تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأنا العروبة والنسيبْ

أبو جعفر:

إنَّ الغريبْ ..

(يصمت ويتأمل عصا في يده .... يواصل ذاهبا إلى مكانه):

من يرتدي ثوباً ويخلع غيرَهُ

المؤمل:

ما كنتُ بشار الضريرْ

أطلق فيكم خيلَهُ

وما استقى

ثم ارتقى أحلامكم

ورأى مثار النقع فوق رؤوسكم

فزدتموهُ شرفا

أغرقتموهُ ترفا

أهوَ الغريبُ أم أنا؟

أبو جعفر (ضاحكا):

غار الضريرُ من الضريرْ

(ينظر إلى هيئته):

لكنَّ مظهرك الحَسَنْ

المؤمل (مستدركا بخبث):

أدركتُ أني زائر وجه الخليفهْ

فخلعت أثواب الحقيقةِ

.. واستعرت ثياب غيري وارتديتْ

أبو جعفر:

وأين ما خلع الأمير عليك؟

المؤمل (وهو ينظر إلى الحاجب):

ذهب الربيع بكل شيْ

(أبو جعفر مخاطبا الربيع):

حقا .. ؟

الربيع:

.. أجلْ

أمرك من فوق الأمورْ

جرَّدتُهُ من نفسهِ

أبو جعفر (مبتسما):

وسيفِهِ ... ؟

(يبتسم الربيع وهو ينظر إلى فم المؤمل):

العفو يا مولاي .. لا

جرَّدتُهُ .. ونَسيت سيفاً أضمرهْ

(يجلس الخليفة في مقعده وينظر بهدوء إلى المؤمل):

كم يرتدي غيرك جلداً غير جلدهْ

وتظنه من خير جندهْ

المؤمل:

مولاي تأمرني بشي

أبو جعفر (ملتفتا إلى الحاجب):

فلتعطه ألفينْ

وارددْ لبيت المال ...

المؤمل (مقاطعا بتخاذل):

أبيت مال المسلمين

ينقصُ إن أعطيتني؟

فما عسى غيري ببابك ينتظرْ

صوت:

ويل لهُ

لقد تطاولْ

صوت (هامسا):

ماذا يحاول أن يقولْ؟

صوت:

لا تكترثْ

صدر الخليفة كالصحارى

يتيه فيها العارفونْ

أبو جعفر:

بالباب غيرك ينتظرْ

ظمآن أوقفهُ الطمع

صوت:

لا تنضب الآبار إلا من ظمأْ

أبو جعفر:

أيا ربيعْ

خذ بيدهْ

(يخرج المؤمل من دار الخلافة ويسمع لغط الناس وينثر في وجوههم الدنانير ويمضي البهلول مسرعا للخليفة):

مولاي ما عشتَ تدري قد جُنَّ في الأرض شاعرْ

خليفةً حسبوهُ يرمي عليهم جواهرْ

(يلتفت أبو جعفر إلى الربيع):

ردّوهُ ليْ

كم جاحدٍ بنعمةٍ فينا كفرْ

(يردونه وقد أطبقت عليه الأيدي ومن خلفه البهلول يغني):

غريبٌ أنت لا تدري وما أحططتَ من قدري

دعْ الدنيا لبانيها وقبِّلْ وجنةَ البدرِ

أبو جعفر (للمؤمل):

أعطيتك المال عن عمدٍ تفرقهُ في ثلةٍ من رعاعِ الناسِ تفتخرُ

ماذا تريدُ؟ أمجنونُ؟

المؤمل:

أنا .. أبداً

حسبي كسوتك فخراً أنَّهم شكروا

(فترة صمت يفكر فيها المنصور)

المؤمل:

يا سيدي وحبيب الناس كلهمو يا من بوجهك تزهو الشمس والقمر

أنقصتني مالَ من جادت خزائنه من صلبكم سيدٌ سادت به مضر

(ينظر إليه الخليفة وقد هدأت نفسه)

المؤمل:

عندما أخرج من دار الخلافهْ

سوف لا يسألني الناس غريباً ما رأيتْ

من جوى وجه أمير المؤمنينْ

فأنا أعمى من الخوفِ وهم لا يبصرون

أبو جعفر:

إنني لا أفهمُكْ

المؤمل:

في غموضي سرُّ خوفيْ

صوت (هامس):

عقدَ المنطق من خوفٍ لسانَهْ

المؤمل:

لستُ أدري ما أقولْ

أبو جعفر:

هدىء الروعَ وأفصحْ

المؤمل:

قد رأى قلبي عيوناً ...

.. لا ترى عينَّي إلا درهمين

وبأني وجه دينارٍ عتيقْ

وعلى أسماعهم صوتي رنينْ

كان رأسي جبلاً فوق زجاجهْ

كلهم يصعد وجهي ويدورْ

وإذا يوما تثاءبت تناهوا في الجسدْ

في فؤادي كشَّروا أنيابهم

ودعوني للسجودْ

أبو جعفر:

جُنَّ والله المؤملْ

(يطرق المؤمل برأسه يكلم نفسه):

فليقولوا قد جَُبنْ

وليقولوا قد جُِننْ

سوف أحيا

لأرى غيري يُجَنْ

(يفتعل الجنون ويبدأ في الرقص والغناء):

تِنْ تِتِنْ ... تِنْ تِتِنْ

المؤمّلْ ... قد جُنِنْ

(يتجه إلى باب الخروج بسرعة البرق مع الغناء والرقص وقد رفع ثوبه إلى كتفيه ويبدأ الصوت في التناقص ويرتفع صوت المنصور ضاحكا وقد أعجبه حسن التخلص)

ستار

الفصل الثالث

المنظر الثاني

(ينزل الممثلون من المسرح ويحاول مظفر القيام من كرسيه ولكنه ينخسف به وتضحك المجموعة)

مظفر:

خليفةٌ مقعدهُ مكسورْ

وملْكُهُ منبعجٌ في النورْ

(يلتفت إلى المخرج وهو في وضع السقوط):

أَوَعدتني أن تُصلحَهْ؟

لو أنَّ أضلاعي فُرادى تنكسرْ

وتنجبرْ

أسرع عندي من قرارٍ تَتَخذْ

(كان بعضهم قد نزل إلى أسفل المسرح)

لقمان:

خليفةٌ وفيهِ شُحْ

منيب:

وبدانقٍ وبدانقين

دققْ حسابك مرتينْ

لقمان:

لمارأته الحاشيهْ

يحفظ أموال العبادْ

تعلقوا برشوةٍ

وأكثروا فيها الفساد

مظفر (نازلا من المسرح):

تثاقلَ الرأسُ العمامَهْ

كأن ليْ رأسين فوق رأسيْ

أُحسُّ أني أتزنْ

أختزنُ الماضي بها

(يخلعها ويتأملها):

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير