تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يوازنه أو يقاربه , فكلٍّ بكل مقابل , وبعضٌ ببعضٍ مُعارض , وحسبك من قبيح ما يلزم من طريقتهم أنا إذا جرينا على ما قالوه وألزمنا الناس بما ذكروه لزممن ذلك تكفير العوام جميعاً , لأنهم لا يعرفون إلا الاتباع المجرد , ولو عرض عليهم هذا الطريق ما فهمه أكثرهم فضلاً على أن يصير منهم صاحب نظر , وإنما غاية توحيدهم التزام ما وجدوا عليه أئمتهم في عقائد الدين والعضُّ عليها بالنواجذ , والمواظبة على وظائف العبادات وملازمة الأذكار بقلوبٍ سليمة طاهرة عن الشبه والشكوك , فتراهم لا يحيدون عما اعتقدوه ولو قُطعوا إرباً إرباً , فهنيئا لهم هذا اليقين , وطوبى لهم هذه السلامة , فإذا كُفر هؤلاء وهو السواد الأعظم وجمهور الأمة , فما هذا إلا طي بِساط الإسلام وهدمُ منار الدين والله المستعان)

ما جاء في كلام أبي المظفر من ذكر خلق العقل فيه نظر , قال ابن القيم في كتابه المنار المنيف ص50 (ونحن ننبه على أمور كلية يُعرف بها كون الحديث موضوعاً) إلى أن قال ص66 (ومنها أحاديث العقل , كلها كذب ... وقال أبو الفتح الأزدي: لا يصح في العقل حديث , قاله أبو جعفر العقيلي وأبو حاتم ابن حبان , والله أعلم)

وقد نقل الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري نقولاً عن جماعة من السلف إثبات الصفات من غري تشبيه أو تحريف أو تعطيل , وختم ذلك بكلام نفيس له , ومما قاله 13/ 407 - 408 (وأخرج البيهقي من طريق أبي داود الطيالسي قال (كان سفيان الثوري وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وشريك وأبو عوانة لا يحددون ولا يشبهون , ويروون هذه الأحاديث ولا يقولون كيف). قال أبو داود (وهو قولنا). قال البيهقي (وعلى هذا مضى أكابرنا)

وأسند اللالكائي عن محمد بن الحسن الشيباني قال (اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن وبالأحاديث التي جاء الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الرب من غير تشبيه ولا تفسير , فمن فسر شيئا منها وقال بقول جهم فقد خرج عما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وفارق الجماعة , لأنه وَصفَ الربِّ بصفة لا شيء).

ومن طريق الوليد بن مسلم: سألت الأوزاعي ومالكاً والثوري والليث ابن سعد عن الأحاديث التي فيها الصفة؟ فقالوا (أمروها كما جاءت بلا كيف).

وأخرج ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي عن يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يقول (لله أسماء وصفات , لايسع أحداً ردُّها , ومن خالف بعد ثبوت الحجة عليه فقد كفر , وأما قبل قيام الحجة فإنه يعذر بالجهل , لأن علمَ ذلك لا يدرك بالعقل ولا الرؤية والفكر , فنثبت هذه الصفات , وننفي عنه التشبيه , كما نفى عن نفسه فقال " لَيسَ كَمِثلِِهِ شيءٌ ").

وأسند البيهقي بسند صحيح عن أحمد بن أبي الحواري , عن سفيان بن عيينة قال (كل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوتُ عنه).

ومن طريق أبي بكر الضُّبَعي قال (مذهب أهل السنة في قوله " الرحمنُ عَلَى العَرشِ استَوَى " قال بلا كيف , والآثار عن السلف كثيرة , وهذه طريقة الشافعي وأحمد بن حنبل).

وقال الترمذي في الجامع عَقب حديث أبي هريرة في النُزول (وهو على العرش كما وصف به نفسه في كتابه , كذا قال غيرُ واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبهه من الصفات).

وقال في باب فضل الصدقة (قد ثبتت هذه الروايات فنؤمن بها ولا نتوهم , ولا يُقال كيف , كذا جاء عن مالك وابن عيينة وابن المبارك أنهم أمَروها بلا كيف , وهذا قولُ أهل العلم من أهل السنة والجماعة , وأما الجهمية فأنكروها , وقالوا هذه تشبيه. وقال إسحاق بن راهويه: إنما يكون التشبيه لو قيل يدٌ كيدٍ , وسمعٌ كسمعٍ).

وقال في تفسير سورة المائدة (قال الأئمة: نؤمن بهذه الأحاديث من غير تفسير , منهم: الثوري ومالك وابن عيينة وابن المبارك).

وقال ابن عبدالبر (أهل السنة مجمعون على الإقرار بهذه الصفات الواردة في الكتاب والسنة , ولم يُكيفوا شيئاً منها , وأما الجهمية والمعتزلة والخوراج فقالوا: من أقر بها فهو مشبه , فسماهم من أقر بها مُعطلة).

وقال إمام الحرمين في الرسالة النظامية (اختلفت مسالك العلماء في هذه الظواهر , فرأى بعضهم تأويلها , والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصح من السنن , وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظاواهر على مواردها وتفويض معانيها إلى الله تعالى , والذي نرتضيه رأياً وندين الله به عقيدة اتباع سلف الأمة , للدليل القاطع على أن إجماع الأمة حجة , فلو كان تأويل هذه الظواهر حتماً لأوشك أن يكون اهتمامهم به فوق اهتمامهم بفروع الشريعة , وإذا انصرم عصر الصحابة والتابعين على الإضراب عن التاويل كان ذلك هو الوجه المتبع) انتهي

وقد تقدم النقل عن أهل العصر الثالث وهم فقهاء الأمصار , كالثوري والأوزاعي ومالك والليث ومن عاصرهم , كذا من أخذ عنهم من الأئمة , فكيف لا يوثق بما اتفق عليه أهل القرون الثلاثة , وهم خير القرون بشهادة صاحب الشريعة.

وما جاء في كلام الجويني من أن السلف يُفوضون معاني الصفات إلى عز وجل غير صحيح , فإنهم يفوضون في الكيف , ولا يفوضون في المعني , كما جاء عن مالك رحمه الله , فقد سئُل عن كيفية الاستواء فقال (الاستواء معلوم , والكيف مجهول , والإيمان به واجب , والسؤال عنه بدعة)

وإلى اللقاء مع الفائدة الثانية بإذنه تعالى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير