ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[26 Jun 2008, 07:36 م]ـ
قال الشيخ أحمد بن محمد الأمين بن أحمد الجكني حدثني شيخي ـ أي: الإمام المفسر محمد الأمين ـ قال: بينا أنا في أحد الفصول أثناء درس إذ ناولني ساعي البريد برقية من أحد إخوتي عزيز عليَّ، يقول فيها: لقد تقرر تسفيري أنا ومن أعول، ولقد خرجت في كفالة أحد الإخوان على أن يحضرني للسفر يوم الأربعاء المقبل، أي: بعد أسبوع واحد.
ولما أنتهت الحصة وجدت سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم في غرفة استراحة المدرسين، فأخبرته بالبرقية، وما تفيده، فما الذي ترى يا سماحة الشيخ؟
فقال: هذه أمور لا نتدخل فيها بتاتا، فقلت له: ابعثوا إذاً من يقطع لي تذكرتَ سفرٍ إلى جدة ليحجز لي مقعدا في أول طائرة إليها.
فقال سماحته: أثناء السنة الدراسية! ومَن لجدولك؟
فقلت: أمر عجيب منك هذا يا سماحة الشيخ محمد! أخبرك أن ولدي في السجن يراد تسفيره، وتفيدني بعدم اهتمامك بذلك، وتريد مني أن أجلس أعلم أولادك!
فقال سماحته: وماذا تريد بجدة؟
قال قلت: لا أكتمك، بأني أريد أن آتي ذاك الكافر "قنصل فرنسا" أدفع له رشوة، وأريد منه أن يتوسط لدى هذه الحكومة المسلمة لتترك هؤلاء المسلمين يصلون ركعتين بأحد الحرمين من غير إزعاج.
قال شيخنا: وعند ذلك قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم: يعلم الله أنه ما سبق أن تدخلنا في موضوع كهذا، ولكن فضيلتكم ليس عندنا مثل الناس، وعندي اقتراح على فضيلتكم: أن تكتب إلى الإمام كتابا توضح فيه وضع هؤلاء الإخوان، وترجو منه بموجبه أن ينظر إليهم بعين الرحمة، قال: وأنا رسولك إليه أضعه بيده بإذن الله، وعسى أن يكون الخير.
قال شيخنا ـ عليه رحمة الله ـ: فكتبت إلى جلالة الملك عبد العزيز كتابا مضمونه: أن هؤلاء إنما أتوا من استعمار غاشم همه القضاء على تقاليد الشعوب الدينية، وعلى لغاتهم وحيث إ نه لم يسبق لأحد من هؤلاء التدخل في سياسة ولم يسبق لأحدهم إصابة حد من حدود الله؛ فإني أسترحم لهم عطف جلالتكم الكريم بأمركم بعدم تسفير أحد منهم، قال: فذهب سماحته بالخطاب وسلمه لجلالة الملك وكلمه مشافهة في الموضوع، فأستدعى جلالته أحد أفراد مكتبه، قال: اذهب إلى القائمة بهذا المعروض، ثم ائتني حالا بالجواب، وقد كتب عليه: هل يوجد شنقيطي متدخل في سياسة؟ أو أصاب أحد منهم حدا من حدود الله؟
فجاء الرد: لا يوجد. فأرسل جلالته ـ عليه رحمة الله وأسكنه فسيح جناته ـ برقية تعميمية إلى مدير الأمن العام مفادها: الشناقطة إخوان الشيخ محمد الأمين لا تتعرضوا لهم ومن رغب منهم في الرعوية السعودية أعطوه بدون قيد ولا شرط.
مجالس مع فضيلة الشيخ محمد الأمين الجكني الشنقيطي ص75.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[29 Jun 2008, 12:13 ص]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «جواب الاعتراضات المصرية على الفتيا الحموية» ص44: ـ في كلامه على خبر الواحد الذي تلقته الأمة بالقبول وكونه يفيد العلم اليقيني عند جماهير العلماء ـ وقد ذكره أبو عمرو بن الصلاح وصححه ولكنه لم يعرف مذاهب الناس فيه فيتقوى بها، وإنما قاله بموجب الحجة. وظن من اعترضه من المشايخ الذين فيهم علم ودين وليس لهم بهذا الباب خبرة تامة، لكنهم يرجعون إلى ما يجدونه في مختصر أبي عمرو بن الحاجب ونحوه من مختصر أبي الحسن الآمدي والمحصل ونحوه من كلام أبي عبد الله الرازي وأمثاله، وظنوا أن الذي قاله أبو عمرو في جمهور أحاديث الصحيحين قول انفرد به عن الجمهور، وليس كذلك، وبل عامة أئمة الفقهاء وكثير م المتكلمين أو أكثرهم وجميع علماء الحديث على ما ذكره الشيخ أبو عمرو.
وليس كل من وجد العلم قدر على التعبير عنه والاحتجاج له، فالعلم شيء، وبيانه شيء آخر، والمناظرة عنه وإقامة دليله شيء ثالث، والجواب عن حجة مخالفه شيء رابع. اهـ
كنت أقرأ الكتاب على الشيخ البراك ـ حفظه الله ـ فلما بلغت هذا أعجبه واستحسنه وأمرني بإعادته، وقال: «ضعه بين قوسين» ثم قال بعد سكتة وتأمل: لا يكاد يوجد من يجمع هذا على العموم!
ـ[جمال القرش]ــــــــ[29 Jun 2008, 05:08 ص]ـ
فضيلة الشيخ / عبد الرحمن السديس - حفظه الله - جزاك الله خيرا على هذا الجهد المبارك، والفوائد القيمة
اقتراح يسير /
لا شك أن كل مقالة تعنى وقفة ومغزى، وفائدة ترغبون في غرسها، وإفادة الناس بها فهلا ذكرتم في بداية المقالة متكرمًا (عنوانا لها)، أو عبارة لطيفة يستفيد القارئ، وهي تفيد كذلك الباحث في موضوع معين بسرعة الوصول للفائدة.
أسأل الله عز وجل أن يسد قلمك ولسانك لما يحبه ويرضاه
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[08 Jul 2008, 12:15 ص]ـ
الأخ الشيخ الفاضل جمال وفقه الله لكل خير
بارك الله فيكم على كلماتكم ودعواتكم الطيبة، وأشكركم على هذا الاقتراح الذي لا شك في حسنه وفائدته، وقد سبق إلى نحوه الشيخ مساعد في بداية الموضوع، ولا شك أن انتقاء عنوان يدل على مضمون المشاركة التي قد تحمل عدة معان وصياغته = يحتاج إلى إعمال فكر وتأمل، وهذا قد يسبب لي فتورا في نقل ما عندي مما أتثاقل أحيانا عن نقله مجردا، وأسأل الله أن ييسر ذلك إن نشطت لجمعها وطباعتها.
¥