ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[21 - 12 - 2008, 04:32 م]ـ
قصة تمام بن جعفر
كان تمام بن جعفر بخيلاً على الطعام، مفرط البخل. وكان يقبل على كل من أكل خبزه بكل علة، ويطالبه بكل طائلة، وحتى ربما استخرج عليه أنه لابن، جلاد الدم.
وكان إن قال له نديم له: ما في الأرض أحد أمشي مني، ولا على ظهرها أحد أقوى على الحضر مني! قال: وما يمنعك من ذلك، وأنت تأكل أكل عشرة؟ وهل يحمل الرجل إلا البطن؟ لا حمد الله من يحمدك!
فإن قال: لا والله إن أقدر أن أمشي، لأني أضعف الخلق عنه، وإني لأنبهر من مشى ثلاثين خطوة! قال: وكيف تمشي وقد جعلت في بطنك ما يحمله عشرون حمالاً! وهل ينطلق الناس إلا مع خفة الأكل؟ وأي بطين بقدر على الحركة؟ وإن الكظيظ ليعجز عن الركوع والسجود، فكيف بالمشي النكير!
فإن شكا ضرسه وقال: ما نمت البارحة مع وجعه وضربانه، قال: عجبت كيف
اشتكيت واحداً، وكيف لم تشتك الجميع! وكيف بقيت إلى اليوم في فيك حاكة! وأي ضرس يقوى على الدرس والطحن! والله إن الأرحاء السورية لتكل، وإن الميجان الغليظ ليتعبه الدق! ولقد استبطأت لك هذه العلة! ارفق، فإن الرفق يمن، ولا تخرق بنفسك، فإن الخرق شؤم!
وإن قال: لا والله، إن اشتكيت ضرساً لي قط، ولا تجلجل لي سن عن موضعه منذ عرفت نفسي، قال: يا مجنون! لأن كثرة المضغ تشد العمور، وتقوي الأسنان، وتدبغ اللثة، وتغدو أصولها.
وإعفاء الأضراس من المضغ يريحها. وإنما الفم جزء من الإنسان. وكما الإنسان نفسه إذا تحرك وعمل قوى، وإذا طال سكونه تفتخ واسترخى، فكذلك
الأضراس. ولكن رفقاً! فإن الإتعاب ينقص القوة. ولكل شيء مقدار ونهاية. فهذا ضرسك لا تشتكيه
بطنك أيضاً لا تشتكيه؟
فإن قال: والله إن أروى من الماء. وما أظن أن في الدنيا أحداً أشرب مني للماء، قال: لابد للتراب من ماء، ولابد للطين من ماء يبله ويرو. أوليست الحاجة على قدر كثرته وقلته؟ والله لو شربت ماء الفرات ما استكثرته لك، مع ما أرى من شدة أكلك، وعظم لقمتك! تدري ما قد تصنع؟ أنت والله تلعب! أنت لست ترى نفسك! فسل عنك من يصدقك، حتى تعلم أن ماء دجلة يقصر عما في جوفك!
فإن قال: ما شربت اليوم ماء البتة، وما شربت أمس بمقدار نصف رطل، وما في الأرض إنسان أقل شرباً مني للماء، قال: لأنك لا تدع لشرب الماء موضعاً! ولأنك تكنز في جوفك كنزاً لا يجد الماء معه مدخلاً! والعجب لا تتخم؛ لأن من لا يشرب الماء على الخوان لا يدري مقدار ما أكل، ومن جاوز مقدار الكفاية كان حرياً بالتخمة.
فإن قال: ما أنام الليل كله، وقد أهلكني الأرق، قال: وتدعك الكظة والنفخة والقرقرة أن تنام؟ والله لو لم يكن إلا العطش الذي ينبه الناس لما نمت. ومن شرب كثيراً بال كثيراً. ومن كان الليل كله بين شرب وبول كيف يأخذه النوم؟
فإن قال: ما هو إلا أن أضع رأسي، فإنما أنا حجر ملقى إلى الصبح، قال: ذلك لأن الطعام يسكن ويخدر ويحير، ويبل الدماغ، ويبل العروق، ويسترخي عليه جميع البدن. ولو كان في
الحق، لكان ينبغي أن تنام الليل والنهار!
( ops
قال: أصبحت وأنا لا أشتهي شيئاً، قال: إياك أن تأكل قليلاً ولا كثيراً؛ فإن أكل القليل على غير شهوة، أضر من الكثير مع الشهوة. قال الخوان: ويل لي ممن قال: لا أريد! وبعد، وكيف تشتهي الطعام اليوم، وأنت قد أكلت بالأمس طعام عشرة! وكان كثيراً ما يقول لندمائه: إياكم والأكل على الخمار، فإن دواء الخمار الشراب. الخمار تخمة. والمتخم إذا أكل مات لا محالة. وإياكم والإكثار في عقب الحجامة والفصد والحمام. وعليكم بالتخفيف في الصيف كله. واجتنبوا اللحم خاصة.
وكان يقول: ليس يفسد الناس إلا الناس: هذا الذي يتكلم بالكلام البارد، وبالطرف
المستنكرة، لو لم يصب من يضحك له، وبعض من يشكره ويتضاحك له -أوليس هو عنده إلا أن يظهر العجب له؟ - لما تكلف النوادر. ألا أهلك قول الناس للأكول النهم، وللرغيب الشره: فلان حسن الأكل! هو الذي أهلكه، وزاد في رغبته، حتى جعل ذلك صناعة، وحتى ربما أكل - لمكان قولهم وتقريبهم وتعجبهم - ما لا يطيقه فيقتل. فلا يزال قد هجم على قوم، فأكل زادهم، وتركهم بلا زاد! فلو قالوا بدل قولهم: فلان حسن الأكل: فلان أقبح الناس أكلاً، كان ذلك صلاحاً لفريقين.
ولا يزال البخيل على الطعام قد دعا الرغيب البطن، واتخذ له الطعام الطيب، لفي عن نفسه المقالة، وليكذب عن نفسه تلك الظنون.
ـ[ياسين الساري]ــــــــ[21 - 12 - 2008, 08:40 م]ـ
قيل لطفيلي: أي سورة تعجبك من القرآن؟
قال: المائدة
قيل: فأي أية؟
قال: ذرهم يأكلوا ويتمتعوا
قيل: ثم ماذا؟
قال: آتنا غداءنا
قيل: ثم ماذا
قال: أدخلوها بسلام آمنين
قيل:ثم ماذا
قال: وما هم منها بمخرجين.
******
قيل لعثمان بن دراج الطفيلي يوما: كيف تصنع بدار العرس اذا لم يدخلك أصحابها؟
قال: أنوح على بابهم فيتطيرون من ذلك فيدخلوني
وقيل له أتعرف بستان فلان،قال: أي والله انه الجنة الحاضرة في الدنيا، قيل: لم لا تدخله وتأكل من ثماره وتستضل بأشجاره و تسبح في أنهاره؟ قال: لان فيها كلبا لا يتمضمض الا بدماء عراقيب الرجال.
وقيل له يوما: ما هذه الصفرة التي في لونك؟ قال: من الفترة من المضيفين.
وقال: مرت بنا جنازة يوما ومعي ابني ومع الجنازة امرأة تبكي وتقول: الان يذهبون بك الى بيت لا فراش فيه ولا غطاء ,ولا وطاء ولا خبز ولا ماء, فقال ابني: يا أبت الى بيتنا والله يذهبون.
¥