تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(يعود الشاعر ويقف بالباب وقد اختلفت ملامح وجهه ويتقدم بخطا ثقيلة). (يستدرج مظفر الشاعر ويضع يده في يده ويتمشيان فوق المسرح بحركة بطيئة حالمة وكأنهما سابحان في الهواء)

مظفر:

قل لعل القيود ترحم قيداً أعتقتهُ يد المساء صباحا

منيب:

قل فأنت الذي فتنت قلوباً وطويت الزمان فيها فباحا

الشاعر:

الثريا تعلقت بسهيلٍ فلق الصبح إذ تشد الجناحا

وسهيلٌ عن الخلائق غافٍ نبهوهُ فأشعل المصباحا

يدعي قوةً ويسقط ضعفاً روحه قد تساقطت أرواحا

يصرخ الشاعر ويسقط أرضا وتنتابه حالة من الصرع وتحمله المجموعة على أكتافها خارجة من المسرح

ستار

الفصل الثالث

المنظر الأول

(تسلط الأضواء على الخليفة أبي جعفر المنصور وهو متربع على عرشه وبين يديه مجموعة قليلة من الناس جعلهم المخرج أصواتا مجهولة لقلة اهتمام الخليفة بالأدباء ــ ودار الخلافة ليست كما يتصورها المتفرجون في فخامتها المعروفة وما كان خطأ الخليفة لبخله ولكن المخرج يعاني من قلة المال)

(يدخل الحاجب وبرفقته أحد القادة)

الربيع:

مولاي قد ظفر الجنود بما أرَدتْ

أبو جعفر:

الشاعرُ (المؤمّلُ) .. ؟

القائد:

وغلامه والجاريهْ

أبو جعفر (مبتسما وهو ينظر إلى القائد):

أدْرَكْتَهم من قَبْلِ أنْ تطأَ الثرى أقدامُهم

ورأَيْتَهُ جوف السفينة خائفاً يترقبُ

القائد:

مولاي سرِّي في يديكْ

تدري بما سوف أقولْ

أبو جعفر:

عوّدتني ما قلتهُ

(يشير بيده إلى الحاجب):

ادخلهُ واحبسْ من معهْ

الربيع:

السمع والطاعهْ

(يستدير ذاهباً ويخرج القائد معه)

أبو جعفر (يحدث نفسه):

افٍّ لهم

المادحينْ

القادحينْ

يتمسحون بكل دينارٍ ودرهمْ

(يدخل المؤمل ولا ينظر في الناس ويقف بخوف أمام الخليفة):

على أمير المؤمنينْ

خير السلامْ

أبو جعفر (يباغته وبحده):

كيف غرَّرتَ بابني وخدعتَهْ؟

المؤمل:

ما خدعتُهْ .. بل مدحتُهْ

أبو جعفر (بغضب):

بل خدعتَهْ

صوت:

هو يدري بأنهُ كاذبٌ حين يمدحُ

المؤمل:

إنْ أكن حقا خدعتُهْ

إنما يُخدع في القوم الكريمْ

أبو جعفر:

بكلامٍ سالب عشرين ألفا

المؤمل:

إن نبض الشعر أنفاس الخليقهْ

أتسميهِ كلاماً ليس إلا؟

مثلما تسهرُ في عدل الرعيَّهْ

ساهر وحدي على ردْ القوافيْ

أقتفي الشارد منها

كلما أدركتها عزَّتْ عليْ

صوت:

ليس للشاعر في هذا الوجودْ

غير شعرٍ صادق فيه كذوبْ

صوت:

هو بالهجو صادقٌ

صوت:

وبه السوط عالقٌ

أبو جعفر:

أين القصيدهْ؟

المؤمل (مشيرا إلى صدره):

هيَ هَاهنا

في الصدر عالقةٌ ..

(يقاطعه الخليفة باستخفاف):

... فقُلْ

صوت:

قل نستمعْ

المؤمل:

«هو المهدي إلا أن فيهِ مشابه صورة القمر المنيرِ

تشابه ذا وذا فهما إذا ما أنارا مشكلان على البصير

لئن سبق الكبير فأهل سبق له فضل الكبير على الصغير

وإن بلغ الصغير مدى كبير لقد خُلق الصغير من الكبير» *

أبو جعفر (يحدث نفسه):

ذا ثمَّ ذا

ثم الصغيرُ والكبيرْ

قصيدةٌ فيها بلَهْ

ليست تساوي خردلةْ

أيكون ذوقك يا بني

(يتراجع):

... ما أحْسبُهْ

ولربما قد كان يقصد جمعَهم يوماً اليهْ

حتى إذا كان الخليفةُ

كان كل في يديهْ

(ينتبه أبو جعفر لصوت المؤمل)

المؤمل:

أنتم بنو العباس أعمام النبي

بكم تباهى عربٌ عن عربِ

صوت:

الصدق منجاة الرجالْ

صوت (خفيض):

ومنافقٌ من أجل مالْ

أبو جعفر:

أفصحْ وقلْ لي ما يسرْ

المؤمل:

شرف الحياة لكم

من مثلكم؟

وبنو أمية مجدهم من مجدكم

أبو جعفر (ينظر في المؤمل نظرة غضب ويلتفت إلى الناس):

من جاء بالأعداء منْ؟

في مجلسي؟

أصوات:

الموت له

المؤمل:

ما كنتُ ناكر نعمة جادوا بها

مولاي أمدحهم ولا يستنقصون

قد ألبسوني ذهبا

صوت:

وكنتَ فيهم ..

(يرفع أبو جعفر يده للصوت مشيرا ألا يكمل).

المؤمل:

أعطاؤكم عنهم يقِلْ؟

صوت (هامس):

ظهر الضمير المستترْ

صوت:

أتظنّهُ ..

بسوط مولانا الخليفة يتصلْ؟

أبو جعفر:

بنو أمية مجدهم من مجدنا

ولئن قتلنا بعضنا

فدم يفرقهم يؤاخي بيننا

(تتغير لهجة حديثه وينظر في المؤمل بغضب):

في مجلسي

تنصر أعدائي عَلَيْ؟

المؤمل:

مولاي قد قلتَ: يؤاخي بيننا

(ينهض أبو جعفر من مقعده ويتجه إلى المؤمل):

أجلْ .. دَمٌ

كم من أخٍ لك كالعدوْ

صوت:

ومن عدوٍ كالصديقْ

(يستدير أبو جعفر ويلتفت إلى الناس):

من يرتضي وجهاً غريباً بيننا؟

الجماعة:

الموتُ لهْ

المؤمل:

أأنا الغريبْ؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير