تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

، حتى هم الشافعي أن يأخذها عنه لولا ما عرف به، كما قال الشافعي رحمه الله، وكان الشافعي شيخاً لبعض علماء اللغة في الرواية والإعراب والغريب، قرأ عليه الأصمعي شعر هذيل، وكان علماء البلاغة والنحو يحتجون برأي الشافعي في اللغة، وله كلام مشهور في تفسير قوله تعالى (ألا تعولوا) خالف فيه واتبع واتُّبع، واقرأ إن شئت مقدمة أحمد شاكر رحمه الله لتحقيق كتاب الرسالة للشافعي، ولم يكن هناك خلط، وإنما كان كل علم عند هؤلاء الكبار يسلك طريقه على منهجه، فالفقيه علي بن عبدالعزيز الجرجاني كان قاضياً، وكان لا يتولى القضاء إلا من برع في الفقه، وصارت له فيه ملكة يقتدر بها على القياس، أقول: هذا الفقيه الإمام هو الذي قال (الشعر بمعزل عن الدين) يعني أن له قياساً آخر، وكان رائعاً جداً أن تصدر هذه الكلمة التي لا تزال من قضايا الناس من فقيه، فيه رزانة القاضي، ووقاره، وعلمه، واتزانه، وتردده، وبعده عن التجري والتسرع، وقد ظهر ذلك كله في كتاب الوساطة الذي كان فيه ممسكاً بميزان العدل والاعتدال.

بمعنى أن النظر إلى الشعر ليس كالنظر إلى القرآن أو السنة، أنت تنظر للشعر بمنظار فني أدبي نقدي يختلف عن المنهج الذي تنظر به إلى الشرع. بمعنى أنك تبحث عن الصور عن الأخيلة عن العواطف عن الاستعارات، بغض النظر عن الكلام. لأنك لا تستخرج من الشعر ديناً وتكليفاً، نعم .. أنا أمقت الشعر السفيه، الماجن، العاري، والكافر من باب أولى. ولكن يبقى شعراً. وقد أنشد ابن عباس:

وهن يمشين بنا هميسا إن تصدق الطير ...... لميسا

وقام إلى الصلاة بعدها. وما رفث ولا فسق، والعلماء كانوا ولا زالوا لا يتورعون في الاستشهاد بالشعر عن ذكر بعض الألفاظ التي تخدش الحياء أحياناً وانظر في كتب النحو والتفسير وسترى أمثال:

لا تأمنن فزارياً خلوت به على قلوصك واكتبها بأسيار

وغيره.

واقرأ إن شئت كتاب أدب الفقهاء لعبدالله كنون رحمه الله وسترى من شعر الفقهاء الكثير من الغزل البريء، واقرأ غزل الفقهاء للطنطاوي رحمه الله، وللقصيبي كتاب جيد في غزل الفقهاء كذلك.

أعتذر عن الإطالة ولعلي خرجت عن الموضوع ولكن لعل الأمر لا يخلو من فائدة، وما أحوجني إلى التقويم والإرشاد من إخواني الأساتذة والشعراء في هذا المنتدى، الذي يتثيرونني للكتابة والحوار، ولولاهم لكنت منفرداً بكتاب في أحد زوايا بيتي، لا أقول ولا يقال لي.

وختاماً أنا سأتفق معكم حباً لكم، وأنا لآ أقول مثل هذا إلا في نقاش مع أساتذتي من أمثالكم، أما الطلاب والعامة فأبغض لهم نزار، وأكرههم في شعره، ولا أثني عليه معهم ابدا

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير