والكتابة الذي بأيدي الخيابرة الذين يدعون أنه بخط علي في إسقاط الجزية عنهم باطل، وقد ذكر الفقهاء من أصحابنا وغيرهم كأبي العباس بن سريح والقاضي أبي يعلى والقاضي الماوردي، وذكر أنه إجماع وصدق في ذلك.
قال أبو العباس: ثم إنه عام إحدى وسبعمائة جاءني جماعة من يهود دمشق بعهود في كلها أنه بخط علي بن أبي طالب في إسقاطه الجزية عنهم، وقد لبسوها ما يقتضي تعظيمها، وكانت قد نفقت على ولاة الأمور من مدة طويلة فأسقطت عنهم الجزية بسببها، وبيدهم تواقيع ولاة الأمور بذلك، فلما وقفت عليها تبين لي في نقشها ما يدل على كذبها من وجوه عديدة جدا.
ص458:
ومن كان من أهل الذمة زنديق يبطن جحود الصانع، أو جحود الرسل، أو الكتب المنزلة، أو الشرائع، أو المعاد، ويظهر التدين بموافقة أهل الكتاب = فهذا يجب قتله بلا ريب، كما يجب قتل من ارتد من أهل الكتاب إلى التعطيل، فإن أراد الدخول في الإسلام فهل يقال: إنه يقتل أيضا كما يقتل منافق المسلمين لأنه ما زال يظهر الإقرار بالكتب والرسل؟
أو يقال: بل دين الإسلام فيه من الهدى والنور ما يزيل شبهته بخلاف دين أهل الكتابين؟
هذا فيه نظر.
458:
ويمنع أهل الذمة من إظهار الأكل في نهار رمضان فإن هذا من المنكر في دين الإسلام.
ويمنعون من تعلية البنيان على جيرانهم المسلمين، وقال العلماء: ولو في ملك مشترك بين مسلم وذمي؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به = فهو واجب.
ص460:
ويكره الدعاء بالبقاء لكل أحد؛ لأنه شيء قد فرغ منه، ونص عليه الإمام أحمد في رواية أبي أصرم وقال له رجل: جمعنا الله وإياك في مستقر رحمته، فقال: لا تقل هذا.
وكان أبو العباس: يميل إلى أنه لا يكره الدعاء بذلك، ويقول: إن الرحمة ههنا المراد بها الرحمة المخلوقة، ومستقرها الجنة، وهو قول طائفة من السلف.
ص460:
واختلف كلام أبي العباس في رد تحية الذمي، هل ترد مثلها أو وعليكم فقط؟
ويجوز أن يقال: أهلا وسهلا.
ويجوز عيادة أهل الذمة، وتهنئتهم، وتعزيتهم، ودخولهم المسجد للمصلحة الراجحة، كرجاء الإسلام، وقال العلماء: يعاد الذمي، ويعرض عليه الإسلام، وليس لهم إظهار شيء من شعار دينهم في دار الإسلام لا وقت الاستسقاء، ولا عند لقاء الملوك.
ص461:
وإذا أبى الذمي بذل الجزية أو الصغار أو التزام حكمنا = ينقض عهده.
ص461:
ولا حق للرافضة في الفيء.
ص464:
لا يجوز أن يعان بالمباح على المعصية، كمن يعطي اللحم والخبز لمن يشرب عليه الخمر ويستعين به على الفواحش، ومن أكل من الطيبات ولم يشكر فهو مذموم.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[27 Jan 2006, 08:52 م]ـ
ص464:
وما يأكل الجيف فيه روايتان الجلالة.
ص464:
وعامة أجوبة أحمد ليس فيها تحريم، ولا أثر لاستخباث العرب فما لم يحرمه الشرع = فهو حل، وهو قول أحمد، وقدماء أصحابه.
