ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Feb 2004, 01:15 م]ـ
في كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح:
فَصْلٌ (فِي فَضْلِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثِ وَفِقْهِهِ وَكَرَاهَةِ طَلَبِ الْغَرِيبِ وَالضَّعِيفِ مِنْهُ).
ذكر فيه كلاماً جيداً له صلة بالموضوع، وفيه نقلٌ عن الجوزي، ومنه:
(وَقَدْ أَوْغَلَ خَلْقٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي كِتَابَةِ طُرُقِ الْمَنْقُولَات , فَشَغَلَهُمْ عَنْ مَعْرِفَةِ الْوَاجِبَاتِ , حَتَّى إنَّ أَحَدَهُمْ يُسْأَلُ عَنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَلَا يَدْرِي , لَا بَلْ قَدْ أَثَّرَ هَذَا فِي الْقُدَمَاءِ , ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ أَنَّ امْرَأَةً وَقَفَتْ عَلَى مَجْلِسٍ فِيهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو خَيْثَمَةَ وَخَلَفُ بْنُ سَالِمٍ فِي جَمَاعَةٍ يَتَذَاكَرُونَ الْحَدِيثَ , فَسَأَلَتْهُمْ عَنْ الْحَائِضِ تُغَسِّلُ الْمَوْتَى وَكَانَتْ غَاسِلَةً , فَلَمْ يُجِبْهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ , وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَنْظُرُ إلَى بَعْضٍ , فَأَقْبَلَ أَبُو ثَوْرٍ فَقَالُوا لَهَا: عَلَيْك بِالْمُقْبِلِ , فَسَأَلَتْهُ فَقَالَ: نَعَمْ تُغَسِّلُ الْمَيِّتَ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها {أَمَا إنَّ حَيْضَتَك لَيْسَتْ فِي يَدِك} وَلِقَوْلِهَا {: كُنْت أَفْرُقُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَاءِ وَأَنَا حَائِضٌ} قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: فَإِذَا فَرَقَتْ رَأْسَ الْحَيِّ فَالْمَيِّتُ بِهِ أَوْلَى , قَالُوا: نَعَمْ رَوَاهُ فُلَانٌ وَحَدَّثَنَا بِهِ فُلَانٌ وَنَعْرِفُهُ مِنْ طَرِيقِ كَذَا , وَخَاضُوا فِي الطُّرُقِ وَالرِّوَايَاتِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: فَأَيْنَ كُنْتُمْ إلَى الْآنَ. [الله أعلم بصحة هذه القصة، ولعل بعض إخواننا يتحفنا بحكم عليها إن تيسر] ....
ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ قَالَ: كُتِبَ إلَى أَبِي ثَوْرٍ لَمْ يَزَلْ هَذَا الْأَمْرُ فِي أَصْحَابِك حَتَّى شَغَلَهُمْ عَنْهُ إحْصَاءُ عَدَدِ رُوَاةِ {مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا} فَغَلَبَهُمْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي (صَيْدِ الْخَاطِرِ): فَهُوَ كَمَا قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
زَوَامِلُ لِلْأَخْبَارِ لَا عِلْمَ عِنْدَهَا **** بِمُتْقَنِهَا إلَّا كَعِلْمِ الْأَبَاعِرِ
لَعَمْرُك مَا يَدْرِي الْبَعِيرُ إذَا غَدَا **** بِأَوْسَاقِهِ أَوْ رَاحَ مَا فِي الْغَرَائِرِ
ثُمَّ ذَكَرَ الْعُلُومَ وَقَالَ: إنَّ الْفِقْهَ عَلَيْهِ مَدَارُ الْعُلُومِ , فَإِنْ اتَّسَعَ الزَّمَانُ لِلتَّزَيُّدِ مِنْ الْعِلْمِ فَلْيَكُنْ مِنْ الْفِقْهِ؛ فَإِنَّهُ الْأَنْفَعُ. وَقَالَ فِيهِ: وَلَقَدْ أَدْرَكْنَا فِي زَمَانِنَا مَنْ قَرَأَ مِنْ اللُّغَةِ أَحْمَالًا فَحَضَرَ بَعْضُ الْمُتَفَقِّهَةِ فَسَأَلَهُ عَنْ الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ: {لَوْ طَعَنْت فِي فَخِذِهَا أَجْزَأَك} فَقَالَ: هَذَا لِلْمُبَالَغَةِ , فَقَالَ لَهُ الصَّبِيُّ: أَلَيْسَ هَذَا فِي ذَكَاةِ غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ؟ فَفَكَّرَ الشَّيْخُ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: صَدَقْت.
وَأَدْرَكْنَا مَنْ قَرَأَ الْحَدِيثَ سِتِّينَ سَنَةً فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ؟ وَأَدْرَكْنَا مَنْ بَرَعَ فِي عُلُومِ الْفِقْهِ فَكَانَ إذَا سُئِلَ عَنْ حَدِيثٍ لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ؟ وَأَدْرَكْنَا مَنْ بَرَعَ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَوْمًا: إنِّي أَدْرَكْتُ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَأَضَفْت إلَيْهَا أُخْرَى فَمَا تَقُولُ؟ فَسَبَّهُ وَلَامَهُ عَلَى تَخَلُّفِهِ وَلَمْ يَدْرِ مَا الْجَوَابُ.
وَأَدْرَكْنَا مَنْ بَرَعَ فِي عُلُومِ الْقِرَاءَاتِ فَكَانَ إذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ يَقُولُ: عَلَيْك بِفُلَانٍ.
¥