بينهما هو الخفاء واللّطافة.
¥