شرح الحديث: وهذا الحديث حديث عظيم له شأن فإن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه أصابه ظمأ فبعث عليا رضي الله عنه وأحد الصحابة رجلين يلتمسان الماء ففي طريقهما قابلتهما امرأة بين مزاد تين على جمل لها فسألاها أين الماء قالت: عهدي به البارحة هذه الساعة يعني بينهم يوم وليلة من الماء بعيد فقالوا لها توجهي معنا قالت إلى أين قالا: إلى النبي عليه الصلاة والسلام قالت ذاك الذي يذكر أنه الساحر فذهبت معهما فلما جاءت إليه أمر بأخذ الماء من هاتين الصفيحتين وكانا مليئتين بالماء وقال للناس استقوا فاستقى الناس في أوعيتهم ما يحتاجون من الماء فطرح فيه البركة وعادت كما كانت كأنها لم تمس بشيء عادت المزادتان كما كانت ملأى فتعجبت المرأة من هذا الأمر العظيم ثم جمعوا لها ما تيسر من تمر و غيره وأعطوها لأن أهل البادية يرغبون في مثل هذه الوسائل وغيرها ولا سيما وقت الحاجة فجمعوا لها ما شاء الله ثم من تمر وغيره وأعطوها ثم انطلقت إلى أهلها وقالت: لقد جئتكم من عند أسحر الناس أو أنه هو رسول الله حقا. ثم كانت بعد ذلك سببا لإسلام قومها. لما رأت أن المسلمين يتجنبون فريقها فقال بعضهم لبعض أنهم ما تجنبونا إلا لما جرى على يد هذه الجارية ودعا بعضهم بعضا إلى الإسلام فأسلموا لما أخبرتهم بهذه الآية العظيمة والمعجزة العظيمة وأن الله بارك في هذا الماء فشرب القوم واستقوا جميعا وبقى ماؤها كما كان و مزاد تها كما كانتا ملآنين، هذه من آيات الله العظيمة سبحانه وتعالى
* وفيه من الفوائد استعمال أواني المشركين فإن المزادة من الجلد مدبوغ فيه ماؤهم فدل ذلك على أن أوانيهم من جلود وغيرها طاهرة هذا هو الأصل ودل على أن الدباغ طهور للجلد لأن هذا الجلد من ذبائحهم، وذبائحهم لها حكم الميتات وطهرها الدباغ واستعملوها في الماء واستعملها المسلمون في الماء فدل ذلك على أن الدباغ مطهر للجلود لجلود الميتة نستعمل في اليابس والرطب جميعا كما جاء في الحديث.
وفيه علم من أعلام النبوة فإن الله جل وعلا أنزل البركة في هذا الماء الذي كان في المزادتين حتى شرب منه الناس واستقى منها الناس وعادتا ملآنين كما كانتا أولا ولم تنقص.
وفيه جواز الأخذ من الإنسان الذي فيه حاجة إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس أن يؤخذ منه ولاسيما إذا كان لا يضره ماء كثير ينقذ به العطشان ولا يضر صاحبه. فإذا وجد إنسان ماءاً مع إنسان وهو عطشان يخشى على نفسه لا بأس أن يأخذ من مائه ولو بقوة لينقذ نفسه فإنه ينقذ نفسه ولا يضر صاحبه.
...
الحديث السادس والعشرون: وعن أنس بن مالك رضى الله عنه: أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة. أخرجه البخاري.
الشعب: الصدع والشق.
سلسلة بالكسر وما وقع في الشرح بالفتح فليس بجيد السلسة: المصدر سلسلة يُسلسله سلسلةً أي ربطه وأما الأداة التي ربط بها هذه يقال لها سلسلة وهي القطعة من الفضة أو الحديد التي يربط بها الإناء يقال لها السلسلة بالكسر
فالفعل بالفتح والأداة التي ربط بها بالكسر
* هذا فيه دلالة على جواز ربط الشعب بسلسلة من فضة وأن المحرم كله من الفضة أما المضبب بفضة قليلة لا تخرجه عن كونه قدح خشب أو نحوه فلا بأس به لهذا الحديث الصحيح لأنها مصلحة ظاهرة فيه شيء قليل من الفضة مما يمتهن ويستهان به بخلاف الذهب فإنه لا يباح شيء منه فلا بأس باتخاذ السلسلة من الفضة إذ انكسر القدح أو انشق طرفه فربطته فلا بأس بذلك لهذا الحديث الصحيح الذي رواه البخاري رحمه الله. وهو نص في مسألة القدح وبقى هذا القدح عند أنس إلى ما شاء الله.
ـ[المنصور]ــــــــ[22 Aug 2004, 01:23 ص]ـ
أسأل الله تعالى أن يرفع قدرك، وأن يجزيك عن المسلمين خير الجزاء، ولعمري إن عرفت قيمة ماتفعل بإدراجك علوم الإمام ابن باز فلعلك لاتعرف كم دعوت لك بالتوفيق والمغفرة.
وأسأل الله تعالى أن يعينك على التمام.
ـ[إمداد]ــــــــ[24 Aug 2004, 05:56 ص]ـ
جزاك الله خيراعلى دعواتك وعلى تشجيعك وأسأل الله أن يجعل أعمالنا خلصة لوجهه الكريم وأن يعين على إتمام هذا الكتاب
ـ[إمداد]ــــــــ[27 Aug 2004, 12:11 ص]ـ
باب إزالة النجاسة وبيانها
يعني باب وجوب إزالة النجاسة أو باب ما ورد من الأدلة في إزالة النجاسة،
¥