حدثنا محمد بن علي ثنا عبدالله بن أحمد بن عيسى ثنا الحسين بن معاذ الحجبي ثنا أبو هشام ثنا داود عن أبيه قال: كنت مع سفيان الثوري فمررنا بشرطي نائم، وقد حان وقت الصلاة، فذهبت أحركه، فصاح سفيان: مه!
فقلت: يا أبا عبدالله يصلي، فقال: دعه لا صلى الله عليه، فما استراح الناس حتى نام هذا.
نحوه:
قال ابن القيم في إعلام الموقعين 3/ 16:
وسمعت شيخ الإسلام ـ قدّس الله روحه، ونوَّر ضريحه ـ يقول: مررت أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر، فأنكر عليهم من كان معي؛ فأنكرتُ عليه، وقلت له: إنما حرم الله الخمر؛ لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس، وسبي الذرية، وأخذ الأموال، فدعهم.
وذكر شيخ الإسلام معناه في الاستقامة ص426:
وأما الكفار فزوال عقل الكافر خير له وللمسلمين. أما له؛ فلأنه لا يصده عن ذكر الله وعن الصلاة بل يصده عن الكفر والفسق، وأما للمسلمين؛ فلأن السكر يوقع بينهم العداوة والبغضاء فيكون ذلك خيرا للمؤمنين، وليس هذا إباحة للخمر والسكر، ولكنه دفع لشر الشرين بأدناهما. ولهذا كنت آمر أصحابنا أن لا يمنعوا الخمر عن أعداء المسلمين من التتار والكرج ونحوهم، وأقول إذا شربوا لم يصدهم ذلك عن ذكر الله وعن الصلاة بل عن الكفر والفساد في الأرض، ثم إنه يوقع بينهم العداوة والبغضاء، وذلك مصلحة للمسلمين، فصحوهم شر من سكرهم، فلا خير في إعانتهم على الصحو، بل قد يستحب أو يجب دفع شر هؤلاء بما يمكن من سكر وغيره، فهذا في حق الكفار.
ومن الفساق الظلمة من إذا صحا كان في صحوه من ترك الواجبات وإعطاء الناس حقوقهم ومن فعل المحرمات والاعتداء في النفوس والأموال ما هو أعظم من سكره؛ فإنه إذا كان يترك ذكر الله والصلاة في حال سكره، ويفعل ما ذكرته في حال صحوه، وإذا كان في حال صحوه يفعل حروبا وفتنا لم يكن في شربه ما هو أكثر من ذلك، ثم إذا كان في سكره يمتنع عن ظلم الخلق في النفوس والأموال والحريم ويسمح ببذل أموال تؤخذ على وجه فيه نوع من التحريم ينتفع بها الناس = كان ذلك أقل عذابا ممن يصحو فيعتدى على الناس في النفوس والأموال والحريم، ويمنع الناس الحقوق التي يجب أداؤها.
فالحاصل أنه تجب الموازنة بين الحسنات والسيئات التي تجتمع في هذا الباب وأمثاله وجودا وعدما كما قررت مثل ذلك في قاعدة تعارض السيئات والحسنات.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[16 May 2008, 09:34 م]ـ
قال العلامة ابن الجوزي في صيد الخاطر ص724:
وقد روينا أن رجلاً استأذن على قاضي القضاة ابن أبي داؤد و قال: قولوا: أبو جعفر بالباب! فلما سمع؛ هش لذلك وقال: ائذنوا له!
فدخل، فقام، و تلقاه و أكرمه وأعطاه خمسة آلاف، و ودعه.
فقيل له: رجل من العوام فعلت به هذا؟!
قال: إني كنت فقيراً، و كان هذا صديقاً، فجئته يوماً فقلت له: أنا جائع.
فقال: اجلس، و خرج، فجاء بشواء و حلوى و خبز فقال: كل.
فقلت: كل معي.
قال: لا.
قلت: و الله لا آكل حتى تأكل معي، فأكل فجعل الدم يجري من فمه.
فقلت: ما هذا؟!
فقال: مرض.
فقلت: و الله؛ لا بد أن تخبرني.
فقال: إنك لما جئتني لم أكن أملك شيئاً، و كانت أسناني مضببة بشريط من ذهب، فنزعنه و اشتريت به!
فهلا أكافئ مثل هذا؟!
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[19 Jun 2008, 04:41 م]ـ
قال العلامة المعلمي ـ رحمه الله ـ في كتابه التنكيل 1/ 57: كان في اليمن في قضاء الحجرية قاض كان يجتمع إليه أهل العلم ويتذاكرون وكنت أحضر مع أخي فلاحظت أن ذلك القاضي مع أنه أعلم الجماعة فيما أرى لا يكاد يجزم في مسألة، وإنما يقول: " في حفظي كذا، في ذهني كذا " ونحو ذلك فعلمت أنه ألزم نفسه تلك العادة حتى فيما يجزم به، حتى إذا اتفق أن أخطأ كان عذره بغاية الوضوح.
وفي ثقات المحدثين من هو أبلغ تحرياً من هذا، ولكنهم يعلمون أن الحجة إنما تقوم بالجزم، فكانوا يجزمون فيما لا يرون للشك فيه مدخلاً، ويقفون عن الجزم لأدنى احتمال، روي أن شعبة سأل أيوب السختياني عن حديث فقال: أشك فيه، فقال شعبة: شكك أحب إلي من يقين غيرك. وقال النضر بن شميل عن شعبة لأن أسمع من ابن عون حديثاً يقول فيه "أظن أني سمعته" أحب إليَّ من أن أسمع من ثقة غيره يقول: قد سمعت. وعن شعبة قال: " شك ابن عون وسليمان التيمي يقين ".
وذكر يعقوبُ بن سفيان حمادَ بن زيد فقال: معروف بأنه يقصر في الأسانيد ويوقف المرفوع كثير الشك بتوقيه، وكان جليلاً، لم يكن له كتاب يرجع إليه فكان أحياناً يذكر فيرفع الحديث وأحياناً يهاب الحديث ولا يرفعه.
وبالغ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب فكان إذا سئل عن شيء لا يجيب حتى يرجع إلى الكتاب.
قال أبو طاهر السلفي: سألت أبا الغنائم النرسي عن الخطيب فقال: " جبل لا يسأل عن مثله ما رأينا مثله، وما سألته عن شيء فأجاب في الحال إلا يرجع إلى كتابه ".
¥