ص465:
وقوله تعالى: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد}. قد قيل إنهما صفة للشخص مطلقا فالباغي كالباغي على إمام المسلمين، وأهل العدل منهم كما قال الله تعالى: {فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء}، والعادي كالصائل قاطع الطريق الذي يريد النفس والمال. وقد قيل: إنهما صفة لضرورته فالباغي: الذي يبغي المحرم مع قدرته على الحلال، والعادي: الذي يتجاوز قدر الحاجة كما قال: {فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم} وهذا قول أكثر السلف، وهو الصواب بلا ريب، وليس في الشرع ما يدل على أن العاصي بسفره لا يأكل الميتة، ولا يقصر ولا يفطر بل نصوص الكتاب والسنة عامة مطلقة، كما هو مذهب كثير من السلف، وهو مذهب أبي حنيفة وأهل الظاهر وهو الصحيح.
ص467:
ومن امتنع من أكل الطيبات بلا سبب شرعي = فمبتدع مذموم، وما نقل عن الإمام أحمد أنه امتنع من أكل البطيخ لعدم علمه بكيفية أكل النبي صلى الله عليه وسلم له = فكذب.
ص468:
وإذا لم يقصد المذكي الأكل بل قصد مجرد حل ميتة لم تبح الذبيحة.
ص468:
وما أصابه بسبب الموت كأكيلة السبع ونحوها فيه نزاع بين العلماء، هل يشترط أن لا يتيقن موتها بذلك السبب، أو أن يبقى معظم اليوم، أو أن يبقى فيها حياة بقدر حياة المذبوح، أو أزيد من حياته، أو يمكن أن يزيد؛ فيه خلاف، والأظهر: أنه لا يشترط شيء من ذلك، بل متى ذبح فخرج منه الدم الأحمر الذي يخرج من المذكى المذبوح في العادة ليس هو دم الميتة = فإنه يحل أكله وإن لم يتحرك في أظهر قولي العلماء.
ص469:
والقول بأن أهل الكتاب المذكورين في القرآن هم من كان أبوه وأجداده في ذلك الدين قبل النسخ والتبديل = قول ضعيف، بل المقطوع به بأن كون الرجل كتابيا أو غير كتابي هو حكم يستفيده بنفسه لا بنسبه، فكل من تدين بدين أهل الكتاب = فهو منهم سواء كان أبوه أو جده قد دخل في دينهم أو لم يدخل، وسواء كان دخوله بعد النسخ والتبديل أو قبل ذلك، وهو المنصوص الصريح عن أحمد ـ وإن كان بين أصحابه خلاف معروف ـ وهو الثابت بين الصحابة بلا نزاع بينهم. وذكر الطحاوي أن هذا إجماع قديم.
ص470:
ويحرم ما ذبحه الكتابي لعيده، أو ليتقرب به إلى شيء يعظمه وهو رواية عن أحمد.
ص470:
والذبيح إسماعيل وهو رواية عن أحمد واختيار ابن حامد وابن أبي موسى، وذلك أمر قطعي.
ص470:
والصيد لحاجة = جائز، وأما الصيد الذي ليس فيه إلا اللهو واللعب = فمكروه، وإن كان فيه ظلم للناس بالعدوان على زرعهم وأموالهم = فحرام.
ص473:
ويحرم الحلف بغير الله تعالى، وهو ظاهر المذهب، وعن ابن مسعود وغيره: لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا.
قال أبو العباس: لأن حسنة التوحيد أعظم من حسنة الصدق وسيئة الكذب أسهل من سيئة الشرك.
ص473:
واختلف كلام أبي العباس في الحلف بالطلاق فاختار في موضع: التحريم وتعزيره، وهو قول مالك ووجه لنا.
واختار في موضع: آخر أنه لا يكره، وأنه قول غير واحد من أصحابنا؛ لأنه لم يحلف بمخلوق ولم يلتزم لغير الله شيئا، وإنما التزم لله كما يلتزم بالنذر، والالتزام لله أبلغ من الالتزام به بدليل النذر له واليمين به، ولهذا لم تنكر الصحابة على من حلف بذلك كما أنكروا على من حلف بالكعبة.
¥